تساقطات ثلجية وأمطار قوية بالريف اليوم الأحد    توضيح بشأن عاصفة جانا    المحامي البعمري: إعادة جثمان الشاب الجزائري في أقرب وقت واجب إنساني    المغرب وإعادة تشكيل التوازنات الجيوسياسية والاقتصادية في إفريقيا    السفير الأمريكي الجديد في المغرب.. على خطى جده السفير السابق لواشنطن في الرباط بين عامي 1979 و1981    فوز الجيش وتعادل "الماص" وطنجة    الجزائر بين فخاخ العسكر وإغراء واشنطن.. موارد البلاد على طاولة المساومات    البطولة.. الجيش الملكي يرتقي إلى الوصافة عقب انتصاره على نهضة الزمامرة اتحاد طنجة يعود بنقطة من فاس    جلالة الملك محمد السادس يبعث برقية تعزية ومواساة إلى أسرة الفنانة الراحلة نعيمة سميح    الدكتورة سارة هند جعفر: 8 مارس يوم للاعتراف بريادة المرأة وفرصة للتذكير بحقوقها المسلوبة    إيران ترفض دعوات أمريكية للتفاوض    الأمن الوطني يوقف ستة أشخاص بتهمة التحضير لتهريب دولي للمخدرات    "حماس" تتفاءل باستمرار الهدنة    بنهاشم يوضح سبب مغادرة الزمامرة    مسؤول أممي: المغرب أصبح وجهة متميزة للمستثمرين في القطاع السياحي    توقيف مهربين للشيرا بالناظور    إنذار أحمر: أمواج عاتية تهدد السواحل الأطلسية المغربية    الملك: رحيل سميح "خسارة فنية"    تشييع جنازة الفنانة نعيمة سميح بمقبرة سيدي امحمد ببنسليمان    تخصيص أكثر من 3,27 مليار درهم لرفع الطاقة الاستيعابية لمطار طنجة إلى 7 ملايين مسافر    تأجيل مباراة برشلونة وأوساسونا بعد وفاة طبيب النادي الكاتالوني    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    الجمعيات الكشفية الفرنسية بالمغرب في ظل الاستعمار ونشأة الحركة الكشفية المغربية    سميرة سعيد تنعى رفيقة الطفولة نعيمة سميح بكلمات مؤثرة    توقيع اتفاقية لتنفيذ البرنامج الوطني لتكوين الأطفال في المجال الرقمي والذكاء الاصطناعي    النساء بجهة الشمال يمثلن ما يقرب من ثلث اليد العاملة الدائمة في المؤسسات الربحية    الصويرة.. الأمطار تتسبب في انقلاب حافلة لنقل المسافرين (فيديو)    تسجيل أزيد من 24 ألف إصابة بجدري القردة بإفريقيا منذ مطلع 2025    تساقطات ثلجية وأمطار قوية وهبات رياح قوية مرتقبة من السبت إلى الاثنين بعدد من مناطق المغرب    وزير الخارجية الصيني: الصين تسعى إلى تقديم عوامل اليقين لعالم مليء بعدم اليقين    دوق بوكان الثالث سفيرًا جديدًا للولايات المتحدة في المغرب.. أهمية المملكة في الاستراتيجية الدبلوماسية الأمريكية    اليوم العالمي للمرأة.. إسرائيل قتلت 24 صحفية خلال الحرب على غزة    خلال اجتماع استثنائي بجدة... منظمة التعاون الإسلامي تقرر استئناف عضوية سوريا في المنظمة    رحيل أيقونة الطرب المغربي نعيمة سميح عن عمر 71 عاما    ترامب يعين ديوك بوكان الثالث سفيرا للولايات المتحدة بالمغرب    ترامب: الخلاف مع كندا والمكسيك سيجعل مونديال 2026 "أكثر إثارة"    جمال حركاس يجدّد عقده مع الوداد    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    الفنانة المغربية نعيمة سميح في ذمة الله    نعيمة سميح في ذمة الله    عمرة رمضان 2025: الموسم الذهبي لوكالات الأسفار    قائمة أسود