في إطار تنفيذ برنامجهما المشترك، قامت كل من جمعية الحكامة والتنمية المستدامة وجمعية الغرب للتنمية والبيئة، بجولة تفقدية لتشخيص أضرار وتداعيات الفيضانات في المناطق المجاورة لنهري سبو وورغة في منطقة الخنيشات التابعة لإقليم سيدي قاسم وذلك يوم الأحد 21 مارس 2010. وبعد القيام بهذه الجولة تم الوقوف على ثلاث استنتاجات رئيسية: ضعف التجهيزات ما فوق وما بعد السدود: بعد تراجع المياه التي أغرقت المنطقة ابتداء من سيدي عبد العزيز، تركت وراءها طبقة سميكة من الأوحال تجاوزت في بعض الأماكن المتر الواحد. وشملت هذه الأوحال بعض الدواوير وبعض الضيعات والحقول الفلاحية. فسمك الأوحال قد تجاوز جدع الأشجار المثمرة (الليمون والتفاح والخوخ،...)، وغمر المنازل والممرات. وعندما سألنا أحد المستخدمين في مكتب الري عن مصدر هذه الأحوال، أكد لنا أن الأمر راجع إلى ضعف التجهيزات ما فوق السدود للحد من التصحر وانجراف التربة كالتشجير مثلا، وما بعدها كتجهيزات السقي العصرية، والحواجز الضرورية لحماية الدواوير المجاورة لنهري ورغة وسبو خصوصا في النقط «السوداء» المعروفة. قوة المياه وتوسيع النهرين لسريريهما إن قوة المياه تسببت في انجراف كبير للتربة في حواشي نهري سبو وورغة في عدة نقط. وقد تحول ذلك إلى خطر كبير على المنازل المجاورة لضفافهما. وقد سجلنا في هذا الأمر على سبيل المثال لا الحصر تضرر محطة الضخ الشرق 2 التابعة للمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي للغرب، وانجراف أحد البنايات كاملة بمركز الخنيشات في نهر ورغة. كما أحدثت قوة المياه عدة خنادق عميقة بإمكانها أن تسبب في انجرافات جديدة لبعض المساكن القريبة من ضفاف النهرين. وعليه، ونظرا لخطورة تأثيرات الفيضانات خلال السنتين الأخيرتين، أصبح مفروضا على السلطات العمومية بلورة استراتيجية لتحقيق الأمن المجالي بما في ذلك تشييد سدود جديدة في الأماكن الضرورية، وانجاز التجهيزات ما فوق السدود للحد من التصحر وانجراف التربة لتجنب إغراق الدواوير والضيعات والحقول الفلاحية بالأوحال، وإنجاز الحواجز لحماية سكان الدواوير والأحياء المجاورة للأنهار، وإنجاز التجهيزات للحد من تهديدات انجراف المساكن المبنية على ضفافها، وصيانة القنوات الرئيسية والثانوية لصرف المياه. تقوية التضامن لمواجهة مخاطر الفيضانات ونحن نتجول في المناطق التابعة لجماعة الخنيشات، لاحظنا أن دوار أولاد سلام المجاور لنهر سبو لم يتعرض للفيضانات. وعندما استفسرنا السكان عن السر، أجابنا أحد الشبان أن الأمر راجع لتعبئة قام بها شباب الدوار لكل الساكنة توجت بمشاركة الجميع في أشغال إنجاز الحواجز حيث وصل علوها إلى مترين في بعض النقط السوداء. لقد تجندت كل الأسر برجالها ونسائها وشبابها وأطفالها (435 أسرة تقريبا) مستعملة كل الوسائل بما في ذلك العربات وآلات الحفر والأكياس البلاستيكية المملوءة بالرمال وتمكنت من إتمام الحاجز على طول الدوار في الوقت المناسب. كما تشكلت منذ البداية فرقا لمراقبة ارتفاع منسوب النهر ليل نهار لتجنب المفاجئة ومداهمة المياه للمساكن على غفلة. وبعد زيارتنا للحواجز تأكد لنا بالملموس أن المواجهة العمومية لآفة الفيضانات لا يمكن أن تكون سريعة وناجعة إلا عبر تعبئة ومشاركة السكان في الدفاع على سلامتهم إلى جانب السلطات العمومية. وأكد لنا الشاب المنشط للعمل التشاركي في هذه العملية بالدوار أن التدخل الجماعي للسكان لم يكن مفاجئة بل هو نتاج لقوة العلاقات الاجتماعية والغيرة الجماعية على سلامة مدشرهم وممتلكاتهم. فبعدما كان أغلب سكان الدوار فقراء تمكنوا بفضل الروح التنافسية والتعاونية من تحويل فلاحتهم البورية التي كان لا يتجاوز دخلها الصافي 10000 درهم في كل هكتار إلى ضيعات صغيرة للأشجار المثمرة التي أصبح دخلها الصافي في الهكتار الواحد يتجاوز 70000 درهم.