احتضن مركز التكوينات والملتقيات الوطنية يومي 5/6 فبراير ندوة تربوية نظمتها جمعية الشعلة للتربية والثقافة بتنسيق مع وزارة التربية الوطنية، افتتح أشغالها أحمد اخشيشن وزير التربية الوطنية ولطيفة العبيدة كاتبة الدولة المكلفة بقطاع التعليم المدرسي بحضور فعاليات تربوية واجتماعية ونقابية ومنتدبين عن شبكة الشعلة، أطر أشغالها أساتذة باحثون وفاعلون تربويون واجتماعيون. في كلمة وزارة التربية الوطنية الافتتاحية، ثمنت لطيفة العبيدة كاتبة الدولة المكلفة بقطاع التعليم المدرسي موضوع الندوة المتعلق بتجديد الثقة في المدرسة العمومية ، الذي اختارته جمعية الشعلة بحس موفق ، وهو مؤشر يؤكد على انخراط الجمعية المسؤول و الطوعي في النهوض بالمدرسة المغربية ، وعن استراتيجية الوزارة في تجديد الثقة في المدرسة العمومية ، أشارت الوزيرة إلى أنها تستند على عدة مرتكزات منها تحسين المردودية الداخلية والخارجية لنظامنا التربوي وإعادة الثقة للفعل التربوي من خلال الانخراط والتعبئة لكافة الفاعلين والشركاء، واحتضان المجتمع للمدرسة العمومية مؤكدة أن الثقة المنشودة اليوم هي مرتكز وأساس تعاقد كل القوي الحية من أجل مدرسة مغربية وطنية جديدة تكرس القيم وترتقي بالكفاءات وتساهم في تطوير المجتمع . واعتبرت الوزيرة أن الثقة رهينة بتعبئة كافة الفاعلين والشركاء تجسيدا للقناعة الراسخة بكون قضية المدرسة المغربية هي قضية وطنية ومجتمعية ذات أولوية ، مؤكدة أن التعاون والشراكة بين الوزارة والجمعيات والمنظمات غير الحكومية أصبح ضرورة ملحة ومدخلا من بين المداخل الأساسية لإنجاح الإصلاح التربوي ، مذكرة بإمكانيات البرنامج الاستعجالي المعبئة لرفع التحديات المرتبطة بتعميم التعليم والرفع من جودته وتأهيل الموارد البشرية والمؤسسات التعليمية وتحسين الحكامة التدبيرية. وفي نفس السياق شددت الوزيرة على ضرورة التعاون والشراكة بين الوزارة والجمعيات والمنظمات غير الحكومية ، هذا التعاون الذي أصبح مدخلا من بين المداخل الأساسية لإنجاح الإصلاح التربوي، إذ تعتبر الجمعيات فاعلا وشريكا رئيسيا، يساهم، إلى جانب الدولة، في تحقيق أهداف الإصلاح، وتوفير شروط ومقومات استدامته في مختلف الأصعدة المحلية والجهوية والوطنية. من جانبه أكد محمد أمدي أن الشعلة اختارت شعار 2010 سنة الشعلة ل» تجديد الثقة في المدرسة العمومية « مبرزا أن عدة ندوات وأنشطة نظمت وتنظم الآن من طرف شبكة الشعلة بعدد من الفروع والجهات ببلادنا ، وذلك في سياق حوار وطني يروم فتح نقاش عمومي مع المشرفين على القطاع والفاعلين في الحقل التعليمي ومختلف الباحثين التربويين والاجتماعيين و الفرقاء النقابيين من أجل تجديد التمثلات حول الوظائف الجديدة للمدرسة وأدوارها البيداغوجية والعلمية والمعرفية في سياق زمني منفلت سمته الأساسية التطورات المعلوماتية والتكنولوجية السريعة واختراق العولمة التي كسرت الجسور والحدود بين الأمم . وأبرز أمدي رئيس الجمعية ألا أحد اليوم يمكن أن يتجاهل الاختلالات التي تعرفها المدرسة المغربية والتي أقرتها تقارير عدة مؤسسات دولية ووطنية مختصة ، كما لا يمكن التنكر للجهود الرسمية للوزارة الوصية من خلال مشاريع البرنامج الاستعجالي الذي يحاول أن يعطي نفسا جديدا لمنظومة التربية والتكوين، كما أن الموارد المادية التي عبأتها الحكومة من شأنها أن تسرع من وتيرة الإصلاح ، مؤكدا أن الاختلالات القائمة لا تتحمل وزرها المدرسة لوحدها بل يرجع السبب إلى تراجع أدوار باقي مكونات التنشئة الاجتماعية ، بالإضافة إلى تشتت وتعدد المشهد النقابي والحزبي ملحا على أن الإصلاح ينبغي أن يشمل بالضرورة كل هذه المكونات ...