زلّة مريعة ومثيرة للشفقة تلك التي ارتكبها برنار هنري ليفي الذي يعدّ نفسه واحداً من أبرز الفلاسفة الفرنسيين الجدد ويتباهى بكونه من أشهر الكتّاب في بلاد فولتير. ارتكب ليفي هذه الزلّة في كتابه «عن الحرب في ميدان الفلسفة» الصادر أخيراً عن «دار غراسيه»، إذ استند في تحليله إلى فكر الفيلسوف كانط إلى كتاب وهمي عنوانه «الحياة الجنسيّة لإيمانويل كانط» بقلم جان باتيست بوتول وهو اسم مخترع لكاتب لم يوجد أبداً. والكتاب هو مزحة من بنات أفكار الصحافي في مجلة «لوكانار أنشيني» فريديريك باجيس نشره بتوقيع بوتول على سبيل الدعابة وضمن تقليد أدبي ساخر دأب عليه الكتّاب الفرنسيّون في القرن التاسع عشر. والخطير أنّ هذه الزلّة تعكس طريقة ليفي في الكتابة. كيف يعقل أنّ «فيلسوفاً» بهذا المستوى لا يكلف نفسه عناء التحقق من الكتاب ومؤلفه. ولو قام ببحث سريع على الإنترنت لاكتشف بسهولة المقلب، كما أشار إلى ذلك الصحافي فريديريك باجيس الذي لم يتمالك نفسه من الضحك عندما تقاطرت عليه أسئلة الصحافيين حول الموضوع. بل إنّ هذا الأخير شكر ليفي على هذه الهفوة «العظيمة» التي سقطت كهدية من السماء. مجلّة «لونوفيل أوبسيرفاتور» كانت السباقة إلى الكشف عن هذه الزلّة الفلسفية. وسرعان ما انتشرت القصة كالنار في الهشيم وتلقّفتها وسائل الإعلام ليتحول «الفيلسوف الأنيق ذو الياقة الناصعة البياض» إلى أضحوكة الموسم الثقافي. هذه الواقعة الطريفة كسرت استراتيجية ليفي الإعلامية التي خطط لها كعادته بعناية. منذ أسبوعين، لا يكاد يمر يوم واحد من دون أن تخصص له الصحف والمجلات مقالات مطولة عن إصداريه الجديدين «عن الحرب في ميدان الفلسفة» و«بطاقات هوية». ذلك أن ليفي الذي لا يعترف به فلاسفة فرنسا الحقيقيون، يمتلك مهارة في استعمال شبكات المعارف والأصدقاء في الأوساط الثقافية والإعلامية والسياسية بهدف الحفاظ على الظهور المنتظم في الواجهة الإعلامية، كيفما كانت الذرائع. مرة إصداراته «الفلسفية» و«الأدبية» أو مرات أخرى خبطات إعلامية عن حقوق الإنسان في الشيشان، أو كوسوفو أو حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد «حزب الله» والخطر الإيراني، وما إلى ذلك من الأسطوانات المشروخة التي لا يكفّ ترديدها في وسائل الإعلام. حتى عندما يختفي، فهو يترك كرسيه جاهزاً لزوجته الحسناء، الممثلة أريال دومبال، كي تتحدث بإسهاب عن زوجها العظيم وثقافته الموسوعية.