في نفس اليوم ، و من بين آلاف القصاصات التي تبثها و كالات الأنباء، استوقفتني قصاصتان لوكالة فرانس بريس؛ الأولى عبارة عن تحقيق حول «عالم الطائرات بلا طيار» الإسرائيلية و الثانية حول «حرب الفتاوى المحتدمة في السعودية». و أنا أقرأ القصاصة الأولى حول النجاحات الكبرى لإسرائيل في إنتاج أنواع متعددة من الطائرات بدون طيار، قادرة على التحليق لمدد طويلة و على ارتفاعات عالية، مع قيامها بالتجسس و الاستطلاع أو الإغارة و الاغتيال، انتابني شعور بالضآلة و الضَّعَة لوضعنا العربي العاجز عن تحقيق عشر معشار ما حققته إسرائيل. و ازداد هذا الشعور بالقهر، حين علمت -من خلال القصاصة- أن إسرائيل لم تدخل هذا المجال -الذي أصبحت رائدة عالمية فيه و أول مُصَدِّرٍ لهذا الطراز من الطائرات- إلا في عام 1975 مستفيدة من هزيمتها في أكتوبر 1973 و عدم قدرة طائراتها الحربية آنذاك على اجتياز حواجز صواريخ «سام» السوفياتية المضادة للطائرات التي نصبتها كل من مصر و سوريا. و تساءلت في سري، ماذا لو استفاد العرب بدورهم من هزائمهم الكثيرة و قرروا دراسة أسبابها و عملوا -كما إسرائيل- على تجاوزها. و كِدت ألِجُ عالم الأحلام حين نقرت على الحاسوب و اكتشفت القصاصة الثانية لوكالة فرانس بريس حول السعودية ،أغنى الدول العربية و من أكثر أقطار العالم ثراء. فقد قرأت في هذه القصاصة أن المعركة محتدمة في السعودية بين «العلماء» (لا تقصد علماء الطاقة والإلكترونيك) حول الفتاوى الدينية و حول من له حق إصدارها و تنظيم إطلاقها حتى لا تكون هناك «فوضى». و رغم سخافة هذا الصراع إلا أني واصلت القراءة لكي أكتشف سخافة موضوع الصراع الذي بدأ بإصدار رجل دين معروف و «متنور» هو الشيخ عادل الكلباني فتوى قال فيها أن «ليس في الإسلام ما يحرم الغناء مع موسيقى أو بدونها» بل مضى قائلا أنه حتى «أغاني نانسي عجرم (و هي بالمناسبة تتمتع بإشعاع لا يُضاهى في السعودية) من الممكن سماعها إذا كانت ذات كلمات هادفة» و إلى جانب هذه المعركة -و كأن واحدة لا تكفي- هناك موضوع خلاف آخر حول «تحليل إرضاع الكبير» أي «جواز إرضاع المرأة للرجل البالغ إذا أرادت أن تختلط به في الحلال» كما أفتى بذلك الشيخ عبد المحسن العبيكان... ياللتخلف!!! حينها توقفت عن الحلم و علمت-علم يقين- لماذا تخلفنا و تقدم غيرنا، و لماذا لا زلنا نوغل في التخلف في وقت يكسر أعداؤنا جدران المستقبل كل يوم.