الأطلس النهائية التي قد يختارها المدرب وليد الركراكي    رحيل أيقونة الطرب المغربي نعيمة سميح عن عمر 73 سنة    الفنانة نعيمة سميح في ذمة الله    مكتب الحبوب يدعم الموردين ب14.77 درهم للقنطار    النجم المغربي لامين يامال يثير اهتمام وسائل الإعلام حول توفيقه بين الصيام والتداريب    الصين تفرض رسوما إضافية على المنتجات الفلاحية والغذائية الكندية    تسرب الغاز قبالة سواحل السنغال وموريتانيا.. "غرينبيس إفريقيا" تحذر من الأثر البيئي    الكلايبي: لا نية لبيع مركب محمد الخامس وأولويتنا تأهيل البنية التحتية الرياضية    أفضل النصائح لخسارة الوزن    عمرو خالد: هذه ملامح استراتيجية نبوية ناجعة للتعامل مع تقلبات الحياة    اضطراب الشراهة عند تناول الطعام: المرض النفسي الذي يحوله تجار المكملات الغذائية إلى سوق استهلاكي    مقاصد الصيام.. من تحقيق التقوى إلى بناء التوازن الروحي والاجتماعي    فصل تلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان    السمنة تهدد صحة المغاربة .. أرقام مقلقة ودعوات إلى إجراءات عاجلة    خبير يدعو إلى ضرورة أخذ الفئات المستهدفة للتلقيح تجنبا لعودة "بوحمرون"    عمرو خالد: 3 أمراض قلبية تمنع الهداية.. و3 صفات لرفقة النبي بالجنة    في حضرة سيدنا رمضان.. هل يجوز صيام المسلم بنية التوبة عن ذنب اقترفه؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى لاننساهم : الشريف لمراني
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 03 - 07 - 2010

القلب الكبير والصدر الرحب : عبد المجيد مشفق (مجموعة السهام)
احتفاء بجزء من ذاكرتنا الثقافية المشتركة ، واستحضارا لعطاءات مبدعينا وإسهامهم في إثراء رصيدنا الابداعي الوطني والعربي ، نستعيد ، في هذه الزاوية ، أسماء مغربية رحلت عنا ماديا وجسديا ، لكنها لاتزال تترسخ بيننا كعنوان للإبداعية المغربية ، وللكتابة والفن المفتوحين على الحياة والمستقبل.
لم يكن لمراني الشريف سوى ذلك الفنان العميق الإحساس المتعدد الاختصاصات، المتحدي لكل شيء مهما كان شكله أو وزنه، التقيته صدفة في ربيع 1978، أخبرته أني أعرفه جيداً، وبأني من المهووسين بهذا اللون الغنائي، وبأني أشتغل ضمن مجموعة اسمها السهام، آمل أن يسمعها الجمهور.
بقلب كبير وصدر رحب وبلسان تغلب فرنسيته على عربيته، أجابني: إذن سنرى! وضربنا موعداً بعد أسبوع، علمت في نهايته أنه مسافر خارج المغرب. اتصلت به فور عودته، فأعطاني موعداً في اليوم الموالي، انتظرته غير بعيد من قيسارية الحي المحمدي قبل الغروب، التقينا وفي منزلنا وبحضور والدي، استمع إلينا فكان أول لقاء. لقد كان الشريف يحمل في عقله ويديه تجربة كبيرة لا في الموسيقى خصوصا الغربية، والتي كان متخصصا فيها ويتقنها كثيراً، والاستوديوهات والترتيب والتوزيع، ولكن كانت له يدان من ذهب، ضاهى بهما ما يصنعه الحاسوب اليوم في الرسم الكرافيكي، ومازالت أعماله شاهدة له على ذلك، سواء في الملصقات الإشهارية أو الفنية وتفننه في الصور المرافقة للأشرطة، بل يعتبر المرحوم من أمهر صانعي آلة الموندولين على الإطلاق. فقد صنع بيديه آلته، وتفنن في إتقانها. كما صمم لباس لمشاهب المشهور.
