أعادت انتخابات السادس من مايو الجاري «المحافظين» البريطانيين إلى سدة الحكم للمرة الأولى منذ ثلاثة عشر عاماً. وبعد بضعة أيام من التفاوض حول تشكيل حكومة ائتلافية، تحقق الانتقال السياسي في مرحلة ما بعد الانتخابات على النحو التالي: ففي يوم الثلاثاء الماضي، غادر «براون» مقر إقامته في 10 داونينج ستريت، متجهاً إلى قصر باكينجهام حيث أبلغ الملكة إليزابيث بأنه سيقدم استقالته بعد دقائق من لقائه بها. ومن جانبه زار ديفيد كاميرون، زعيم حزب «المحافظين» الملكة، وأعلن عن قبوله لمنصب رئيس الوزراء، ثم اتجه من هناك إلى «داونينج ستريت»، وهكذا اكتملت المرحلة الأولى من الانتقال السياسي. أما الانتقال الأوسع نطاقاً على المستوى الحكومي، فقد تطلب اختيار عدد من الوزراء من بين أعضاء البرلمان، لتولي مسؤوليات إدارة الوزارات الرئيسية، إضافة إلى اختيار حوالي 80 في المئة من صغار الوزراء. وقد اكتملت هذه العملية يوم الجمعة الماضي. إلى ذلك بقيت الخدمة المهنية بذات نفوذها وقوتها كما هي. وقد علق أحد المراقبين البريطانيين على ما حدث من انتقال عقب الانتخابات بقوله: لقد كان تحولاً سريعاً للغاية وخالياً من العواطف والانفعالات. أما هنا في أمريكا - التي تعرف بكونها أكبر ديمقراطية في العالم - فقد تباطأت عملية الانتقال السياسي، التي بدأتها إدارة أوباما قبل 16 شهراً ولم تكتمل بعد. وفي الحقيقة، فإن عملية نقل الأفراد وتعيينهم في الوظائف العليا، ربما لا تكتمل مطلقاً. ويعود تفسير استحالة اكتمال هذه العملية إلى مغادرة الكثيرين من الذين تم تعيينهم في تلك الوظائف مبكراً لوظائفهم بحلول الوقت الذي يتم فيه ملء الوظائف العليا الشاغرة، في وقت ما بحلول العام المقبل . كما يلاحظ أن متوسط مدة الخدمة في هذه الوظائف يتراوح بين عامين وعام واحد ونصف. وعلينا أن نتساءل : لماذا نحن بكل هذا البطء، بالمقارنة مع أبناء عمومتنا في الساحل الآخر من المحيط؟ ربما نلقي باللائمة على هذا البطء على آبائنا المؤسسين الأوائل، وقاعدة «الاستشارة والقبول»، التي أقروها، علماً بأنها تتطلب موافقة مجلس «الشيوخ» على التعيينات الرئاسية لأعضاء مجلس الوزراء والأجهزة التنفيذية. وتضاف إلى هذه الحقيقة، تصاعد شكوك وتحفظات مجلس «الشيوخ» على الأفراد المرشحين من قبل إدارة أوباما لملء الوظائف المذكورة. وعلى عكس ما هو الحال في بريطانيا، بمقدور مجلس «الشيوخ» حبس المرشحين من قبل الرئيس رهائن لديهم، وهو ما يسعد بعض السيناتورات. وبالنتيجة، فليس في مقدور البيت الأبيض اختيار وفحص وترشيح الأفراد بالسرعة الكافية التي تمكنهم من ملء الوظائف القيادية العليا بحلول نهاية العام الرئاسي الأول. ومن الجانب الآخر، تعجز عملية موافقة مجلس «الشيوخ» على المرشحين للوظائف، نظراً لما يتطلبه ذلك من فحص وعقد جلسات استماع خاصة لكل مرشح من المرشحين. ومن رأي البروفيسور «بول لايت»، الأستاذ بجامعة نيويورك، أن النظام الحالي يعجز عملياً عن التعامل مع هذا العدد الكبير من المرشحين لملء الوظائف القيادية في الحكومة الأمريكية وأجهزتها التنفيذية. محلل سياسي أمريكي عن «واشنطن بوست»