إذا كان اللجوء إلى المحاكم للطعن في العمليات الانتخابية العامة، المباشرة منها وغير المباشرة شيء عاد ، فإن الأمر لا يخلو من الاستغراب عندما يتعلق بهيأة كانت وإلى وقت قريب في منأى عن التراشق والاتهامات بين مكوناتها. شريحة يفترض فيها إعمال العقل والحكمة والاحتكام إلى القانون المنظم لها لفض النزاعات القائمة بين مكوناتها، عوض القضاء الذي يبقى الوسيلة الأخيرة بعد استنفاد كل هذه السبل. فلا حديث في أوساط المهندسين المعماريين والمتدخلين في مجال التعمير، سوى عن الحالة التي وصل إليها المجلس الجهوي للمنطقة الوسطى الجنوبية حيث أضحى يسير برأسين : الأول الغالي المغاري تم انتخابه رئيسا يوم 24/5/08 وتم الطعن في شرعية انتخابه بدعوى عدم توصل المترشحين للمجلس الجهوي بقائمة الهيأة الناخبة عبر البريد المضمون، والثاني عبدالسلام الشرقاوي الذي انتخب يوم 19/12/09 ويزاول مهامه خارج مقر المجلس. كل شيء انطلق بعد انتخابات 24 ماي 2008 التي أفرزت مكتبا جهويا طعن في شرعيته ثلاثة مهندسين مترشحين من مكناس والحاجب، واختلفت تركيبة اللجنة المحلية للطعون حوله لترمي الكرة للجنة الوطنية التي ألغت نتائج الانتخابات. و«كان حريا بالمغاري الانصياع للقوانين المنظمة للهيأة ، يقول ع.السلام الشرقاوي، وإيقاف العملية الانتخابية، لكنه تحدى الجميع وتم توزيع المهام دون تسليم السلط بينه وبين الرئيس القديم بنعبود». بالمقابل يفند الغالي المغاري تبريرات الطعن، ويعتبر رئاسته شرعية أفرزتها صناديق الاقتراع، ويضيف بأن مسألة توفر المترشحين على قائمة بأسماء الناخبين التي اعتمدوا عليها في الطعن لم تكن موجودة في القانون الداخلي للهيأة بل أضيفت يوم 06 يونيو 2008 أي بعد إجراء العملية الانتخابية، لذلك التجأت إلى القضاء الإداري محليا ووطنيا. وحول تأخير إعادة إجراء الانتخابات لأزيد من 17 شهرا، قال الكاتب العام للمجلس الوطني جمال لوخناتي إن المجلس قام بكل المساعي الحميدة لرأب الصدع وإصلاح ذات البين من خلال الاحتكام للقانون المنظم للهيأة ولما تأكد أن أحد الطرفين «م» قام بإفشال كل المبادرات، لم يكن أمام المجلس أي خيار سوى تحديد تاريخ لإجراء انتخابات وفق القوانين والأنظمة التي تحدد عملنا، حيث مرت في ظروف تتسم بالنزاهة والشفافية بشهادة الموثق والمفوض الملكي وإشراف المجلس الوطني للهيئة وتم إخبار كل السلطات المعنية بالأمر. هذا النزاع جعل المهندسين في حيرة من أمرهم سواء في علاقتهم فيما بينهم - إذ بلغت صراعاتهم ذروتها بدخولها ردهات المحاكم - أو في علاقتهم مع السلطات المحلية والمتدخلين في شؤون التعمير بجهة مكناس-تافيلالت. فمتى يستقيم المعمار في هذه الجهة على العموم وبمكناس على وجه الخصوص؟