قامت، مؤخرا، وزارة الأوقاف والشوون الاسلامية باسترجاع مسجد «إيڤري»، الذي كان في ملكية «رابطة العالم الإسلامي» التي تضم في حضيرتها عددا من المساجد في فرنسا، ليكون بذلك أول مسجد في فرنسا في ملكية المغرب، رغم الحركية التي يبديها المغاربة في الحقل الديني الفرنسي، والتي لا «توازيها» في ذات الآن قدرة المغاربة على الانخراط في «تسيير» عدد من المساجد والمصليات. هذا الوضع سبق أن لامسه وزير الأوقاف أحمد توفيق حين أوضح أن أزيد من 82 بالمائة من الأئمة المغاربة لا يتوفرون على أدنى تكوين في المجال. وهو ما يؤكده أحد المتابعين للشأن الديني بالمهجر في حديثه ل«الاتحاد الاشتراكي»، مشيرا إلى أن الأئمة الثلاثين الذين تم إرسالهم مؤخرا الى الديار الفرنسية «لا يجيدون في غالبيتهم اللغة الفرنسية»، مما جعلهم يضيف «يتيهون في دواليب الحياة اليومية والبحث عن أفق للاندماج». وللإشارة، فإن فرنسا تضم بمجموع ترابها حوالي 1500 إمام قرابة 40 في المائة منهم مغاربة (حوالي 600 مغربي)، تشتغل في ما يقارب 2000 مسجد ومصلى، غير أن الإحصائيات غير الرسمية تقدر عددهم بحوالي 2000 إمام، منهم حوالي 75 بالمائة لا يتحدثون اللغة الفرنسية. ومن بين النماذج، التي توقفت عندها «الاتحاد الاشتراكي» إمام مغربي التحق بأحد «المساجد الفرنسية خلال شهر رمضان الماضي من بين 150 إماما أرسلوا إلى فرنسا من جميع أنحاء العالم، وبين يده فقط «بطاقة طائرة ذهابا وإيابا»، بينما تكلفت بمصاريفه «الجهة المشرفة على المسجد».. مما وضعه في حيرة من أمره، هل ينجز مهامه الدينية، أم يبحث عن سبيل للاندماج لعدم تمكنه من اللغة الفرنسية! في سياق هذه الأزمة انطلق نقاش في فرنسا، منذ حوالي ثلاث سنوات، حيث نادت أصوات بوقف استيراد الأئمة من عدد من الدول العربية و البحث عن نموذج «إمام من صنع فرنسي» والبحث عن عن نموذج «إسلام فرنسي». فبعد كل من ألمانيا وهولندا و بلجيكا، ظهرت في فرنسا تجربة عمرها ثلاث سنوات، حيث يعمل «المعهد الكاثوليكي بباريس» على تكوين أئمة ضمن شعبة «الأديان والعلمانية والعلاقات الثقافية»، ويتستفيد هؤلاء من دروس في العلوم الإسلامية، فضلا عن التكوين القانوني والاجتماعي والفلسفي، هذا في الوقت الذي يضطلع معهد الغزالي التابع لمسجد باريس بإعطاء دروس في العلوم الإسلامية لهؤلاء الأئمة، والغاية من كل ذلك- كما يرى المراقبون- هو تفادي «التنافس الحاد بين التيارات المتحكمة في الحقل الديني الاسلامي في فرنسا».