«التغذية والطبيخ، ككل الأنشطة البشرية، أنشطة محملة بالدلالات، إنها إنتاج تاريخي ليس وليد الصدفة. ومن هنا، فاهتمام العلوم الاجتماعية المتزايد بها اليوم، على الخصوص، اعتراف بأهمية دراسة الممارسات الغذائية والمطبخية كوقائع اجتماعية، ثقافية وتاريخية شمولية.» هكذا يتحدث الدكتور محمد أبحلي للاتحاد الثقافي في الحوار الذي ننشره ضمن هذا العدد، ومحمد أبحلي، خريج مدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية بباريس (شعبة التاريخ والحضارة)، باحث متخصص في تاريخ التغذية والثقافات المادية في العالم العربي الإسلامي وفي حوض البحر المتوسط خلال العصرين الوسيط والحديث. وإذ يفتح «الاتحاد الثقافي» نافذة على التغذية والطبيخ، كسؤال ثقافي وأنثروبولوجي، فهو يتغيا بذلك مقاربة علامات استفهام حضارية أساسية تظل مغيبة من البحث والتنقيب العلميين، أو مهمشة لأن «الثقافة العالمة» تعتبرها مجرد ترف إثنوغرافي. وفي هذا الصدد، يشرح محمد أبحلي أن «المطبخ العربي -ومعه المغربي- لم يتحول إلى موضوع لبحث علمي منهجي جدي إلا عند بداية النصف الثاني من القرن الماضي عبر الإسهامات القيمة للباحث الفرنسي مكسيم رودنسون، التي دشنها عام 1949 ببحث قيم حول المصادر العربية في هذا المجال، نشر في مجلة الدراسات الإسلامية الفرنسية»، مضيفاأن البحوث المختصة في المجال تبقى نادرة نسبيا، خاصة المكتوبة منها بالعربية». يطرق «الاتحاد الثقافي» هذا الباب إذن، موجها عبر ذلك نداءا لكل الباحثين في المجالات الأنثروبولوجية والحضارية التي تظل مهمشة في الصحافة الثقافية، بهدف نشر مساهماتهم حتى تنعتق من رفوف المكتبات الجامعية والمختصة، ويصل صداها لعموم المهتمين بالشأن الثقافي الذي لا يمكن بتاتا اختصاره في الإبداع والنقد الأدبيين.