المكان أرض خلاء في الصحراء الشرقية... الزمان ماراطون الرمال، المشهد.. فريق احترافي منظم يعرف ما يفعل، في توقيت مضبوط وبانضباط كبير تحولت الأرض المقفرة إلى تجمع حاشد تؤطره الخيام الصحراوية.. مئات السيارات والشاحنات تدلف المكان. الأشغال مستمرة وعميقة.. في لحظة نبتت إدارة الماراطون. خيام المبيت، أماكن التغذية، المراحيض.. وسط هذه الخلية العاملة، بدأت جنسيات كثيرة بالتوافد على المكان الأشقر والأصهب والأصفر والأسود والملون، الكل هنا من أجل خوض مغامرة العيش في الصحراء واختراق وديانها وفجاجها في صحراء الراشيدية، وبالضبط بالريصاني (غيرس) تجمع ما يقارب الألفين من البشر تسيطر عليهم لذة الجري في بيداء المغرب. باتريك الفرنسي، مدير الماراطون، لا يهدأ، يتحرك، يضبط ساعته على أدق التفاصيل، يضحك ويضاحك، يخطب في المشاركين، ولا يرتاح له بال إلا حين يهجع الجميع إلى فراشه. في الخيام المنصوبة بشكل هندسي بديع، يلتقي رجال ونساء الماراطون ينتظرون وينتظرن إطلاق صافرة «ممارسة العذاب».. كل لغات العالم تنبعث من هناك، لكن الانجليزية، هي لغة التواصل بين الجنسيات. شباب وشيوخ.. كهول ونساء.. نقاش وضحك، مطالعة، تهييء اللوازم من الممكن جدا أن يستغني المرء على أعصابه (!) لاشيء يدفعك إلى القلق أو التوتر.. الصحراء، والخيمة والشاي والجمال والرحل والصحراويون البسطاء.. مشاهد متميزة ومتنوعة تشكل خلفية الصورة التي تؤطر سباق الماراطون لهذه السنة. في خيمة يرفرف فوقها العلم المغربي... يتواجد احنصال الصغير، بطل الدورة السابقة، وبجانبه توده ديدي الورزازية البسيطة والضاحكة على الدوام.... ومعهما العقاد الوصيف للسنة الماضية، وشاب جزائري اختار مرافقة الأبطال المغاربة. هل صحيح أن الرياضة تجمع ما فرقته السياسة (!) المهم هذا ماوقع ويقع في خيمة المغاربة، احنصال يخيط أرقامه و يثبت لوازمه، وتوده ترتب أشياء، تبدو عليها علامات الخوف والبساطة وأيضا منحوتات في وجهها تحيل على فقر صادم. خيمة المغاربة لم تخل من الكاملة والبراد، هم يطبخون لأنفسهم كما يريدون، لا بد من التغميسة لايخضعون لريجيم قاس أو حمية غذائية علمية، يأكلون الخبز المحلي، ويتذكرون الأيام الخوالي للماراطونات السابقة. الجزائري يحملق فينا وفي الجميع.. يبدو تائّها ويراقب ما تفعله تودة. في تجوالنا صادفنا خيمة مغربية أخرى يستقر بها مغاربة من أمريكا وفرنسا، بسطاء، لكن مشكلتهم تكمن في الحاجة إلى الراية الوطنية، لأن كل الخيام تضع علامة جنباتها على الباب. تطوعنا للبحث عن العلم الوطني، لم تجده لا في أرفود ولا في الريصاني. أو ربما لم نعرف كيف نبحث عنه، والحل كان الاستنجاد برجال الدرك الملكي الذين لم يتأخروا هنيهة في إحضاره وتسليمه للخيمة المغربية الثانية. إحساس مشترك وجميل عندما يرى المرء راية بلاده. القلم عاجز عن الوصف. ليلتان قضيناهما في المخيم، كانت ولا أروع، ليل الصحراء، وموسيقى باذخة لمجانين أوروبيين، ينتظمون في فرقة تعزف على الروح، جميلات وأطر جنود يتحركون جيئة وذهابا بين مكان إقامتهم والمطعم المفتوح على الهواء الطلق، متطوعون يتحركون بخفة وصرامة ينقلون الوجبات ويوزعونها على أكثر من 1500 نفر بانتظام واحترام. مراقبو الماراطون، أطباؤه، سواقه، سلسلة بديعة يعرف كل واحد دوره فيها، لا مكان هنا للصراخ أو الخلاف أو التكشيرة أو الغضب، الاحترام والسلاسة