أغلب الذين قتلوا على متن السفينة مارمارا المشاركة ضمن أسطول الحرية قتلوا بدم بارد من طرف القوات الخاصة الاسرائيلية كما روى ذلك أحد الناجين من جحيم الموت، محمد اعمارة، النائب البرلماني وعضو مكتب مجلس النواب والذي أضاف «لم نصدق في أول الأمر، ولم نكن نتوقع حتى في أسوأ السيناريوهات أن يتم اطلاق الرصاص الحي بشكل مباشر في مناطق حساسة من أجساد المتضامنين، حيث أطلق الرصاص على الرؤوس والأوجه واستعملت القنابل لتفجير الأجساد البشرية العزلاء من كل سلاح. وحده سقوط ثلاثة ضحايا أتراك بدد اليقين بالشك. «الجيش الاسرائيلي يقتل فعلا وبدم بارد». حاول ركاب السفينة كما يروي عمارة النزول الى السطح في محاولة لتفادي الرصاص والموت. ولكن اسرائيل فضلت القتل على أسر المتضامين من جنسيات مختلفة، وتوالى القتل على ظهر السفينة وسقط القتلى الى أن بلغ العدد 19 قتيلا كلهم من الأتراك الذين كانوا مكلفين باللوجستيك الخاص بالقافلة وعددهم 70. مشاهد مؤلمة نقلها عمارة حيث شاهد عن قرب فقء عين برلماني جزائري كان قريبا منه وانفجار قنبلة في صدر تركي مسن لم يستطع الهرب فمات اختناقا. مشاهد الموت بدأت منذ الفجر حيث تهيأ الاسرائيليون جيدا وباعتماد آلية جهنمية في مواجهة سفينة معزولة تحمل بضعة أطنان مساعدات ورجالا ونساء من مختلف الجنسيات، وقفت بارجة حربية وستة زوارق حربية مجهزة بالمدفعية بالاضافة الى عدد من الحوامات، التي عملت على إنزال مظليين مدججين بالأسلحة الرشاشة، ينشرون الموت في كل اتجاه عبر السفينة. بعد السيطرة على السفينة عمل الاسرائيليون على شل حركة الركاب عبر توثيقهم بأصفاد وأيديهم الى الوراء وإرغامهم على الجلوس القرفصاء. فعمارة فرض عليه الجلوس في بركة ماء لمدة خمس ساعات، ومنع الجميع من الكلام وحتى قضاء الحاجة صار ممنوعا. كل شئ ممنوع سوى عربدة الجنود الاسرائيليين. فكل حركة تواجه بالسلاح. بعد ذلك يروي عمارة كيف فرض الاسرائيليون على ربان السفينة مارمارا التوجه الى ميناء أشدود، حيث فصل جديد من الإهانة وامتهان كرامة الانسان، فقد تعرض الركاب الخارجون من جحيم الموت للتو للاستنطاق من طرف 15 محققا. وكل واحد يطرح أسئلة بطريقته وباستهزاء من الجميع. قدم أحد الفلسطينيين عمارة على أنه دبلوماسي مغربي فما كان من المحقق إلا أن شد وثاقه بقوة. استمرت المعاناة لساعات تحت أشعة الشمس الحارقة، سلب خلالها المعتقلون جميع أمتعتهم بما فيها الهواتف النقالة والملابس وجميع الوثائق وحتى الأحذية سلبت منهم. وقيل للجميع إنهم سيستردون حاجاتهم لكن شيئا من ذلك لم يقع. فقد استولى الاسرائيليون على المتاع الخاص للناس ولم يعيدوه إليهم. بعد عمليات التحقيق «شحن» الجميع في سيارات كبيرة بداخلها أقفاص وظلوا لساعات مركونين فيها الى أن نقلوهم الى الأردن في حالة سيئة. مخاطبنا عمارة وحتى صبيحة أمس حين اتصلنا به، كان بأحد الفنادق في وضع وصفه بغير اللائق، وهو ما تعرض له بمعية 4 مغاربة آخرين كانوا على نفس الباخرة ومغربية مقيمة ببلجيكا . يختم عمارة حديثه الهاتفي إلينا بتأثر عميق، ف«ما عشناه يفقد الانسان توازنه» أمام هول ما رأى من ظلم وغطرسة والتعايش جنبا الى جنب مع الموت. و من جهته أكد حسن عبد الخالق سفير المغرب بالأردن أن خمسة من المغاربة الذين كانوا على متن اسطول الحرية الذي تعرض للهجوم من طرف القوات الإسرائيلية وصلوا أول أمس إلى الأردن برا ، مضيفا أن اثنين آخرين تم ترحيلهم جوا من إسرائيل إلى بلجيكا حيث يقطنان هناك وحاملين لجوازي سفر بلجيكيين . وأضاف السفير المغربي في اتصال مع جريدة الاتحاد الاشتراكي أن من بين المغاربة الذين حلوا بالأردن من تعرضوا للضرب والتنكيل من طرف الجنود الإسرائيليين وأن واحدا خضع للفحوصات والعلاج الضروري ، غير أن أوضاعهم الصحية عموما لا تدعو إلى القلق . وقد جرى استقبال المغاربة الذين حلوا بالأردن إلى جانب العشرات من المشاركين في عملية فك الحصار عن غزة في ظروف جيدة ،وذلك بتنسيق مع السلطات الأردنية التي قدمت لهم كامل المساعدات الضرورية بتعليمات من العاهل الأردني الملك عبد الله ، بما في ذلك ضمان عودتهم إلى بلدانهم الأصلية . وفي هذا الإطار أكد السفير المغربي في عمان أن المواطنين المغاربة سيعودون يومه الخميس إلى بلدهم بعد استكمال كافة الإجراءات .