فبخلاف ما يقوله البعض، لم يكن الشريف يلقن العزف ولا أصول النقر عليها لأحد، ولكنه كان أكبر من ذلك، فقد كان مدرسة متشعبة الأقسام والفروع. إذ يمكنك أن تتعلم معه كيف تصبح فنانا متكاملا. لم يكن يرضى بالقليل وكان طموحه أكبر من إمكانياته المادية، رغم ذلك كان يعشق المغامرة والتحدي. فالفنان الحقيقي في نظره لا يهاب أي شيء وبإمكانه تحقيق كل شيء. لم يكن يبخل بتجاربه على أحد وبإمكانك أن تتعرف معه على العشرات يوميا، يقدمك لهم ويوصيهم خيراً بك وشعاره دائماً أن الفن كالهواء مشاع بين الجميع. كانت للمرحوم ميزة خاصة داخل استوديوهات التسجيل، فقد كان مولعا بتقنيات الصوت والمزج حتى يخيل إليك أنك تحاور تقنيا متمرسا لا فنانا موسيقيا، وبالفعل، فقد اشتغل مدة طويلة بأحد الاستوديوهات بالدار البيضاء كتقني للصوت. ولا أنسى ونحن بهذا الصدد، أنه حضر تسجيل أول شريط للمجموعة سنة 1979 وأشرف بنفسه رفقة المرحوم بوعزة الحيمر على ضبط الصوت وتصحيحه. وقد كان حضوره حينئذ دعما قويا لنا. وبعد الانتهاء من التسجيل واقتناعه بنجاحه عبر عن فرحته، فرحة الفنان العبقري الذي تتحرك أحاسيسه لكل شيء جميل وقال رحمه الله: لو لم أتوسم فيكم الخير لما رافقتكم كل هذه المدة، فحذار من الغرور «وكونو رجال يقدر شي نهار نخدمو جميع». وقد رددها رحمة الله عليه غير ما مرة. بالمقابل، كنت لا أريد ذلك فلا يمكن أن تستمر مجموعة السهام على حساب مجموعة المشاهب، بالتالي فظروف الدراسة لم تكن تسمح لنا بالمغامرة مبكراً في عالم الاحتراف. وبصدور الشريط، ظهرت أمور ومستجدات أحمد الله أنها ذابت مع الزمن وطواها النسيان لم تكن لتفسد للود قضية، كان ذلك في نهاية سنة 1979. لقد كان الشريف واعياً بأن كثرة المجموعات سيخدم مصالحها الفنية وسيزيد من عمرها، وإن قلتها ستعجل بزوالها وسط زخم ألوان وموجات ستكتسح السوق الفنية وتلعب بمنتجيها، غير أن أطرافا أخرى كانت تعارض ذلك.
لقد كان رحمة الله عليه قويا بإرادته وأفكاره وأصابعه، صريحاً، تختلط عليه فرنسيته بعربيته عندما يكون غاضباً. لم يكن مرتاحاً في هذا الوسط حين أرهقته مشاكل الفن والحياة، كان حلمه كبيراً أضاع من أجله الوقت والراحة والمال، فكان دائم التنقل بين المغرب وفرنسا مروراً بتونس ثم ليبيا، لكن الطير الجريح لم يهدأ له بال إلا بالعيش في أحضان وطنه، وطن مازال يتذكره فيه المحبون ويسأل عنه الأصدقاء. وعندما حط الرحال وبدأ في نقش تجربة جديدة على صدر هذا الزمن، فاجأه المرض الذي لم يكن في الحسبان، وكان الأمل أن نراه مرات ومرات يحمل على كتفيه الموندولين ويعزف تحديه للمحن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.