- يأتي المخطط الاندماجي بين أونا والشركة الوطنية للاستثمار في سياق يشهد فيه الاقتصاد الوطني تحولات عميقة، منها ماهو داخلي ومنها ماهو مرتبط بالعلاقات الخارجية للمغرب مع شركائه الاساسيين. ماهي الخلفيات السياسية والماكر واقتصادية التي حكمت هذا التوجه الجديد؟ - انبثق قرار دمج مجموعتي أونا والشركة الوطنية للاستثمار من دراسات معمقة لهيكلتنا الحالية وفعاليتها في تطوير وتنمية القطاعات الحيوية لاقتصادنا الوطني وفي التدبير الامثل لطاقاتنا ومواردنا المالية والبشرية. وعلى إثرها لمسنا التأثير السلبي للمراقبة والتدبير التنفيذي لفروع بلغت درجة مهمة من حيث حجم تعاملاتها وتجربتها ومكانتها في السوق. ويتجلى هذا التأثير السلبي في ظهور نوع من البيروقراطية يحجم الطاقات الابداعية ويبطىء من وتيرة تفعيل خطط النمو. فارتأينا دمج المجموعتين القابضتين أونا والشركة الوطنية للاستثمار في شركة قابضة حدد توجهها في دور المساهم المهني، وتفويت سيطرة بعض الفروع من خلال رأس المال، حيث تصبح بموجبها مسؤولة عن تدبيرها أمام مختلف هياكل الحكامة، مما سيمكن المجموعة الجديدة من تدبير أمثل لطاقاتها بالتركيز في مشاريع أقل نضجا. إننا أمام حدث اقتصادي هام، فلا يمكن الحديث عن خلفيات ودوافع سياسية لعملية من هذا الحجم تتم في سوق محرر تحكمه ضوابط ومساطر اقتصادية محضة. من جهة أخرى لايمكن فصل الهيكلة الجديدة على تطور الوضع الماكرو - اقتصادي للمغرب الملموس في السنين الاخيرة. فارتباط انشطة المجموعتين بالنسيج الاقتصادي الوطني عبر احتضان والاستثمار في قطاعات حيوية وخلق فرص الشغل وتكوين أطر وأيدي عاملة كفأة، يحتم عليهما مواكبة طموحات الريادة والاشعاع للاقتصاد المغربي على الصعيد الجهوي والقاري. - تتموقع أونا والشركة الوطنية للاستثمار في قلب المؤسسات التي تشكل المحرك الرئيسي للسوق المالي ببورصة الدارالبيضاء، ألا تعتقدون بأن انسحاب هاتين المؤسستين من البورصة قد يضعف من أدائها العام ومن صورتها أمام الاسواق الدولية؟ - إن إدراج مجموعتين قابضتين في البورصة إلى جانب أكبر فروعهما، لم يعد له فائدة في سوق قطع شوطا كبيرا من النضج. فقرار سحب أسهم مجموعتي أونا والشركة الوطنية للاستثمار، قد يخفض نوعا ما من رسملة البورصة، لكن مخطط تفويت حصص المراقبة وطرحها في السوق سيعطي بالتأكيد دينامية مهمة للمعاملات، ويحل مشكل السيولة التي تعرفه بورصة الدارالبيضاء، كما ستزيد جاذبيتها لدى المستثمرين الدوليين. أما بالنسبة للأسواق العالمية، فالهيكلة والتوجه الاستراتيجي الجديدان سيضفي صورة إيجابية على السوق، خاصة وأن هذه الاستراتيجية توافق التوجه العالمي لتفكيك التكتلات المتعددة المهن. - ماهي الانعكاسات المباشرة لهذا التحول على الاقتصاد الوطني، وماهي الاقطاب الاقتصادية الجديدة التي تنوون الاستثمار فيها مادامت الأقطاب التقليدية التي ستتخلون عنها تدريجيا قد استكملت نضجها؟ -أحب أن أذكر أنه عقب عملية الإدماج سوف يتم طرح حصص المراقبة على السوق لشركة كوسمار، لوسيور، المركزية للحليب، بيمو وسوترما، باعتبارها تملك مقومات الاستقلالية والتسيير الذاتي من حيث الرؤية الواضحة والهياكل الإدارية والكفاءات البشرية. لكن هذا لايعني فك الارتباط التام بهذه الفروع. بل سنسعى إلى جانب المساهمين الآخرين، في إطار هيئات الحكامة (مجلس الادارة واللجان المنبثقة عنه)، الى متابعة الانجازات والأوراش التي تحددها الادارة التنفيذية. من جهة أخرى سنوجه طاقاتنا لتطوير الفروع الأخرى بالإضافة إلى الاستثمار في أصول ومشاريع ذات مردودية منتظرة مهمة واحتضانها الى أن تصبح كفيلة بالاعتماد على إمكانياتها الذاتية. وفي الوقت الراهن ليس هناك قطاعات معينة جديدة نهدف الى الاستثمار فيها. -تميزت الهيكلة السابقة لكل من أونا والشركة الوطنية للاستثمار بتداخل وتشعب المساهمات بين الطرفين لدرجة كان يصعب معها تحديد من يمسك بخيوط اللعبة. الآن وقد تغيرت الخريطة الهيكلية للمؤسستين، هل لنا أن نعرف التوزيع الجديد للمساهمين داخل المجموعة الناشئة؟ - أولا يجب التوضيح أنه بإمكان أي شخص الاطلاع على تفاصيل مساهماتنا ونشاطاتنا وهيئاتنا التنظيمية في التقارير الأدبية والمالية السنوية للمجموعتين. أما بالنسبة لهيكلة الشركة القابضة الجديدة، فلايمكن التعرف عليها قبل معرفة نتائج العرض العمومي للسحب وتفعيل الاندماج القانوني. - ماهو الجديد الذي يمكن أن يحمله تخليكم عن التمثيلية المزدوجة داخل البورصة؟ وماذا تقصدون بالتسيير الاستراتيجي الهولدينغ الجديد من طرف فرعياتكم السابقة؟ - إن سحب أسهم المجموعتين القابضتين من البورصة مع الإبقاء على أسهم الفروع، يهدف إلى تمثيلية حقيقية للمجموعتين في سوق القيم. مما سيعطي للشركة القابضة المنبثقة من دمج مجموعة أونا والشركة الوطنية للاستثمار، المرونة والفعالية الضرورتين لتدبير أمثل لمهامها. بالنسبة للتسيير الاستراتيجي للشركة القابضة الجديدة، فيتلخص في مهمة المساهم المهني، حيث يقوم عبر هياكل الحكامة باحتضان وتنمية مشاريع وأصول مختلفة، ثم يطرح حصص المراقبة في البورصة حين تتوفر لديها مقومات الاستقلالية. - تشهد الساحة مجموعة من التحولات التي تهم التوجهات الاستراتيجية للعديد من المؤسسات الاقتصادية الكبرى (صندوق الايداع والتدبير - فينانس كوم - أونا والشركة الوطنية للاستثمار...) ماهي قراءتكم الخاصة لهذه التحولات، وما مدى انعكاسها على جاذبية الاقتصاد الوطني؟ - تعرف المقاولات المغربية تحديات كبرى في ظل انفتاح الاقتصاد الوطني على الأسواق العالمية، وانخراطه في مشاريع هيكلية ضخمة يطمح من خلالها المغرب الظفر بإشعاع إقليمي وقاري. وبما أن المؤسسات الاقتصادية الكبرى التي ذكرتم بعضها، هي بمثابة قاطرة للنسيج الاقتصادي المغربي، فإنها تحمل على عاتقها دورا جوهريا لرفع من وتيرة الاصلاحات وتبني هياكل تنظيمية فعالة تعبد من خلالها الطريق أمام كل الفاعلين الاقتصاديين لرفع تحديات الظرفية الاقتصادية. إن مجموعة أونا والشركة الوطنية للاستثمار لجد فخورين بنجاح احتضانهما ودعمهما لمشاريع «مغربية» في قطاعات حيوية، أصبحت الآن قادرة على التصدير والانفتاح على أسواق خارجية واحتلال مراكز مهمة علي الصعيد القاري.