أضحى فضاء المجزرة القديمة بالدار البيضاء، في الآونة الأخيرة، مسرحا لاحتضان مجموعة من الأنشطة، منها على سبيل المثال، تصوير أفلام وإشهارات وكذا إحياء سهرات، وغيرها من «التظاهرات» التي تخلف صدى يتجاوز أحيانا الحدود. فكل جنبات «البوطوار» تم إحياؤها من جديد، كل شيء طاله التغيير باستثناء باب رمادي اللون مدعم بقفل، يخيل إليك معه أنه مكان لتخزين الأشياء القديمة! إلا أنه ، في واقع الأمر، عبارة عن «حظيرة» أو، إن صح القول، «مقبرة للحيوانات»! داخل هذه الحظيرة تجد نفسك كما لو أنك في مكان مهجور آلاف السنين، فضاء واسع مقسم إلى أجزاء مربعة الشكل، لكل واحد منها سياج حديدي قديم ومتآكل، أغلبها مهدم، بداخلها حيوانات مختلفة الأصناف والأشكال، من أكباش وخيول وحمير، بالإضافة إلى «عجل»! فبعد حجز هذه الحيوانات من طرف السلطة المعنية بذلك، يتم فتح محضر لها باسم مالكها، إن وجد، أما في حالة عدم وجوده فإنها تصبح «تحت إشراف المصالح المعنية»، بعد ذلك يتم إرسالها إلى «البوطوار»، ليتم وضعها في الحظيرة السابقة الذكر. المعطي، من بين الأشخاص الذين تم احتجاز «حيواناتهم»، يصارع منذ مدة لاستعادة حصانه، يقول بنبرة غاضبة: «العوْد ديالي كان بيخير وصحيح، أما دابا فولّى بحال الهيكل العظمي لي شافو إيكول حمار ماشي عود» مضيفا «عندما تم إدخال حصاني إلى البوطوار، أكد لي المعنيون بالأمر بأنه سيلقى الرعاية اللازمة مقابل الأداء طيلة فترة مكوثه، وهو ما دفعني الى الارتياح أكثر. وبالفعل قمت في الأخير بأداء الغرامة المطلوبة مني بالإضافة إلى تكاليف أكله، على أمل أن أجد حصاني كما تركته، وعندما أحضروه لي أصابني الذعر، لدرجة أنني قلت لهم: هذا ليس حصاني! فأكدوا لي على أنه هو، لأن أية دابة يتم إدخالها الى الحظيرة يتم وضع رقم في أذنها. لم يكن أمامي أي خيار سوى التوقيع على ورقة تسلم هذا الحصان الذي لم يعد يقوى على الحركة فما بالك أن يصلح للعمل»! وتجدرالإشارة إلى أن مجلس المدينة يقوم بتخصيص ميزانية للحيوانات التي يتم حجزها، كما يتم اقتطاع تكاليف «الإقامة» من صاحب الحيوان! هذا، وحسب مصدر مطلع، فإنه في السابق، كانت سيدة فرنسية «هي من تهتم برعاية هذه الحيوانات على أكمل وجه ، كانت تقدم لهم التبن والشعير والجلبانة والفوراج... وتؤكد على العاملين بالحظيرة على ضرورة الاهتمام بها، كما تعمل على إحضار أعداد كبيرة من العلف التي يتم تخزينها حتى لا يحدث خصاص»، «أما اليوم، يضيف ، للأسف الشديد فإن هذه الحيوانات لا تتلقى الرعاية المطلوبة في غياب شبه تام للأكل المخصص لها، ليبقى السؤال المطروح: هل ستحظى هذه الحيوانات، يوما، بالحد الأدنى من الرعاية عوض تركها تحتضر في ظروف يعجز المرء عن وصفها، إذ أن من رأى ليس كمن سمع»!؟