احتجاجا على حاملي رخص التنقيب الأربعة الذين امتنعوا عن شراء الفحم الحجري ومسحوقه، ورفضوا الاستجابة لمطلب الزيادة في الكيس، اعتصم عمال الساندريات بمستودع شركة محلية لاستغلال وتسويق الفحم منذ بداية شهر دجنبر 2009، ليظهر فجأة رجل أعمال غريب عن المدينة ولا صلة له بالفحم، فنادى في الجبال عبر الوسطاء والأبواق المأجورة ببشرى الخلاص لرغبته واستعداده لشراء كل ما يستخرج من الفحم بالمدينة، حيث يذكر أنه عرض على أصحاب الآبار الفحمية ثمنا مغريا أعمى به بصيرتهم وقطع به الطريق على حاملي رخص التنقيب. وتمخض عن هذا الصراع اتفاق تم بالكلام بين أصحاب الآبار الفحمية وأرباب الشركة المحلية لاستغلال وتسويق الفحم برخصة قد انتهت صلاحيتها وما سمي بالمستثمر الجديد أو المخلص، الذي أهم ما قيل عنه أنه تعهد أمام السلطات بشراء كل ما يستخرجه عمال الساندريات من الفحم طيلة سنة كاملة بالثمن الذي تم الاتفاق عليه وتحديده في 100 درهم للكيس بدلا من 70 درهما، وعلى أساس تزويد الآبار الفحمية بالخشب حفاظا على الثروة الغابوية، واشترط أن لا يباع الفحم المستخرج لأي شركة فحمية محلية أو جهة أخرى. هذه الزيادة، التي كانت ستزيد للبيئة تدميرا وتعصف بالمدينة، شجعت عمال الساندريات على استخراج منتوج قد تجاوز 450 طن بقيمة مالية فاقت 60 مليون سنتيم وتجميعه حسب الاتفاق بمستودع الشركة المذكورة، وذلك لنية استخلاص أموال بضاعتهم كل يوم جمعة كما جرت بعه العادة مع السابقين. إلا أن رياح اللامبالاة هبت بما لا تشتهيه حاجة عمال الساندريات إثر تلقيهم خبر اختفاء ما سمي بالمستثمر الجديد فجأة كما ظهر فجأة، الأمر الذي جر عمال الساندريات إلى الاحتجاج قبالة عمالة الإقليم يوم الجمعة 25 دجنبر 2009، ودون أن يجد مشكلهم طريقه إلى الحل. في ظل هذا الجو المشحون بالتوتر وعدم قيام السلطات بأي مجهود لحل هذا المشكل ووقوفها موقف المتفرج، حدثت انفلاتات لم تكن متوقعة نجم عنها إتلاف بعض ممتلكات المواطنين كان آخرها متجر تاجر حامل لرخصة التنقيب، وتدخل الأمن في وقت متأخر ليقوم باعتقالات عشوائية في صفوف شباب المدينة وشملت حتى القطاع التلاميذي وقائمة المتابعة الأمنية مازالت مفتوحة إلى إشعار آخر. أحداث درامية تمت وفق ترتيبات مخزنية غير بريئة وبالتعويذة التي أرادها الساحر، وأجمعت جميع القوى الحية بالمدينة على أنها مؤامرة الهدف منها التستر على المخططين الحقيقيين والمستفيدين من حالة اللاقانون التي لازال يفرضها واقع الساندريات والإساءة إلى المدينة، التي أطعمت المغرب، ولتاريخها النضالي. القطب اليساري بعد وقوفه على حيثيات الأحداث وتداعياتها خلص في بيان له صدر بتاريخ 27 دجنبر 2009، أن هذه الأحداث نتجت عن مؤامرات تهدف إلى النصب والاحتيال ويشترك فيها ?حسب البيان- أطراف سياسية والسلطة بمختلف أجهزتها وأحد المستشارين الشاردين بالمجلس الحضري. وطالب السلطات العليا بفتح تحقيق نزيه حول الأحداث ومعاقبة الفاعلين الحقيقيين. وفي بيان آخر صادر عن تنسيقية الدفاع عن مدينة جرادة بتاريخ 28 دجنبر 2009، اعتبرت سكرتارية التنسيقية هذه الأحداث سيناريو مفبرك هدفه وضع ترتيبات جديدة لفائدة المضاربين وأذنابهم وطالبت في أكثر من بيان بالعمل على هيكلة قطاع الفحم ولم لا فتح المناجم من جديد مادام إنتاج الفحم مرغوبا فيه. في حين اعتبر الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان في بيان له صدر في فاتح يناير 2010، هذه الشريحة من المواطنين ضحايا لتخطيط فاشل متعمد لملفهم واستهدافهم كقوة احتجاجية وازنة داخل المدينة، ومؤامرة حيكت في غفلة من العمال البسطاء، وطالب بدوره بفتح تحقيق جاد ومسؤول حول هذه الأحداث وتحديد المسؤولين عنها. ومن خلال البيانات الصادرة بعد قراءة واعية وسليمة لأحداث مصطنعة، قد وقف الجميع وإن لم يكن الكل على حجم خطورتها على عمل الساندريات وانعكاساتها على المدينة، نتساءل عن سر هذا المستثمر الجديد أو ما سمي بالمخلص الذي ظهر فجأة واختفى فجأة؟ وعن مشروعية شركة فحمية محلية قائمة برخصة قد انتهت صلاحيتها؟ وأي دور للسلطات الحاضرة في الاتفاق والغائبة في الأحداث؟ ومتى كانت سلطة العهد الجديد تتجنب الأسباب وتشد في العواقب؟