بدا رواد المحطة الطرقية باولاد زيان صباح أمس أشبه بالتائهين والمصدومين، فأسعار التذاكر حطمت كل الأرقام القياسية، والراغب في السفر إلى أي اتجاه، عليه أداء ثمن تذكرة المحطة النهائية، فالمتوجه إلى خريبكة عليه أداء تذكرة إلى بني ملال، ومن احتج تواجهه الأذرع الجاهزة للضرب والجرح والممثلة في «الكورتية» الذين بسطوا سيطرتهم على المحطة. أغلب الشبابيك أغلقت أبوابها منذ الساعات الأولى للصباح، لا معنى للاحتجاج، داخل المحطة فقط عويل الأطفال الصغار والنساء يختلط باحتجاجات أشبه بصيحة في واد. مدير المحطة غير موجود حتى حدود الساعة العاشرة صباحا، وبابه الفخم في الطابق الأول يوجد به فقط حارس أمن خاص لايملك أية إجابة عن الوضع، مصلحة مراقبة الأسعار التي يوجد بها شخص طلبنا منه تفسير ما يقع، طلب منا التوجه إلى العمالة أو مصالح الأمن، مضيفا «هذي العطلة وهاذ شي عادي..» توجهنا بعدها إلى مصلحة الأمن بذات المحطة، وجدنا أحد الضباط بزي مدني: «لسنا مسؤولين عن الأسعار وثمن التذاكر، نحن هنا إذا كان هناك مشكل أمني أو اعتداء..» وأضاف«الضابط من عنده.. سيرو للصحافة أو عند وزارة النقل..» قصدنا المراقبين التابعين لوزارة النقل.. وجدناهم في وسط المحطة وقد جعلوا من أحد الصناديق «مكتبا» وأفرادها مشغولون بملء الأوراق!!؟ وهم سمن على عسل مع السائقين، وكأنهم غير معنيين ما يقع تحت رقابة أعينهم.. لم يفدنا ممثلو الوزارة الوصية بأي شيء:«سيرو عند فلان في المكتب رقم 3 راه هو المسؤول..» عدنا أدراجنا إلى المكتب بالطابق العلوي، لا أحد داخل المكتب. أحد العاملين بالإدارة نصحنا بالتوجه مباشرة وأداء الثمن، لأن أصحاب الحافلات أضحوا فوق القانون، ولايسمعون أي أحد...، ولجنا وسط المحطة في كل مكان حلقات.. حول بائعي التذاكر، سألنا أحدهم: «لماذا تضاعف الثمن... راحنا كنرجعو خاويين»، الذاهب إلى بني ملال، عليه أداء 100 درهم وطنجة 250 درهما والذاهب إلى خريبكة وبجعد 100 درهم. جميع أصناف سيارات الدولة توجد داخل المحطة، وفي المنطقة المخصصة للحافلات، حيث يمنع الدخول.. سيارات جماعة البيضاء، الدرك وسيارات تابعة للدولة... لايتعلق الأمر بحالة استنفار للمسؤولين من أجل معالجة هذه الأزمة المفتعلة، ولكن فقط لحل مشكل الأهل والأحباب في هذه المناسبة. أحد العسكريين صب جام غضبه بعدما فوجىء بالأسعار الجديدة بمناسبة العطلة، ورفض أصحاب التذاكر تمتيعه بحق تخفيض %25 الذي تخوله بطاقة الأعمال الاجتماعية التابع لها والتي لها صفة الإجبارية.. فباولاد زيان بالبيضاء لا وجود للقانون. يختلط باعة السندويتش المتجولين مع باعة الجرائد والكتب البورنوغرافية المزيفة والشوكولاطة مع باعة الماء والمشروبات الغازية مع باعة العطور والأدوية المختلفة في عالم يؤطره الدجل والنصب على المواطنين، وكل ذلك وسط انتشار أمني كبير لرجال البوليس والقوات المساعدة. أما الغائب الأكبر عن هذه المحطة فهو مجلس مدينة الدارالبيضاء بمكتبه ونوابه ورئيسه، الذين لايحتاجون للسفر بالحافلات، لأن السيارات الفخمة المكتراة تلبي حاجة العائلة والأحباب، أما ساكنة البيضاء وزوارها فما عليهم إلا البحث عن حلول ترقيعية والردوخ لمنطق الابتزاز العلني للمتحكمين في شأن النقل بهذه المحطة التي ما هي إلى واحدة من عشرات المحطات تعرف نفس الممارسة في غياب توفر وسائل بديلة، خاصة لدى الفئات المتوسطة والفقيرة. وتبقى الرغبة في السفر والتمتع بدخول فصل الربيع وتلبية رغبات الاطفال الموجودين في حالة عطلة.. عاملا يسهل عملية ابتزاز المواطنين في انتظار أن ينتهي المتحكمون في الشأن المحلي من قضاء حوائجهم بهذه المحطة بالكتمان.