قضى الحبيب الشرقاوي ستين سنة من العمل الوطني والسياسي، منذ أن انخرط في حزب الاستقلال سنة 1950 وكان قد مضى عليه 18 سنة. وكان طبيعيا أن يلتحق بمدرسة الوطنية لأن والده رحمه الله كان أحد الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال سنة 1944، كما كان رحمه الله صديقا لكبار القادة الاستقلاليين وواحدا منهم.. الحبيب الشرقاوي، الذي يعرف الكثير من المناضلين أنه لا يخشى في الحق لومة لائم، والرجل الامين والمتكتم ، يفتح قلبه للاتحاد الاشتراكي ليرحل بنا عبر ذكرياته منذ ايام الشهيد المهدي الى مغرب الناس هذا ، مرورا بسنوات الجمر وبالمعتقلات وبالاسرار السياسية ... وبقضايا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية... حين تولى الأخ اليوسفي مسؤولية الكتابة الأول، هل كان يعرف حقيقة الأوضاع التنظيمية داخل الحزب ، نشاطه ، علاقاته ، الخلافات؟ كان يشير بعجالة لبعض الأمور فقط . هل أفصح لك عن رأيه في عبد الرحيم بوعبيد؟ الحقيقة كان يحترم الفقيد عبد الرحيم احتراما كبيرا و كان يناديه أحيانا بالقائد أو بالمعلَم. ورث الأخ عبد الرحمان اليوسفي وضعا حزبيا صعبا، كيف تعامل مع هذا الوضع ومع مخلفات المؤتمر الخامس ؟ في حياة الأخ عبد الرحيم وأثناء اجتماع عقد ببيتي بأكدال اقترح المرحوم أن يتولى الأخ اليازغي مهمة القضايا التنظيمية عوض الأخ نوبير الأموي .فواجه الأخ اليوسفي ذلك الاقتراح بالرفض التام وبعنف . لكن، بعد أن أصبح كاتبا أولا، سيجد نفسه أمام عدة عراقيل من صنع بعض أعضاء المكتب السياسي ومنهم الأخ نوبير الأموي ، وخارج المكتب، من طرف الفقيه البصري . مثلا؟ التصريح الذي أدلى به الأخ الأموي لجريدة الباييس الاسبانية. أعتبره عملا مقصودا لخلق مشاكل ومتاعب للأخ اليوسفي . قبل هذا التصريح كان إضراب 1990 ومخلفاته، كيف عالج الكاتب ألأول النتائج المترتبة عن ذلك الإضراب؟ بخصوص اضراب 1990 حاولنا كمكتب سياسي مع اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال أن نقنع ألأخ الأموي بإلغاء قرار الإضراب . وبعد عدة محاولات واجتماعات عقدت بالدار البيضاء لم ننجح في إقناع قيادة المركزيتين . ونُفذ قرار الإضراب وصدرت قرارات طرد في حق العديد من المضربين. من دون شك أن عبد الرحمان اليوسفي واجه عدة قضايا شائكة بعد أن أصبح كاتبا أولا ، ومع ذلك استطاع أن يتغلب على العديد من تلك القضايا، واستطاع أيضا أن يعطي نفسا جديدا للحزب. استأنفت الاتصالات بين الاتحاد وحزب الاستقلال، ما ذكرياتك عن المذكرة المشتركة للحزبين التي رُفعت للملك سنة 1991؟ مذكرة الإصلاحات لسنة 1991 خلفت صدى كبيرا لدى الشعب المغربي ،كانت مؤشرا ملموسا لبداية جمع شمل الحركة الوطنية .وقد تلقاها المناضلون في الحزبين بارتياح كبير . من كان المبادر الأول ؟ قيادة حزب الاستقلال هي التي أخذت المبادرة . وعقدت اجتماعات عديدة ، وكان الأستاذ امحمد بوستة يلتقي باستمرار بالأخ عبد الرحيم بوعبيد رحمه الله. من الناحية السياسية، هل كانت هناك رغبة من طرف الملك دعَمَها الاتحاد والاستقلال، أم كانت قناعة سياسية لدى الحزبيَن فقط؟ لا كانت رغبة ملحة من الحزبين للمطالبة بإصلاحات سياسية ودستورية ، أي رغبة من جانب المعارضة لا من جانب الحكم . نعود لسنة 1992.استقبل الملك الكاتب الأول عبد الرحمان اليوسفي. هل أخبرك هذا الأخير بما دار في ذلك الاستقبال ؟ اخبرني بما جرى في ذلك اللقاء،وأشار في معرض حديثه ، أنه لما كان صحبة الملك صادف ولي العهد -وقتها- بإحدى الممرات. فقدم الملك الأخ عبد الرحمان اليوسفي لولي العهد ، كواحد من أكبر المهربين للسلاح سابقا . بعد ذلك نظم مهرجان الذكرى الأربعينية لوفاة الأخ عبد الرحيم بوعبيد بالدار البيضاء ،وعبر الكاتب الأول عن انزعاجه لمستوى الحضور في ذلك المهرجان .... المهرجان تميز بحضور شخصيات أجنبية سياسية بارزة منهم عدد من الوزراء الأولين السابقين مثل روكار ووزراء مثل جوبير وحضرها الحسين آيت أحمد من الجزائر وعدد من زعماء الأحزاب المغربية. أما على المستوى الحضور الحزبي فربما وقع خلل في توزيع الدعوات . نعم كان هناك تقصير . قبل إنشاء الكتلة الديمقراطية، اتسع التنسيق بين الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال ليشمل أيضا حزب التقدم والاشتراكية ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي هل حضرت بعد اجتماعات الأحزاب الأربعة ؟ شاركت في العديد من هذه الاجتماعات التي كانت تمر في أجواء أخوية. وكانت تتناول العديد من القضايا من بينها العلاقة مع القصر،وقضايا الانتخابات ....وكانت تلك الاجتماعات بمثابة ترتيبات أولية لقيام الكتلة الديمقراطية التي أعلن عنها في ندوة صحافية يوم 17 مايو 1992. تلك الاجتماعات كانت مناسبة للقاء وجوه سياسية من جديد؟ مثل الاستاذ امحمد بوستة .. حقيقة أعتبر الاستاذ امحمد يوستة انسانا فريدا من نوعه. إضافة كونه قائد سياسي كان أيضا صاحب نكتة،طبعا على الطريقة المراكشية، كما كان طيبا ووديعا.استرجعت معه بعد الذكريات قبل 25 يناير 1959 واستحضرنا بعضا أسماء الوطنيين الذين كانوا أعضاء في اللجنة التنفيذية وبعض الوقائع قبل الانفصال. وماذا عن الأستاذ محمد بنسعيد آيت يدر؟ الاستاذ آيت يدر مقاوم ومناضل ،ترك لدي انطباع أنه رجل برغماتي وراديكالي حتى النخاع. وعن الاستاذ علي يعتة؟ هو مناضل سياسي بامتياز،كان دائم التفكير. كنت قد اتصلت به سنة 1981 لأخبره بنقل ألأخ عبد الرحيم بوعبيد إلى ميسور. وأشير أيضا إلى أن جريدة البيان ،التي كان يديرها، لعبت دورا هاما في ذلك التاريخ ونشرت بيانات تضامنية مع الإتحاد ومع أعضاء المكتب السياسي المعتقلين وأخرى تستنكر اعتقالهم.