ضمن سلسلة الكتاب الأول التي تنشرها وزارة الثقافة، صدرت باكورة الزميل امحمد حمروش الشعرية «النافورة الملتهبة». يستهل الشاعر المتألق دوما، حسن نجمي، تقديمه للديوان عبر التذكير بأول لقاء جمعه بامحمد، ولعل ذلك حصل في 33، زنقة الأمير عبد القادر بالبيضاء، أي في المقر المشترك لجريدتي الاتحاد الاشتراكي، عرين حسن السابق، وليبراسيون، حيث انطلق مسار امحمد الصحفي وهو لا يزال طالبا. يكتب نجمي: «حين التقيته أول مرة، شعرت، عبر ملامحه، رعشة يديه، شكل نظرته، طريقته في القراءة وعذوبة كلماته أنه يمتلك حسا شعريا عميقا. حدست تقريبا أنه شاعر قادم». أجل، ونحن نسافر عبر صفحات «النافورة الملتهبة»، نتأكد أن حدس الرئيس السابق لاتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر لم يكن خاطئا. جل قصائد الديوان قصيرة، وهي تكشف امتلاك صاحبها لنَفَس شعري متين ولغة أنيقة قاموسها منتقى بعناية، هو وصياغة الصورة والجملة الشعريتين. وقد فضل الزميل حمروش، الذي سعدت بالتعرف عليه في مقر ليبراسيون السابق بدار النشر المغربية في عين السبع لتستمر العلاقة جميلة رغم افتراق سبلنا في العديد من محطات الحياة والمهنة، فضل تبويب ديوانه إلى خمسة فصول تمحورت حول تيماتها قصائده: - مديح ميرا، - حج، - استراحة المحارب، - أفكار صغيرة، - احتفاءات. في قصيدته «انتصار»، يصدح صوت الشاعر المرهف: «لم تعش كثيرا، لكنك أبصرت ما يكفي. الملائكة مثل الشياطين، الملائكة أقل ربما من الشياطين. لم تعش كثيرا، لكنك ظللت على قيد الحياة. وعلى درقتك، التي تشع اليوم مثل صباح، يُقرأ انتصارك على الأقزام.» (ص: 63). ولا يخلو الديوان أيضا من كتابة شذرية تمزج بين البعد التأملي والمدى الشعري، مشكلة عن طريق هذه المعادلة الذكية جسرا لمساءلة الكائنات، أعماقها ومحيطها. في نص «الليلة الحبلى» يفكر الشاعر بصوت مرتفع، هو الذي يدعونا في نص آخر إلى الحذر من الصمت (ص: 72)، فيكتب: «يجب هزم جيش من الظلمات لبلوغ الشعاع الأول الذي يحرر الآمال الطرية للمشاة ليلا.» (ص: 73). يعترف امحمد شعريا حين يقول: «صحت، طفلا، في وجه الشمس: /أنيري العالم في قلبي» (ص: 52)، ومنذ ذاك وهو يرفع عاليا راية القصيدة لنقتسم بريقها معه عبر ارتشاف بعض نار النافورة (ص: 26)، علما أنه يقر، في حضرة ميرا، أنه لا يكتب سوى للدنو من كمالها (ص: 24)، لا يكتب سوى نصوص تتمسك بالحياة رغم «الفوضى العالمية الجديدة» (ص: 64).