«عذرا شهريار... وحتى أنت يا شهرزاد»، بهذه العبارة افتتحت بعض الصحف المصرية جل مقالاتها وهي تواجه حملة يشنها مجموعة من المحامين، الذين أطلقوا على أنفسهم «رابطة محامون بلا قيود»، ضد نشر طبعة جديدة من كتاب «ألف ليلة وليلة» بدعوى أنه يتضمن مقاطع «تخدش الحياء العام». ولم يكتف أولئك المحامون، الذين يدعون التحرر من كل القيود، بالمطالبة بمصادرة الكتاب الذي يعتبر جزءا من التراث الإنساني العالمي، بل يسعون أيضا إلى وضع قيودهم على المسؤولين عن نشر الطبعة الجديدة من الكتاب من خلال التقدم بدعوى إلى النائب العام بمصر. وإن كانت هذه الصيحات غير قادرة على إيقاظ الديك الذي يقطع على شهرزاد حكاياتها، إلا أنها أشعلت فتيل الجدل في مصر ودفعت اتحاد الكتاب بأرض الكنانة إلى التنديد بشدة بمطالب من وصفهم رئيس الاتحاد محمد سلماوي ب «الطالبان»، متهما إياهم بالوقوف في وجه «تراث وحضارة العرب والإسلام». وإن كانت سيوف رابطة المحامين بلا قيود قد سُمع صليلها في حواري مصر وتراءى بريقها الغادر في حلكة ليالي سمر شهرزاد في محاولة لدق رقبتها التي نجت من سيف شهريار على امتداد ليال طوال، إلا أن أصوات المثقفين والأدباء في مصر تأبى إلا أن تطيل ليالي شهريار، وتجعل في حلكتها السرمدية سماء يتألق فيها الإبداع والتراث، فهاهم ينزعون عنهم ثوب المدافع ويسنون حرابهم لمواجهة هذا الهجوم الذي يكدر سمر الحاكم شهريار، فجمال الغيطاني يقول: «أنا استرددت حق الدولة المصرية من خلال إعادة طبع هذا الكتاب، للرد على الفكر الأصولي الرجعي، وأتعجب كثيرا من هؤلاء مهاجمي الثقافة والإبداع كيف فوجئوا الآن تحديدا بأن الكتاب يروج للإباحية بعد مرور مئات السنين عليه كما ادعوا في بلاغهم، وأؤكد أن هذا البلاغ لا يقل عن الأعمال الإرهابية المتطرفة، وتفجيرات الحسين والأزهر، وحادثة اغتيال الأديب الراحل نجيب محفوظ». وبدوره، لم يستسغ وزير الثقافة المصري، فاروق حسني، مسألة الشكاية القائمة على أساس خدش الحياء وإهدار المال،حيث وصف «ألف ليلة وليلة» بأنها «جزء من التراث الإنساني يجب عدم التعامل معه بشكل غرائزي». ويعتمد المحامون الذين تقدموا بالشكاية على النص القانوني القائل إن» من ينشر مطبوعات أو صورا خادشة للحياء يعاقب بالغرامة والحبس لمدة عامين»، مما يجعل للقانون ألف وجه، ومن ثم يمكن تأويله حسب سخونة الأحداث السياسية في مصر.»