برحيل السيد عبد العزيز مزيان بلفقيه مستشار صاحب الجلالة ، يكون المغرب قد فقد أحد رجالات الدولة وخدامها الكبار ، الذي واكب عن كتب أوراش التطور والإصلاح والتنمية ، التي عرفها المملكة خلال العقود الثلاثة الماضية . وقد أدى الراحل ، الذي وافته المنية مساء أمس الأحد بالرباط ، مختلف المهام التي انتدب للقيام بها ، منذ تعيينه غداة المسيرة الخضراء منسقا بالعيون لمجموع مصالح وزارة الأشغال العمومية والمواصلات بالأقاليم الجنوبية ، عطاء موصولا لم ينضب معينه وما يزال متواصلا في الأطر والكفاءات التي عملت إلى جانبه وتحت إشرافه . لقد بذل الراحل عبد العزيز مزيان بلفقيه طيلة حياته جهودا خيرة في خدمة بلده بتفان وإخلاص وسعي دؤوب من أجل تكريس نهضتها ونموها على مختلف الأصعدة ، وعمل بجهد حثيث من أجل إشعاعها وتبويئها المكانة التي تستحقها . إن الذين عملوا عن قرب مع الراحل، في مختلف المناصب التي تحمل مسؤولياتها ، عرفوا فيه المسؤول المقتدر الذي نهض بالمهام الموكولة إليه بكل جدارة ، لذلك فإن كل مشيعيه وناعيه أكدوا أن المرحوم عبد العزيز مزيان بلفقيه هو رجل الدولة الكبير بكل المقاييس ، قدم أبهى صور وسمات التفاني والتضحية في القيام بالواجب خدمة للوطن في سبيل تكريس رفعته وازدهاره . ففي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بهذه المناسبة المحزنة ، قال السيد محمد سعد العلمي الوزير المنتدب المكلف بتحديث القطاعات العامة ، إن المغرب فقد برحيل الأستاذ مزيان بلفقيه رجل الدولة المحنك الذي مزج الخبرة العالية بالوطنية الصادقة، مشيرا إلى أن عمله وإخلاصه في خدمة بلده تواصل منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي ، حيث عمل مديرا للأشغال العمومية بالأقاليم الصحراوية المسترجعة مباشرة بعد تحريرها ، كما أشرف، في ظروف صعبة، على شق الطرق وإقامة البنيات التحتية الضرورية ليتدرج بعد ذلك في مناصب المسؤولية إلى أن أصبح مستشارا لجلالة الملك . لقد كان الفقيد، يضيف السيد سعد العلمي، الرجل الوطني المتمسك بالمصالح العليا لبلاده، والخادم لها والمشرف بعد ذلك على تهييء الملفات للأوراش الكبرى التي شهدتها ولا تزال تشهدها المملكة. وببالغ التأثر ، أكدت كاتبة الدولة المكلفة بالتعليم المدرسي السيدة لطيفة العبيدة أن فقدان المرحوم عبد العزيز مزيان بلفقيه يشكل خسارة كبيرة لبلده ولأصدقائه ولذويه، واصفة الفقيد برجل دولة من العيار الثقيل كرس حياته لخدمة المصلحة العليا للوطن سواء إلى جانب جلالة المغفور له الحسن الثاني أو تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس. وأضافت السيدة العبيدة، في تصريح مماثل، أن المرحوم عرف بالحكمة والتواضع والتروي والقدرة على الإنصات واحترام الآخر، وهو ما جعله يحظى باحترام وتقدير الجميع ، مبرزة في هذا الصدد، العمل الذي قام به خلال ترؤسه للجنة الخاصة بالتربية والتكوين التي شكلها جلالة المغفور له الحسن الثاني من أجل صياغة ميثاق وطني للتربية والتكوين. وأشارت السيدة العبيدة إلى أن الفقيد تمكن بفضل هذه الخصال من صياغة هذا الميثاق في وقت