وجدد أمدي ثقته في مجموع المبادرات الرامية إلى استعادة الأسرة لتماسكها وتضامنها إلى جانب الخطوات المتجهة نحو تسريع إيقاع الإصلاح لتأهيل المنظومة التربوية . وتجدر الإشارة، إلى أن جمعية الشعلة قدمت أرضية للندوة استعرضت من خلالها طبيعة المنعطف الذي تمر منه المدرسة العمومية اليوم، مؤكدة رغبة الجمعية في تقوية صورة المدرسة الرمزية لدى مختلف شرائح المجتمع المغربي، و إيمانها بالحاجة إلى تضافر مكونات المجتمع وتعبئتها حول المدرسة العمومية، بدءا من وزارة التربية الوطنية كقطاع حكومي والأسر المغربية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات الوطنية، والأحزاب السياسية . كما ثمنت أهمية التعبئة المجتمعية حول المدرسة المغربية، لذا قررت أن تجعل من الموسم الدراسي 2009 / 2010 “ سنة الشعلة للمدرسة العمومية” تنكب من خلالها جميع فروع الجمعية وطنيا وجهويا ومحليا، على إنجاز برامج وأنشطة تهدف إلى تعزيز مكانة المدرسة المغربية في الوسط الاجتماعي استنادا على شعار السنة: “ تجديد الثقة في المدرسة العمومية « ورأت أن غياب إشراك مختلف المعنيين بالشأن التربوي/ التعليمي؛ من عاملين بالقطاع وجمعيات الآباء ومنظمات نقابية وجمعيات تربوية وأحزاب سياسية ومختلف شرائح المفكرين والمثقفين والمبدعين... لمن شأنه أن يزيد في عزلة المدرسة عن محيطها. وتتوخى جمعية الشعلة من أشغال هذه الندوة طرح مجموعة من الأسئلة المستفزة: هل يريد المجتمع مدرسة محافظة تعمل على إعادة الإنتاج لنفس البنيات التقليدية السائدة؟ أم يريد مدرسة تنويرية تعمل على تغيير المجتمع باستباق الأحداث والفعل فيها؟ أم أنه يريد نموذج المدرسة التفاعلية التي تتبادل التأثير مع محيطها الاجتماعي، وتفتح أبوابها على مختلف مكوناته وفعالياته ومؤسساته؟ ولعل النموذج التفاعلي للمدرسة العمومية هو ما يحدد الرؤية التي تدعو إلى تأسيس تصور ديمقراطي تشاركي ، وإلى تدبير جماعي للمدرسة قمين بتحقيق التفاعل المعقلن بين المدرسة والمجتمع كي تغدو المدرسة بالفعل مدرسة مواطنة، مستقطبة لمحيطها ومتفاعلة إيجابا معه ..وهل من سبيل لمد جسور التواصل بين الفاعل الجمعوي والفاعل التربوي لتقريب المسافة بينهما؟ ألم يحن الوقت بعد إلى أن ترتقي العلاقة بين المدرسة والأسرة إلى مستوى من التكامل والتعاون والتفاعل البناء؟ لماذا لم ترتق بعد جمعيات الأمهات والآباء إلى مستوى القيام بدورها كشريك أساسي داخل المؤسسات التعليمية؟ أليس من المفيد أن تتخذ منظمات المجتمع المدني من فضاء المؤسسات التعليمية مجالا للتنشيط التربوي يتيح للأطفال إبراز طاقاتهم وصقل مواهبهم؟ هل النقابات التعليمية مجرد منابر للنضالات المطلبية؟ أم ينبغي أن تكون طرفا يزاوج بين النضالات المهنية، والتكوين البيداغوجي والمهني لمنخرطيها؟ إنها أسئلة ورهانات اختارت الشعلة تطارحها في هذه الندوة مما سيسمح لا محالة بتدشين حوار وطني يروم استعادة المدرسة العمومية لموقعها الاجتماعي وإشعاعها الثقافي بين مختلف مكونات المجتمع المغربي.