بنيازك متراقصة في مجهول الروح، يطل علينا الشاعر المغربي يحيى عمارة من فلوات تجربة جديدة مضرجة بماء الشعر الباذخ وهو يقسم ب ( لن) أنسي الحاج، هذه المرة، عن عدم مسايرته لأعداء شجرة أنسابه الشعرية المفترضين- الملفعين بقناع الذئب - الذين كانوا على امتداد الشعرية العربية يشكلون أيقونات عدائية في مجابهة الكائن الشعري، بدءا من المعارك الطاحنة على أرض المتن الشعري الجاهلي مرورا بالفرزدق وصولا الى الشاعر المعاصر أمجد ناصر .. في هذه التجربة الشعرية الجديدة، تستوقفنا مناخات تتلاطم بطبقات شعرية متباينة شكلا، متعالقة مضمونا. فالنص الذي يقترحه علينا الشاعر يحيى عمارة في هذا المنجز الجديد يسافر في سؤال الكتابة مسلحا بالشعري في مقارعة السكوني استنادا إلى رؤية استيطيقية مشحونة بخلفية فلسفية تضرب بجذورها في عمق الماهية الشعرية، وهي تتمرد على المألوف والمفكر فيه وفق المكتسبات المعرفية التي يقدمها فلاسفة أفذاذ في مجال الكتابة الضدية المبنية على فلسفة الاختلاف: أدورنو ادوارد سعيد غوته نيتشه -.....الخ. والأبهى من ذلك أن الديوان يشتغل بمعاول الحفريات في قلق اللغة والجسد وهما يتماهيان معا في أتون البياض، لينساب جرح الكينونة متدفقا بحبر الألم الشعري المقيم في دواخل الذات الشعرية المسكونة بالتيه والترحال والقلق المبدع على نهج أسلافه في شجرة الأنساب الشعرية المتدلية من السهروردي حتى محمود درويش.. إن النصوص الماثلة عبر ثنايا الديوان تتنامى مهتاجة وفق إيقاعات التوتر، متمردة على أي معطى موسيقي خارجي مبتذل مشبعة بأنفاس الاستعارات التي بها نحيا ونحن أمام الدهشة التي تسلمنا الى معاودة فهم العالم من خلال سؤال القصيدة .. وأمام انصهار القارىء في فرن هذه التجربة الملتهبة، لا يسعه إلا أن يتأكد من أن سؤال الشعر يظل الهم المركزي لهذا الشاعر المقيم بين أعاصير الرؤيا القابعة في أقاصي الأخاديد والمنعرجات وشلالات الكتابة الهادرة بهسيس الجرح النازف بدم الكلمات. يذكر أن الديوان صادر عن منشورات اتحاد كتاب المغرب 2010 بدعم من مؤسسة عكاظ للنشر ويضم ست عشرة قصيدة.