قياسي، معتبرة صدور هذا الميثاق محطة تاريخية هامة وضعت حدا للخلاف حول الاختيارات الكبرى في مجال التربية والتكوين ووفرت للقيمين على الشأن التعليمي مرجعية تحظى بإجماع وطني. وشددت على أن المرحوم عرف أيضا بوعيه الكبير بأهمية المدرسة في بناء وتطوير المجتمع الديمقراطي الحداثي وكذا بعمله لفائدة الأسرة التعليمية حيث كان يترأس مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين. واعتبرت أن خصال وسيرة الفقيد تشكلان نبراسا لمواصلة المسيرة الإصلاحية التي يقودها جلالة الملك محمد السادس من أجل رقي وازدهار المغرب. وبعبارات الوفاء والإكبار ، قال السيد مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، في تصريح مماثل، إن الفقيد عبد العزيز مزيان بلفقيه كان واحدا من رجالات الدولة الوازنين، طبع بطابعه الخاص مسيرة التحديث والإصلاح والتغيير التي شهدتها وتشهدها المملكة. وأضاف أن الراحل مزيان بلفقيه، الذي تقلد بحكم تكوينه كمهندس من درجة عالية العديد من المناصب في الحقل الإداري، كانت له علاقات وطيدة مع الجيل الحالي للإدارة المغربية، كما أنه كان دائم الحضور في العديد من المنتديات والجمعيات الوطنية، ولاسيما في الأنشطة التي كانت تنظمها جمعية مفتشي المالية حيث كان يقوم في إطارها بتنشيط عدد من اللقاءات. لقد فقدت الساحة الوطنية، يقول السيد الكثيري، برحيله شخصية كبيرة ورجل دولة كبير بكل المقاييس ستظل بصماته بارزة في عدد من المجالات والميادين وفي أوراش الإصلاح والبناء والنماء التي عرفتها البلاد. وأشاد السيد الكثيري بدور الراحل في دعم أسرة المقاومة وجيش التحرير والمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مذكرا بأنه كانت له مساهمة كبيرة في احتفالات الذكرى الخمسينية لعيد الاستقلال وعودة جلالة المغفور له محمد الخامس من المنفى. وقد بدأ المرحوم عبد العزيز مزيان بلفقيه مشواره المهني سنة 1968 بوزارة الأشغال العمومية بصفة مهندس إعداد سد مولاي يوسف على نهر تاساوت. وعين سنة 1974 رئيسا للقسم التقني بمديرية الطرق ثم رئيسا لدائرة الأشغال العمومية والمواصلات بالرباط. كما عين غداة المسيرة الخضراء منسقا بالعيون لمجموع مصالح وزارة الأشغال العمومية والمواصلات بالأقاليم الجنوبية. وعند عودته إلى الرباط سنة 1978 شغل عدة مناصب، من بينها تعيينه في 17 نونبر 1993 وزيرا للفلاحة والإصلاح الزراعي. وفي 7 يونيو 1994 أعيد تعيينه وزيرا للفلاحة والإصلاح الزراعي في الحكومة التي ترأسها المرحوم عبد اللطيف الفيلالي. وفي 31 يناير 1995 كلفه جلالة المغفور له الحسن الثاني بمهام وزير الأشغال العمومية والتكوين المهني وتكوين الأطر بالنيابة. وفي فبراير 1995 عين وزيرا للأشغال العمومية، وفي 13 غشت 1997 عين وزيرا للفلاحة والتجهيز والبيئة، وهو المنصب الذي شغله إلى غاية مارس 1998. وفي 24 أبريل 1998 عينه جلالة المغفور له الحسن الثاني مستشارا بالديوان الملكي. وفي ثالث مارس 1999 عين من طرف جلالة المغفور له الحسن الثاني رئيسا للجنة التي عهد إليها باقتراح مشروع لإصلاح نظام التربية والتكوين.