إذا كان الفؤاد ينبوعاً آيلا للتَّفَتُّق بزُلال الكَلِمِ الشعري، فلا يمكن أن ينطفر من شفيره السحيق والموصول بمضخَّة القلب، إلا بشهادات وارفة يكاد حبرها يستذيب هتوناً من فرط حرارة الحب الذي تكنه للإعلامي والأديب الأريب الأستاذ عبدالجبار السحيمي شافاه الله وعافاه؛ وقد ذابت حقاً تلكم الشهادات الصادقة، حتى غدت نبضاً متدفقاً بالمحبَّة في وريد مبدع »الممكن من المستحيل«، وساطعاً في وجنتيه بفوانيس الخفر الحيي والموَقَّر هو الهارب دائما بتعبيره من مكر المناسبة وشركها.. هذه الشهادات الألمعية التي نرصعها اليوم في جيد (العلم)، هي مقتطفات شذرية فقط، من كلمات في سعة القلب، دالة ومضيئة، لتجربة الشغف الإعلامي والأدبي للأستاذ عبدالجبار السحيمي، قيلت احتفاء به في الدورة الخامسة من جائزة فاس للإعلام والإبداع، ولم تكن لتنثر على مسامع عبدالجبار، دون أن تحرك في جوانيته المرهفة والموتورة، بضعة ألغام فصيحة من عيار »بخطِّ اليد« حيث قال: »... بين يدي سقطت الكثيرمن الأنصاب التماثيل، وأمام عيني تهاوت قيم، ولحق المسخ الكثير من المبادئ التي تغنينا بها. وليست ولسنا منهزمين، لكننا وقد ضيعنا الممكن، فقدنا القدرة على مطاولة المستحيل، وانطفأت فينا العواطف الجميلة، وارتددنا إلى وعي شقي..« إلى أن يصل بخط يده إلى البوح: »هكذا اخترت الغياب، وأسقطت الأسئلة، وإن لم أصل إلى حد أن أرفع شعار: »الكل باطل وقبض ريح«. تحت وطأة الكثير من هذه التهويمات، أخافني شرك التكريم، كأنني انخرطت، ولو بجزء مني، في العدمية الإيجابية التي لا تقتل ولاتحيي..«. ومازال لخط يد عبدالجبار السحيمي شافاه الله، امتداد ليس فقط في بياض الورقة، ولكن في ذاكرتنا الثقافية المغربية ما لم تمحقها الفراغات..