{ بعد 27 سنة على تأسيس جريدة الاتحاد الاشتراكي، كيف تستحضر التجربة الإعلامية للجريدة ؟ لابد من التذكير أولا بظروف التأسيس، لقد منعت جريدة «المحرر» سنة 1981 بدون قرار معلل للوزير الأول خلافا لما ينص عليه قانون الصحافة ، بل تم منع العاملين بالجريدة و العاملين بالمطبعة من الولوج إلى المقر و الاشتغال على إيجاد صحيفة جديدة توجه للقراء. و في ماي سنة 1983 حاولنا أن يتم التراجع عن المنع التعسفي واستئناف صدور جريدة المحرر، لكن الملك الحسن الثاني اشترط علينا خلق صحيفة جديدة و بعنوان جديد رافضا في نفس الوقت أن أستأنف مهمتي كمدير للصحيفة الجديدة، لذا اقترحت على الأخ عبد الرحيم بوعبيد، الكاتب الأول إسناد إدارة الجريدة الجديدة للأخ محمد البريني مع الأخ مصطفى القرشاوي رحمه الله كرئيس للتحرير، تحت عنوان «الاتحاد الاشتراكي» حتى يعلم القراء الجهة التي تتكلم باسمها هذه الصحيفة الجديدة. الأخ محمد البريني أدخل في الواقع الصحافة الاتحادية إلى مرحلة متطورة ، ويرجع له الفضل في غرس المهنية في الجسم الصحافي الاتحادي، بل يمكن أن نعتبرأنه بنى مؤسسة صحفية ذات إشعاع كبير وفي فترة وجيزة. بقيت أنا أتابع قضايا الإعلام الحزبي وأساند داخل المكتب السياسي الأخ محمد البريني في مشواره المهني المسؤول. بعد سنوات سأتحمل مسؤولية إدارة «الاتحاد الاشتراكي» سنة 2003 بعد أن طلب مني الأخ محمد الصديقي إعفاءه من هذه المهمة، مهمة إدارة جريدة «الاتحاد الاشتراكي» التي سبق أن كلفه بها الأخ عبد الرحمان اليوسفي حين اختار الابتعاد عن العمل السياسي. و بقيت أدير هذه الجريدة إلى حين تطوع الأخ عبد الهادي خيرات لتحمل مسؤولية تدبير جريدة «الاتحاد الاشتراكي» سنة 2007 . { ماذا تستحضر من صور عن المرحلتين اللتين كنت خلالهما مديرا للجريدة ؟ المرحلة الأولى كنت تحملت فيها مسؤولية إدارة جريدة «المحرر» في ظروف مؤلمة بعد اغتيال الشهيد عمر بنجلون في دجنبر 1975 ومع الكفاءات التي تزخر بها «المحرر» عملت على تطوير هذه الجريدة الحزبية، تطوير أبوابها و إخراجها و تنوع اهتماماتها والانفتاح على أقلام واعدة في الساحة الثقافية و الفكرية، وبطبيعة الحال اتبعت في هذه المرحلة سياسة القرب في تناول القضايا الاجتماعية والقضايا المحلية، و ذلك بتوسيع شبكة من المراسلين الأكفاء . وبالفعل توسع إشعاع الجريدة و أصبحت في ظرف وجيز، الجريدة الأولى من ناحية عدد قرائها. أما المرحلة التي تحملت فيها مسؤولية إدارة جريدة «الاتحاد الاشتراكي» فقد حاولت في الواقع مواجهة الأزمة التي أصبحت تعيشها جريدة الاتحاد، محاولا إيجاد الحلول للمشاكل التي يطرحها تراجع الجريدة ، وضرورة العمل على بناء مشروع جديد على أساس تحويل جريدة «الاتحاد الاشتراكي» إلى مقاولة صحفية لها ارتباط باختيارات الاتحاد الاشتراكي، لكن منفتحة على الآخرين، مع محاولة تغيير أساليب العمل و المسؤوليات داخل الجريدة. { أي مستقبل للصحافة الحزبية المغربية و الصحافة الاتحادية بالخصوص؟ أولا ، لابد من التأكيد على أن الصحافة الحزبية شكلت مدرسة الصحافة المغربية سواء في فترة الاستعمار الأجنبي أو بعد الاستقلال، و لها الفضل في تكوين أقلام في الميدان الصحافي يمكن للشعب المغربي أن يفتخر بهم. ثم إن الصحافة الحزبية ، هي التي تعبئت من أجل حرية التعبير و حرية النشر ، إلى جانب الأحزاب الديمقراطية حتى حذفت الرقابة التي كانت مفروضة على الصحف و خلق بيئة صالحة شكلت الأرضية التي انطلقت منها الصحافة المسماة اليوم بالمستقلة. مستقبل هذه الصحافة هو أمامها إذا هي عملت على مزيد من المهنية الصارمة كمقاولة صحفية حديثة و متقدمة وإذا عملت على تطوير أدائها وعطاء صحافييها و أطرها لتستجيب لقراء المغرب في القرن الواحد والعشرين.