ظاهرة المشردين في الدارالبيضاء أصبحت تستدعي أكثر من وقفة، فنحن لم نعد بصدد مجموعة ليس لها مأوى وتهيم في الشوارع، بل أصبحنا أمام مئات من الشباب الذين «لجؤوا» إلى التشرد اختيارا! في أي وقت وفي أي مكان، تجد جيوش المشردين تجوب الأزقة والشوارع، تتوزع على المرافق، تتخذ الأبنية المهجورة وجنبات الفنادق وغيرها مستقرا للمبيت، يجهل من أين يأتون، ولمن ينتسبون من العائلات. شهود على ما يجري ليلا وأحيانا تجدهم فاعلين فيه. يوما عن يوم، تلمس أن الظاهرة أصبحت «ممأسسة» حقا، ولها نظامها الخاص، فلكل مجموعة من هؤلاء متزعم تلتف حوله مجموعته وتأتمر بإملاءاته، الرابط بين الجميع هو «السليسيون»، «الميكا» و«لانكول»، وكل ما يرفع الدماغ عن واقع الدنيا. تتوزع المهام في التسول لكسب ثمن المخدر والحصول على قليل من القوت، تصل عند الانتهاء إلى يد المتزعم. كل مجموعة تختار مكان «عملها»، إما بشارع أو سوق أو مؤسسة عمومية أو قرب الميناء، وغيره من المرافق الحيوية. ذات الوجوه تجدها في نفس الأمكنة، تنضاف إليها يوما عن يوم وجوه جديدة تلتحق بهذا العالم. عدد منهم يتحولون إلى لصوص وقطاع طرق عندما يضيق الحال بهم، واعتداءاتهم تصل أحيانا إلى القتل، وهم بذلك يشكلون خطرا حقيقيا على المدينة وسكانها. والمؤسف أننا نجد اهتمام المجتمع المدني يذهب في الغالب إلى شؤون التنمية دون الاهتمام بهذه الظواهر الاجتماعية الآخذة في الترسخ! السلطات أيضا أولت اهتمامها لمجالات أخرى دون العمل على الحد من هذه الظاهرة المؤسفة، التي لم تعد تنفع معها لا دور الرعاية الاجتماعية أو ما شابه.