يعيش أكثر من 350 تاجرا بسوق القريعة للخشب أزمة نفسية ومادية يومية، في ظل «خطر» الحرمان من مصدر رزقهم ، في وقت لعب فيه هذا السوق دورا أساسيا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمدينة الدارالبيضاء، لما يفوق 4 عقود! أنشئ سوق الخشب في بداية الأربعينيات بالأحباس، كما جاء على لسان أحد أعضاء جمعية «التضامن لسوق الخشب الحبوس القريعة » في حديثه ل «الاتحاد الاشتراكي»، في عهد المغفور له محمد الخامس، حيث كان التجار يمارسون تجارتهم في أمان بجوار القصر الملكي ويؤدون واجباتهم الضريبية والكرائية إلى غاية بداية الثمانينيات من القرن الماضي، إذ يضيف المتحدث وبأوامر من الملك الراحل الحسن الثاني ، وفي إطار بناء مشور، وقاعة للمؤتمرات بالقصر الملكي، أقدمت السلطات العمومية ، في شخص عمالة الدارالبيضاء آنفا، على ترحيل بائعي الخشب والحديد بسوق الأحباس، إلى القطعتين الأرضيتين الكائنتين بزاوية طريق مديونة سابقا (شارع محمد السادس حاليا) والطريق السيار. القطعة الأولى تبلغ مساحتها 6350 م مربع رسمها العقاري 41662/س. القطعة الثانية مساحتها 18950 م مربع رسمها العقاري 5386/س». ويؤكد ممثل الجمعية أنه تم استقبال وفد ينوب عن التجار المرحلين من طرف الكتابة الخاصة للقصر الملكي نقلت لهم رسالة شفوية من الملك الراحل الحسن الثاني أعرب فيها عن عطفه ورضاه وأبلغهم أن حقوقهم محفوظة . وتجاوب التجار مع القرار الملكي بروح وطنية عالية. بعد ذلك عمد المستفيدون إلى تشييد محلات تجارية وحرفية وسكنية بالإسمنت والحديد وتم ربطها بشبكة الماء والكهرباء والتطهير، على نفقتهم الخاصة وتحت إشراف المصالح التابعة لكل من عمالة الدارالبيضاء آنفا والجماعة الحضرية الفداء. كما أعطيت لهم وعود شفوية بأن السلطات المعنية ستتخذ القرار النهائي بشأن تحديد سومة كرائية أو ثمن تشجيعي لامتلاك الأرض بعد الانتهاء من عمليات مساطر نزع الملكية التي شرعت في تطبيقها الجماعة، وتم إنشاء لجنة من الأملاك المخزنية ومصلحة التصميم بباشوية المشور والفداء قسم الجماعات المحلية قسم الإعداد الحضري ممثل الوكالة الحضرية، وعهد إليها تحديد ثمن الأرض واقتنائها ليتم بيعها للتجار (تتوفر الجريدة على نسخ من محاضر الجلسات التي عقدتها هذه اللجنة). في 9 يناير 1984 قررت اللجنة الإقليمية للتقييم بعد معاينتها للقطعتين الأرضيتين ، الموافقة على طلب الجماعة الحضرية الفداء باقتناء القطعتين قصد إيواء تجار سوق الخشب الموجودين سابقا بالأحباس، وحُدد ثمن إجمالي للبقعتين. مباشرة شرعت الجماعة الحضرية الفداء في استخلاص مبالغ نقدية شهرية من التجار والحرفيين مقابل وصولات مازالوا يحتفظون بها وذلك إلى غاية سنة 1995 حيث تم إيقاف مسطرة التمليك! يقول المتضررون، في هذا السياق، «إننا كتجار نتوفر على جميع الوثائق القانونية التي تربطنا بسوق القريعة الأحباس ، والذي يشغل أكثر من 2400 عامل بصفة مباشرة و1000 بصفة غير مباشرة، وقد تضررنا كثيرا من عدم تسوية وضعيتنا من طرف السلطات المعنية، علما بأنه تمت تسوية ملفات مرحلين مثلنا تم تعويضهم بملكية محلات تجارية بصفة نهائية. إننا نتساءل عن مصير نزع الملكية الذي وافق عليه مجلس الجماعة الحضرية بالإجماع؟». هذا ويؤكد أغلب التجار، الذين سبق لهم القيام بوقفة احتجاجية على إثر إفراغ أحد زملائهم تنفيذا لحكم صادر عن المحكمة ، على أن مصيرهم واحد، وبالتالي « لامجال لأي أحد للتحدث باسم السوق، فهناك جمعية تمثلنا جميعا، ونرفض أي حوار انفرادي مع المالكين الجدد، من قبل أي كان، تحت أي مسمى، كما هو شأن الحديث «عن التفاوض على التعويض وتبديل أرض توجد خارج المدار الحضري (بمنطقة الرحمة)»! خصوصا وأننا بعد استقبالنا من طرف والي جهة الدارالبيضاء خرجنا بنوع من الاطمئنان على مستقبلنا التجاري لما لمسناه من تفهم لوضعيتنا»! هذا وشدد أغلب التجار الذين تحدثوا للجريدة على «رفض أي تحريف لمسار الحوار مع السلطات» متسائلين عن مصيرهم ومصير المساطر التي اتخذت في بداية الثمانينات ومحاضر اللجنة التي بدأت في عملية تقييم نزع الملكية، «الذي مازلنا متمسكين به ونناشد السلطات المحلية المعنية العمل على تنفيذه وتنفيذ توصيات الملك الراحل»!