ترادفت الوفيات بقسم الولادة في مستشفى محمد الخامس بآسفي.. فبشكل مروع انضافت ضحية أخرى إلى لائحة الضحايا اللواتي خرجن جثتا هامدة وليصل الرقم إلى 27 حالة وفاة بهذا القسم في ظرف سنة ونصف و الذي أصبحت العوائل تهرب منه مخافة أن يعوضوا لهم زغرودة الفرح بنحيب الجنائز و البكاء . قسم الولادة المذكور بات عبارة عن مقبرة متحركة لا تنتج سوى المآسي و الدماء المهدورة . مسؤولو المستشفى .. لم يزعجهم ما يحدث، ولم يعمدوا إلى فتح تحقيق عميق للوقوف على أسباب الوفيات المتوالية ، و مسؤولية كل طرف فيما يقع. الوزارة أيضا ، لم يحرك القيمون على أمرها أدنى ساكن ، ولم يطرحوا السؤال البسيط . لماذا تموت النساء بهذا الشكل الرخيص؟ و لماذا يفجع الأزواج في نسائهم و زوجاتهم و حبهم ؟ الحالة الأخيرة لفتاة في مقتبل العمر أدخلت إلى هذا القسم ، لا تشكو إلا من آلام الوضع ووجعه ، تركت ليوم بكامله ، بعد الزوال قيل لزوجها .. «البركة فراسك» .. المرحومة لمياء و بحسب شهود عيان نزفت دما غزيرا من فمها و من رحمها و سقطت من أعلى السرير و لا أحد انتبه إليها أو أسعفها أو تدخل لإنقاذها .. سواء الممرضات أو الطبيب المسؤول .. امرأة كانت ترقد بجانب لمياء ، خرجت مهرولة في اتجاه الباب ، تصيح ..«اللهم نموت في داري و لا نموت في الصبيطار مع هاذوا ..» . حدث كل هذا .. و «الفرمليات» في حالة استرخاء يتناولن وجبة الغذاء حسب نفس الشهود الذين التقتهم الجريدة . زوج الضحية الأخيرة لدى زيارته لمكتب الجريدة، كان في حالة يرثى لها . بحري بسيط يقاتل من أجل خبز أولاده ، أجهزوا على روح زوجته وتركوا له صغيرا لا يتعدى عمره العامان .. كلماته متقطعة .. حشرجة في صدره .. دموع تكاد تنسكب من عينيه الوالغتين في حزن عميق .. طالب المسؤولين من خلال الجريدة .. بمعاقبة و كشف سر الموت الذي لم يرد مغادرة هذا القسم منذ سنة . في حالة سابقة ، و عوض أن ينكب مسؤولو المستشفى على أسباب وفاة المرحومة كنزاز ، انخرطوا في البحث عن شماعة يلصقون بها أخطاء هذا القسم ، و بطريقة سياسوية مفضوحة هاجموا الدم و اتهموا مركز تحاقن الدم ، في حين أن المشكل حسب العديد من المختصين يرقد في قسم الولادة و طرائق اشتغاله و تدبيره. السؤال المطروح .. نحن إزاء أكثر من عشرين وفاة هذا الموسم .. لماذا تموت النساء، و المستشفى مجهز بأحدث الأجهزة ؟! هل الأمر يعود إلى غياب الكفاءة ؟ هل يعود إلى اللامبالاة ؟ هل يتعلق بسلوك صاحبات الوزرة البيضاء أي ملائكة الرحمة ؟ لابد اليوم و أمام تواتر حالات الوفيات أن تتحرك الوزارة لتحسم في هذه المجازر الآدمية و تبحث في أسباب هذه الأخطاء المهنية ، لأن القضية باتت مرتبطة بأرواح الناس، و لم تعد مرتبطة بحالة أو حالتين. لابد من تدخل حكومي في هذا الملف ، و إلا سيعتبر المواطنون أن بناتهم و أزواجهم يوجدن في آخر لائحة الأولويات لدى وزارة الصحة .