أجمع مختلف الذين تعرفوا على الراحل مزيان بلفقيه على إنسانيته ووطنيته وانفتاحه على مختلف الآراء والاتجاهات والتزامه بقضايا ومصالح المغرب. العربي عجول الذي تعرف على الراحل سنة 1972 بفرنسا، يؤكد في هذا الإطار أن علاقته بمزيان بلفقيه ظلت منذ ذلك الوقت، بعد رجوعه للمغرب، مطبوعة بروح الاحترام المتبادل. ويضيف عجول في شهادته أن المرحوم مزيان بلفقيه إضافة لكونه مستمعا جيدا كان له إلمام واسع بقضايا الوطن، وكان مهووسا بالبحث دوما على سبل تحقيق تنمية المغرب والرفع من مكانته بين البلدان، كما كانت له أدوار جليلة في تحديث وتطوير البلاد من حيث التجهيز (البنية التحتية الأساسية) أو في مجال الادارة، ويذكر له خاصة الأعمال التي ساهم فيها في ميدان التعليم لإيمانه العميق بدور المعرفة والتكوين في تنمية الموارد البشرية والمادية للبلاد. والراحل، يشدد عجول، لم يكن من طينة التقنوقراط»الجاف» بل كانت له قناعاته الخاصة والتي لم تمنعه أن يكون منفتحا على آراء واقتراحات الآخر، مما جعل من أعماله أعمالا منتجة واعية وجالبة للمنفعة العامة. محمد اليازغي أكد من جهته أن العربي عجول هو الذي عرفه بالراحل الذي كان متعاطفا أثناء دراسته بالخارج مع الاتحاد. ويتذكر اليازغي أنه كانت له اتصالات مع مزيان بلفقيه في مناسبات عدة، قائلا: «عندما كان مسؤولا في الصحراء وخاصة في العيون، بعد استرجاع إقليم وادي الذهب والساقية الحمراء، وكان حينها عبد العزيز مزيان بلفقيه مسؤولا عن الأشغال العمومية، اتصلت به وعرضت عليه بعض المشاكل التي كانت موجودة هناك، فعمل على حلها.كما كانت لي به اتصالات عندما كان كاتبا عاما لوزارة التجهيز». ويؤكد اليازغي أن بلفقيه ، ومن موقعه هذا ، عمل على الدفع با لأطر المغربية من مهندسين وغيرهم للعمل في ميادين كثيرة، مشجعا إياهم على خدمة الوطن، مضيفا أنه وإن كان الراحل لم ينخرط في العمل السياسي، إلا أن علاقته بالاتحاد ظلت جيدة على المستوى الإنساني، وأنه منذ حكومة التناوب وعلاقته بالوزراء الاتحاديين علاقة احترام وتقدير، إذ لم يقف أبدا مواقف متشنجة، بل كان يتجنب أن يتدخل في قطاعات الوزراء الاتحاديين . محمد آيت قدور أشاد بالمزايا الإنسانية للراحل قائلا: «لم أنس لقائي به في فرنسا أواخر سنة 1973 حيث التقيت به لأول مرة ، بحزن شديد عبر لي عن أسفه أنه راجع للعمل بالمغرب في الوقت الذي فقدت فيه عملي ونفيت قسرا من بلادي». ويضيف آيت قدور في شهادته: لن أنسى له أبدا مبادرة قام بها مع المهندسين العزيزين الحسين التيجاني والهادي الجبلي فور رجوعي للمغرب سنة 1989 .إذ كون الثلاثي« لجنة اقتناء بيت لآيت قدور» وباكتتاب واسع داخل قطاع المهندسين تمكنت من شراء بيت لي ولعائلتي» مؤكدا أن بلفقيه كان «يتمتع بإنسانية كبيرة وبوفاء متميز» جانب آخر من الأدوار التي اضطلع بها مزيان بلفقيه يشيد بها أحمد حرزني، الذي يؤكد أنه اشتغل مع الراحل من أجل إنجاز تقرير الخمسينية، الذي كان يهدف إلى وضع تقييم لخمسين سنة عن استقلال المغرب وتحديد معالم مغرب المستقبل . ويضيف حرزني أن المجلس الأعلى للتعليم كان أيضا حقل اشتغاله مع المرحوم، وأنهما معا تقاسما الحلم المشترك من أجل مغرب المستقبل الذي حدد مكانته على الصعيد العالمي، عالم المنافسة وعالم الصراع من أجل البقاء. معتبرا أن وفاة مزيان بلقيه خسارة عظمى، فالرجل : كان مهندسا حقيقيا بالمعنى المهني، ومهندسا كبيرا بمعنى التفكير في مستقبل البلاد و السعي الى الوصول بها الى أحسن النتائج من خلال أقصر الوسائل الأكثر اقتصادا ونجاعة». محمد أوجار أكد من جهته أن المرحوم مزيان بلفقيه، الذي تعرف عليه لمدة طويلة ، كانت له رؤية استراتيجية لمسارات تطور البلاد، وذلك ضمن اهتمامه بالاشغال الكبرى بحكم تكوينه الهندسي، حيت انفتح على مجالات عمل واهتمام بعيدة عن تكوينه الاصلي، خاصة في مجالات التربية وحقوق الانسان والحقوق الثقافية..وأضاف أوجار أنه رغم كل المراكز التي تبوأها المرحوم، فقد كان له حرص على قيم انسانية نبيلة. قيم الوفاء واحترام الاختلاف والدفاع عن الحريات. ولهذا صادق كثيرا من مناضلي ونشطاء حقوق الانسان وساعد عددا هاما منهم في بناء مساراتهم المهنية بعد الافراج عنهم، وظل منغمسا في تراب تاوريرت والمنطقة الشرقية مما أعطاه فهما خاصا لكل الاشكالات الكبرى لهوامش المغرب. من جهته أكد عبد العالي مستور أن مزيان بلفقيه كان رجلا من نوعية خاصة، رجل الدولة المواطن والمواطن الذكي ، مضيفا أنه كرئيس للمجلس الأعلي للتعليم كان الشغوف بالمدرسة المغربية برؤية عقلانية. وفي شهادته أكد مستور أن علاقته بالراحل كانت علاقة انسانية وعلاقة محبة ومودة، علاقة بمعلم في مجال تدبير الشأن العام، ومعلم في تدبير قضية مشتركة من أهمية قضية التربية والتعليم، مؤكدا أن قيمة الرجل الأساسية تتجلى في الانخراط والمسؤولية والجدية وتبنيه المسؤول للقضية التي يشتغل عليها.