لم يساهم موقع إقليم فكيك الاستراتيجي جغرافيا في حركة اقتصادية ملموسة تحقق نهضة اجتماعية للمنطقة الشرقية، وزاد إغلاق الحدود المغربية-الجزائرية الوضع تأزما، حيث ساد الكساد في جميع الميادين، مع غياب سياسة اقتصادية بديلة تقوي الرأسمال البشري وتضمن استثمارات اقتصادية تحقق رفاه المنطقة، استثمارات منتجة بالدرجة الأولى، وفي الوقت نفسه مساهمة في حركية اقتصادية غابت دواليبها أو غُيبت لحدّ الآن، مخلفة فوارق في المستوى المعيشي، وارتفاع نسبة البطالة خصوصا بين صفوف الشباب، مما يجعل إقليم فكيك أكثر الأقاليم عرضة للهشاشة. هذا الوضع نتجت عنه حالات أضرت بالوطن والوطنية كواقع معاش لدى بعض المتذبذبين فكريا واجتماعيا، واقعا خلق نمطا مفردنا داخل بعض التجمعات غير الواحية وداخل بعض المجالات الحضرية كبوعرفة وبوعنان. هذا الوضع الهش، ساعد على خلق جمعيات لاترضى بديلا عن خلق الأزمات وتفريخها في كل وقت وحين. في ظل هذه الأوضاع، ويغذي هذا الشعور اللامسؤول بعض ممثلي السلطة والأمن، كما وقع في الأحداث المؤلمة بعين الشعير في يناير، وفي 16 فبراير سنة 2007. شباب عاطل تتفاقم محنة الجمعية الوطنية لحاملي الشهادات المعطلين مع التشغيل يوما بعد يوم بإقليم فكيك، في ظل وجود آذان صمّاء لا تسمع أنين ولا صرخات وزفرات وآهات منخرطيها المتواصلة بحناجر مبحوحة، ضاقت معها الجمعية درعا بالتسويفات المسترسلة والوعود العرقوبية، وبالتالي مواصلة ملفها المطلبي، مع غياب فعلي لملامسة هموم هؤلاء المعطلين والاكتراث بوجودهم. يعيش أعضاء الجمعية الوطنية لحاملي الشهادات المعطلين بجمع فروعها بإقليم فكيك الانتظار القاتل، والسلطة المحلية ومعها الإقليمية تترك الحبل على الغارب، إلى أن تفجّر الوضع ولم يعد قابلا للتراجع مع استمرار الأزمة والتصعيد المكثف لكل أشكال الاحتجاجات ومعها التدخلات العنيفة للأجهزة الأمنية في حق المحتجين، مما خلق جوا من الاحتقان، أدى أخيرا بمسؤولي فروع التنسيق الإقليمي للجمعية السالفة الذكر إلى إصدار بيان أكدوا فيه عزمهم على الإضراب عن الطعام، وتنظيم مسيرة للنزوح إلى الجزائر، انطلاقا من بوعرفة نحو فكيك (106 كلم) شرقا على بعد 4 كلم من الحدود. مسيرة نحو الجزائر ابتداء من الساعة 2 بعد الزوال من يوم الجمعة 2010/4/9، تجمع ما يقارب 40 شخصا من أعضاء الجمعية المذكورة. وفي جو مشحون، انطلقت المسيرة، يراقبها من بعيد ممثلو السلطات المحلية والدرك الملكي، والقوات المساعدة، والأمن، والمحافظة على التراب الوطني، والوقاية المدنية. وبعد ساعتين ونصف من انطلاقها، كانت على امتداد 13 كلم وكانت الفلول الأخيرة لها تذيلها العناصر النسوية... وبخصوص أسئلة موجهة لمنسق المسيرة، عن دوافع المسيرة، وملاءمة المحطة لها، وضالة المشاركين فيها بالبلد المراد النزوح إليه، جاءت الإجابات في عجلة وبغير انتظام، نظرا للمخزون الدفين من المعاناة، وكانت كالتالي: تقدمت المجموعة بمطالب في إطار ملف مطلبي يتضمن نقطا حيوية ملخصة فيما يلي: «- استنكارنا استخفاف الجهات المسؤولة، والتنصل والمراوغة فيما يخص الجلوس على مائدة الحوار. - فتح حوار جاد ومسؤول وبناء مع السلطات الإقليمية. - رفض المباراة المزمع إجراؤها لتوظيفات جديدة ببني تدجيت. - تخصيص نسبة حصيص للجمعية (كوطا).». استمرت المسيرة حتى الساعة الأولى من صبيحة يوم السبت، حيث عاد المشاركون فيها، على متن حافلة، مع وعود بفتح حوار مع الجهات المعنية، وتساؤلات المجتمع المدني ما انفكت تزداد... ليس للوطن بديل... انطلقت احتجاجات الإقليم وسكان بوعرفة وبوعنان منذ ال 9 من شهر أبريل 2010، حيث دشنت بمسيرة إحدى الجمعيات صوب جهة الشرق في اتجاه الجزائر عبر فكيك. ومؤخرا، جهة الجنوب الشرقي عبر بوعنان وعين الشواطر، مطالبة في البداية باللجوء الاختياري، ثم الزحف لتختتم المحطة باستنكارات السكان بكل قوة في بوعنان. وفي المقابل، هناك جمعيات أخرى لم ترض عن الوطن بديلا كجمعية المجازين المعطلين في كل من بوعرفة وتندرارة، حيث يصر أعضاؤها على الاحتجاج بالأنماط المتعارف عليها داخل الوطن. وتجدر الإشارة إلى أنه ألقي القبض على ممثلي المعنيين بهذه المسيرة ببوعنان وسلموا لقوات الدرك الملكي ببوعرفة، حيث حررت لهم محاضر وأطلق سراحهم، لتستمع لهم المحكمة منتصف هذا الشهر. نسبت إليهم تهم مختلفة ومتنوعة، وتم تأجيلها إلى جلسة 2010/6/29، لتعاود المحكمة التأجيل إلى جلسة 14 يوليوز 2010. وألقي القبض على عنصرين من بلدة تالسينت، وأخذت أقوالهما من طرف الدرك الملكي بتالسينت، متهمين بتنظيم تجمعات غير مرخصة وترديد شعارات، لتستمع المحكمة لهما في جلسة 2010/6/29. وقد أعيد ترتيب التهم المنسوبة، وتأجيل القضية إلى 28 شتنبر القادم. احتجاجات متتالية وللتذكير، فقد سبق للمنطقة أن عرفت موجة احتجاجية من قبل، تذكرنا بأحداث عين الشعير ونزوح بعض أبنائها إلى الجزائر، وهم يعلمون علم اليقين أن الأوضاع بهذا البلد الشقيق ليس على الصورة المرجوة، مما يستدعي انتباه المسؤولين على الصعيد الإقليمي والوطني إلى التهميش والمعاناة اللذين تعرفهما المنطقة، وهو ما يستوجب أيضا التعامل مع مشاكل الإقليم بجدية ومسؤولية وأخذها بعين الاعتبار.