يعيش ورثة الباشا حمو بمدينة مكناس حالة من الإحباط والمعاناة وهم يحاولون استرجاع أراضيهم التي يقولون بأن بلدية مكناس استولت عليها بدون وجه حق، وفق إجراء مبادلة، يؤكدون أنه لا علم لهم بها أصلا، وأنه حتى في حال صحة هذا الأمر، فإن المتعارف عليه أن المبادلة حسب قولهم قد تكون تمت لأجل المنفعة العامة وتستوجب التعويض، وهو ما لم يتم أصلا، حسب ما هو مضمن بشكايات عديدة ظلت حبيسة الرفوف لسنوات طويلة، قبل أن تنفجر القضية مع الشروع في التصرف في الأرض لأغراض شخصية اقتصادية ليس إلا. أصل المشكل حسب ورثة الباشا حمو يعود إلى ما قبل 75 سنة مضت، وبالضبط الى 1935/09/16 أي إبان الحماية الفرنسية، عندما تم من دون علم الورثة تفويت 14 هكتارا بحمرية باب بوعمير إلى راس المصلى، وقيل وقتها بأن العقار الذي تم تفويته عن طريق المبادلة بواسطة عقد مؤرخ في 1935/09/16 هو لأجل المنفعة العامة، إلا أن الورثة نفوا علمهم بهذه المبادلة ولا بالقرارات المترتبة عنها أصلا، بل إن مبدأ المبادلة يقتضي التعويض العيني، أي تسليم عقار مقابل آخر في مكان آخر، وهو ما لم يتم أصلا، الأمر الذي دفعهم الى رفع شكايات إلى الجهات المسؤولة منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا لاسترجاع ممتلكاتهم أو تعويضهم عنها عملا بمقتضى نص المبادلة الأصلي، والتي يقولون بأنها لم تنفذ ولم تنجز على أرض الواقع، وكانت سبباً في ضياع حقوق الورثة لسنوات طويلة، بالرغم من كونهم كانوا يتصرفون فيها بحسب الوثائق المسلمة إليهم إلى غاية 1952. الزائر للمنطقة موضوع النزاع، والتي قيل وقتها بأن المعاوضة أو المبادلة تمت لأجل المنفعة العامة سيفاجأ بمنشآت اقتصادية، أي أن الأمر لم يكن لأجل منفعة عامة أصلا، حيث تم تشييد فندق ومطعمين وقاعة سينما، وهو ما يدعو إلى التساؤل حول مسطرة التصرف في هذه البقع الأرضية، حيث لا يتوفر أي أحد ممن يستغلونها على وثائق التسجيل والتحفيظ، مما يؤكد أحقية الورثة في أراضيهم التي تم سلبها من دون وجه حق، ولأنهم لم يحصلوا على البقع التي تمت بها المبادلة ولا على أي تعويض يذكر، فإن الأصل في التعامل في مثل هذه الحالات يتم عبر إعادة الأرض إلى ملاكها الشرعيين، مادامت عملية الاستغلال أصبحت تجارية محضة ولا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالمصلحة العامة. وخلال رحلة استرجاع حقوقهم لم يترك الورثة بابا إلا وطرقوه بما في ذلك اللجوء إلى المحاكم، حيث واجهوهم بعدم توفرهم على الحيازة والتصرف في العقار موضع النزاع، فقاموا بإشهاد على أنهم يتوفرون على الحيازة والتصرف، فواجهتهم البلدية بأن البقع الأرضية التي يطالبون بها غير مطابقة لواقع الحال في الوقت الراهن، وهو ما قاموا بتفنيده أيضا، حيث إن التغييرات الحاصلة على عقاراتهم أحدثتها المصالح البلدية من خلال شق الطريق، الأمر الذي استدعى إنجاز خبرة وخبرة مضادة، وما يزالون في انتظار ما ستؤول إليه الأمور. معاناة ورثة الباشا حمو مع الترامي على أراضيهم لم تقف عند هذا الحد، فبسيدي اسعيد بمكناس أيضاً ترامت المصالح البلدية على بقعتهم البالغة هكتارا و 250 آرا واحتلتها لأجل تشييد سوق نموذجي من دون وجه حق، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل، إن كان الأمر يتعلق بترام ممنهج على ممتلكات سلالة الباشا حمو، وإن كانت معاناة هذه الأسر التي استمرت لحوالي سبعين سنة ستستمر لسنواتأخرى، ذلك ما لا يرجوه الورثة، والذين لم ييأسوا وراسلوا جميع الجهات لأجل استرجاع حقهم المسلوب.