استطاع البرنامج الشهري التي تبثه القناة الثانية، ويقدمه الصحفي ادريس بناني أن يجد له مكانا في خارطة البرامج التي تستقطب اهتمام المشاهدين، البرنامج الحواري الجديد، والذي يبث بشكل مباشر آخر كل أربعاء من كل شهر، ينبني في فكرته على طرح القضايا الساخنة والمتنوعة، والمواضيع الآنية في شتى المجالات... كما يجيب بالصوت والصورة عن أسئلة وانشغالات المواطنين التي تستأثر باهتمامهم. المتتبع لحلقات برنامج نقط على الحروف يتأكد بأن البرنامج يستمد قوته ونجاحه من طبيعته. ومن الفكرة التي تحكمت في إخراجه الى حيز الوجود، فأول انطباع يرسخ في ذهن المتلقي أو المشاهد، هو أن محاور البرنامج يتم الإعداد لها بشكل مهني وبمسؤولية. فمعد البرنامج ادريس بناني كما يظهر ذلك جليا من خلال العمر الزمني للبرنامج، أنه ليست هناك بياضات أو ارتجالية في تناول موضوع الحلقة، بقدر ما هناك استعداد جيد، واشتغال المقدم على خارطة طريق واضحة، مما أعطى نفساً وإضافة للقناة الثانية. فالصحفي بناني والطاقم المشرف على البرنامج في شموليته يتحكمون في مسار الحلقات التي تمت لحد الآن، ابتداء من الحلقة الأولى التي تمت فيها استضافة عبد الإله بنكيران حيث تم بسط كل الانشغالات التي يطرحها ليس المتتبع لمسار العدالة والتنمية، بل حتى المواطن العادي، مما يجعل المتلقي يخرج بالعديد من الإضاءات حول العتمات الممكنة. في ذات السياق، يتم دعوة لمحاورة الضيف من يكونون على موقع النقيض لإعطاء دينامية وحرارة للبرنامج، أو في الحلقة التي استضيف فيها وزير الشباب والرياضة منصف بلخياط، حيث كانت الدعوة من أجل تسليط الضوء على كل هذا «اللغط» الذي أثاره الوزير، من خلال القرارات التي كان قد اتخذها والرامية إلى تفويت العديد من العقارات التابعة لهذه الوزارة، مما جعل المجتمع المدني والجمعيات المشتغلة في حقل الطفولة والشباب تنتفض قرارات الوزير. في هذه الحلقة أيضاً، استطاع البرنامج من خلال الأسئلة العميقة والملاحظات الدقيقة، وحتى من خلال طبيعة المحاورين الذين استدعوا لمحاورة الوزير في قراراته، أن يخرج المتلقي بخلاصة واضحة تتناقض كلياً مع قرارات الوزير. وانتهاء بآخر حلقة التي دعي إليها الأمين العام الجديد لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله، وقبله تم تداول حرية الصحافة والمبادرة التي اتخذت في هذا المجال بمبادرة من العديد من الفرق البرلمانية، إلى غير ذلك من المواضيع التي تستأثر باهتمام المواطنين.. هناك ثلاثة مستويات يمكن أن نحصرها كقوة وإضاءات في هذا البرنامج الحواري. هذه المستويات الثلاثة، كلها تخلق التفاعل مع المتلقي، فأول مستوى يتجسد من خلال «البلاطو» الذي يضم الصنف والمشاركين في هذا البرنامج. أما المستوى الثاني، فيكمن في كون الصحفي ادريس بناني يقحم مشاركين في إغناء نقاش موضوع الحلقة من خارج الأستوديو، حيث يبسطون آراءهم وملاحظاتهم، من غير أن يكونوا قد استمعوا الى ما جاء على لسان الضيف، أما المستوى الثالث، يتحقق من خلال تفاعل الجمهور من داخل الاستوديو. في الأخير، يبقى برنامج نقط على الحروف برنامج يستحق المشاهدة، كما يدعو الآخرين المشتغلين في نفس الحقل الاجتهاد، من أجل خلق تراكم حقيقي على هذا المستوى، حتى يتمكن إعلامنا الرسمي من استقطاب المشاهد المغربي بالدرجة الأولى، إن لم نقل المشهد العربي الذي يبقى طموحاً مشروعاً، في ظل المنافسة الشرسة في هذا الميدان. بعيداً عن أي مجاملة، يبقى هذا البرنامج كوة ضوء حقيقية إلى جانب برامج أخرى لا تتعدى نصف اليد الواحدة، نطل من خلالها على انشغالات وأسئلة المواطن، التي كثيراً ما تكون محرقة، وفي حاجة إلى من يسلط عليها الضوء من أجل تحصينه وتمنيعه (من المناعة من كل المواضيع السطحية والساذجة أحيانا، والتي تنشر اليأس والتيئيس والمغالطات أيضاً صباح مساء).