والهدوء ديدن الجميع. في اليوم الذي سيعرف الانطلاقة... اختار المنظمون مخاطبة حشد العدائين والمشاركين بالصوت العالي، آخر التوجيهات والتعليمات، احترام البيئة، الاعتماد على النفس في التغذية طيلة الماراطون، عدم رمي الأزبال في باركور السباق، القنينات المائية مرقمة ومن رماها يتلقى غرامة. الغريب أن الوقت الذي أعطيت فيه الانطلاقة، كانت هناك شبه قرية منظمة بجميع لوازمها ولوجستيكها العالي الجودة والتأثيث، ومع ذوبان آخر المتسابقين في سراب الصحراء، لم يتبق ولو كليكنكس حتى أعقاب السجائر ممنوع رميها في الأرض، يقول فرنسي من المنظمين منحنا الجميع منفضة معلقة، لأن الاعقاب لاتتحلل إلا بعد مضي سنتين في رمال الصحراء. الرياضة والبيئة توأمان في تصور المنظمين وفلسفة تدبيرهم لمجريات هذا الملتقى الرياضي. بدأ الملتقى ربح احنصال المرحلة الأولى وأخفقت عودة التي سبقتها الامريكية، احنصال متخوف، العقاد متفائل، تودة تفكر في أسرتها ومستقبلها.. والنصارى لايفكرون إلا في المتعة وتينك الفرق... معطيات عن المراطون المارطون وصل إلى مرحلته 25، أي ربع قرن على بدايته، حين انطلق الفرنسي باتريك من مالي على قدميه إلى حدود المغرب، وهناك تولدت الفكرة وبدأت ب 13 مشارك. شارك فيه إلى حدود هذه الدورة أكثر من 10 آلاف عداء. أكثر من 40 جنسية تشارك في مراطون الرمال لهذه السنة. 400 شخص ما بين أطر طبية وتقنية وأكثر من 100 سيارة وشاحنة وطائرتي هيليكوبتر وطائرة، وآليات تابعة للجيش الملكي موضوعة رهن إشارة المنظمين. تم إلزام كل المشاركين بوضع «خلخال» إليكتروني في رجل كل عداء حتى لا يتيه، وتتم مراقبة سرعتهم وأمكنة تواجدهم. عبر هذه التقنية المتطورة. 30% من المشاركين جددوا اشتراكهم منذ انطلاق الدورة. نسبة مشاركة النساء تصل إلى 14%. أصغر مشارك يصل عمره إلى 16 سنة، وأكبر مشارك 78 سنة. 20 ألف لتر من الكازوال، 5 آلاف لتر من البنزين، 10 آلاف لتر من الكيروزين، 100 ألف لتر من المياه المعدنية. تم تخصيصها للدورة. تم رصد شاحنة مزودة بفرن لإحراق النفايات والأزبال وترك الطبيعة الصحراوية على نظافتها. الدورة الماضية زار موقع المارطون أكثر 159 ألف زائر وقرئت أكثر من 3 ملايين صفحة، واستقبل أكثر من 35 ألف رسالة إلكترونية وزعت على المشاركين. ديدي تودة تنسحب من ماراطون الرمال انسحبت العداءة المغربية ديدي تودة خلال المرحلة الثالثة من الدورة 25 لماراطون الرمال، التي ربطت يوم الثلاثاء بين منطقتي جبل الأوفتال وتوريرت موشان (إقليمالرشيدية) على مسافة40 كلم، بسبب آلام على مستوى البطن. واضطرت ديدي تودة، حاملة لقب الدورتين الماضيتين، إلى الانسحاب بعدما شعرت بآلام على مستوى بطنها في الكيلومتر الثامن، قبل نقطة المراقبة الأولى (8، 12 كلم). وتم نقل تودة، التي كان يحذوها أمل في تحقيق لقبها الثالث في هذه التظاهرة الرياضية، مننقطة المراقبة حيث تلقت الإسعافات الأولية من طرف طبيب النقطة، على متن مروحية إلى المصحة المتنقلة للمخيم. وحسب الطبيب الرئيس للمخيم، الفرنسي فريدريك كومبانيو، فإن حالة ديدي تودة لاتدعو للقلق موضحا أنها تلقت العلاجات اللازمة وأنها فقط في حاجة للراحة. وكان مواطنها عزيز العقاد، الثالث في دورتي2007 و2008 ووصيف بطل دورة السنة الماضية، قد اضطر من جانبه إلى الانسحاب يوم الإثنين في بداية المرحلة الثانية بسبب إصابة على مستوى الركبة.