اتفقت مجموعة كبيرة من المحلات بأهم مراكز المدينة هذه الأيام على إعلان واحد وهو «للبيع»، حتى الشقق في هذه المناطق أصبحت معروضة بدورها للبيع ، والغريب أن الإعلان يظل معلقا إلى ما لا نهاية، دون أن يتقدم أحد للشراء! أوضح لنا بعض العارفين بشؤون الاقتصاد، بأن دخول «الشينوا» خرب مجمل المعامل الصغرى وبعض المحلات التجارية الكبرى، التي لم يترك لها أدنى مجال لمنافسة سلعها.. مما دفع بأغلبها للإفلاس وإعلان الخروج من مجال التجارة ككل والاكتفاء بمواجهة الديون المترتبة عن الإفلاس الاضطراري! هذا الرأي نتفق معه الى حد ما وقد نذهب إلى أبعد من ذلك ونعتبر أن الأمر يدخل في إطار منافسة تجارية، البقاء فيها رهين بمن يحسن ترويج سلعته وعلى صنّاعنا أن يتهيأوا لهذا الأمر، خصوصا وأن بنود العولمة وتحرير السوق ستتم أجرأتها عما قريب. لكن المتتبع للخيط الناظم للتسيير في العاصمة الاقتصادية سيكون له رأي آخر في هذا الأمر، فأكبر الفضائح التي طفت على السطح منذ ست سنوات، هي فضائح تتعلق بالأراضي ومن سيحوزها.. أرض الحديويين مثلا، وأراض بعين الذئاب قدمت كشبه هبة في 1965 الى الدار البيضاء ليظهر أصحابها بقدرة قادر في 2005 ليطلبوا ثمنها الحقيقي ، وتم لهم ذلك من مال الجماعة وفاق القدر 11 مليارا ! دون الحديث عن أراض أخرى بتيط مليل وأولاد حدو وغيرها. بمعنى أن الاتجاه العام في التسيير كان يحكمه الهاجس العقاري عوض شيء آخر، والملفات التي تظهر بين الفينة والأخرى، ما هي سوى مؤثثات بسيطة لن يذهب ضحيتها إلا موظفون بسطاء! وبما أن مستقبل الأراضي في الدارالبيضاء محدود جدا، لأن مجمله تم التهافت عليه ، فقد اهتدى بعض أصحاب القرار بالمدينة، إلى جعل مناطق بالمركز في حالة إهمال من كل الجوانب حتى بارت التجارة بها ، وكمثال على ذلك شارع محمد الخامس وغيره من المناطق المجاورة، بمركز المدينة، وساد فيها اللاأمن مما جعلها فضاءات مفتوحة على الدعارة والسرقة والإجرام، وهي الوضعية التي دفعت مستغلي البيوت والمحلات التجارية الى هجرها وبأبخس الأثمان، ليظهر بعد ذلك أحد «المنهشين» العالم بمستقبل المنطقة في وثائق الجماعة، كمشتر وكمنقذ في نفس الوقت، لكنه سيشتري بأبخس الأثمان، ليعيد البيع عند «الإصلاح القادم» بالأضعاف المضاعفة!!