قال عبد الحي المودن، الباحث في العلوم السياسية، إن الحركة الاحتجاجية التي عرفتها مدينة سيدي إفني، التي كانت فضاء لمواجهات بين السكان والسلطات الامنية قبل سنة، «كانت بمثابة ثورة ناجحة عرفها المغرب». وأشار المودن في لقاء نظم أول أمس الأحد في إطار الدورة ال16 للمعرض الدولي للنشر والكتاب تحت عنوان «قراءة في تحولات مغرب اليوم»، في الآن ذاته، أن عددا من قياديي هذه الاحتجاجات التي شلت جزءا كبيرا من اقتصاد المدينة لأسابيع تحولوا في ما بعد، بعد خوضهم تجربة الانتخابات الجماعية الأخيرة إلى مسييرين للشأن المحلي بالمدينة. وقال المودن، خلال هذا اللقاء الذي أداره الباحث حسن طارق، أن الدولة أصبحت أكثر استجابة للحركات الاحتجاجية في خطوة منها لتدبير الأزمات واستبعاد حدوث أخرى مماثلة لها في المستقبل من الأيام، وتساءل، في الآن ذاته، حول النتائج التي تخلفها الاحتجاحات على بعض القرارات التي تتخذها الدولة من قبيل «العقاب» أو«فتح تحقيقات» حول عدد من القضايا، التي أصبحت جزءا من الدراسات والبحوث الاكاديمية في الجامعات المغربية. وأوضح المودن أن مؤشرات التحول التي خضع لها المغرب بعد الاستقلال تجلت بالخصوص في النمو الديموغرافي والتوسع المجالي والتغير في الفئات المجتمعية، فضلا عن تحول بارز يتعلق بالأنشطة بتحولها من الفلاحة كنشاط رئيس إلى مجال الخدمات والتجارة . وأبرز المودن أن المنظومة السياسية انفتحت على التحولات التي حصلت بالمغرب، وبالتالي على المجتمع من خلال المجالس الاستشارية التي ليست بأي حال من الأحوال شكلية، فهي في نظره تساهم في بلورة استراتيجيات الدولة ووسيلة لتدبير الأزمات. ومن جانبه قال محمد العيادي، الباحث في العلوم السياسية والاجتماعية، إن المغرب عرف تحولات جذرية خاصة في مجال القيم والذهنيات والتحول من بنية الأسرة الكبيرة الأبوية إلى الأسرة الصغيرة النووية. كما عرف تحولا كبيرا على المستوى الاجتماعي والديمغرافي و على المستوى الثقافي والتعليمي. غير أن هذه التحولات، يشير العيادي، قابلها ثبات على المستوى السياسي وركوض في المنظومة السياسية. وأوضح العيادي أن مفهوم «التحول» خضع ذاته للتغيير، إذ أصبح يكتسي صبغة إيديولوجية، الأمر الذي يستدعي، حسب العيادي، ضرورة إعادة تفكيكه من أجل فهم سياقه وإدراك بعده السياسي و الاديولوجي. وذكر العيادي، كذلك، بتقرير الخمسينية، الذي اعتبره أرضية لمعرفة كل التحولات التي عرفها المغرب. كما أشار إلى أن مفهوم سلطة الأب داخل الاسرة قد تغير، موضحا أن ثمة من يقرأ الظاهرة الاسلامية بمثابة رد فعل على هذه التحولات التي عرفتها الأسرة المغربية. وفي الوقت الذي ساهمت فيه الطفرة الإعلامية الجديدة في تغيير القيم داخل المجتمع المغربي، إذ تغيرت مجموعة من القيم التي كانت سائدة داخل المجتمع المغربي وأنتجت مفاهيم جديدة مغايرة، أوضح العيادي أن « التقليدانية تتشبث بالاستمرار بطرق متعددة و متجددة». وأشار إلى أنه بالموازاة مع التحولات في المنظومة الساسية على مستوى الحريات يلاحظ استمرار النظام المخزني في حلة جديدة من خلال إبداع نظام تقليداني جديد مع دفع الطبقة السياسية للخضوع له. أما ادريس العيساوي الباحث في مجال التواصل و الاعلام فتناول التحولات التي شهدها مجال الإعلام من التسعينات إلى اليوم، سواء على مستوى السمعي البصري أو الصحافة المكتوبة، مشيرا إلى وجود نوع من المفارقة بين التصور والواقع، مذكرا بالمناظرة الوطنية حول الإعلام التي نظمت سنة1993، والتي فتحت نقاشا حقيقيا وصريحا حول الإعلام بكل أطيافه. وأشار العيساوي الى أن مرحلة التسعينيات كانت منطلقا للتحضير للتغييرات التي سيشهدها القطاع السمعي البصري والصحافة المكتوبة بعد ذلك، من خلال إيجاد وسائل اعلام جديدة لكن من خلال وضع ضوابط متجددة وإنجاز تحول في المجال بنوع من التدرج. من جانب آخر أشار العيساوي إلى أن مجال الإعلام انتقل بعد هذه المرحلة من الفعل السياسي الملتزم، من خلال الصحافة الحزبية إلى مرحلة أطلق عليها مرحلة «الفعل المهني»، في إحالة الى الصحافة «المستقلة»، حيث فتحت أبواب المواكبة والمصاحبة الإعلامية في إطار المقاولة الإعلامية و التعامل مع المادة الإعلامية كمنتوج اعلامي يحتكم الى منطق السوق.