نهاية الأسبوع الماضي، أفادت نتائج استطلاع للرأي نشرته صحيفة «لوجورنال دي ديمانش» أن الفنان والكوميدي المغربي جاد المالح يبقى الشخصية المفضلة لدى الشباب الفرنسي. وبفضل أدائه في السينما وسكيتشاته الفنية، تم اختيار المالح، للمرة الثانية على التوالي منذ غشت الماضي، باعتباره الشخصية الأكثر شعبية لدى الشباب الفرنسي المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة. ويتقدم جاد المالح على اللاعب زين الدين زيدان «المرتبة الثانية»، والفنان الفكاهي المغربي الآخر جمال دبوز «المرتبة الثالثة». من جهة أخرى، احتل يانيك نوا لاعب كرة المضرب سابقا صدارة الترتيب والتي يستحوذ عليها منذ سنة 2007، ضمن لائحة تضم 50 شخصية يفضلها الفرنسيون، من جميع الفئات العمرية، ومختلف التوجهات السياسية. وأجرى المعهد الفرنسي للرأي العام «إيفوب» هذا الاستطلاع لحساب «لو جورنال دي ديمانش» من 9 إلى 15 دجنبر 2009، وشمل عينة من 1013 شخصا تفوق أعمارهم 15 سنة تم انتقاؤهم ، حسب طريقة الكوطا. هكذا، تحولت فرنسا إلى أرض خصبة لتألق جيل جديد من الفكاهيين المغاربة. لنتابع: أصبحت فرنسا أرضا خصبة لبروز مواهب جديدة من الفكاهيين المغاربة، الذين يتقنون الفكاهة كما السخرية وتألقوا في فن إضحاك الفرنسيين. وقد تمكنت هذه المواهب، ومن ضمنهم من تجاوزت شهرتهم الحدود، من تبوء موقع الصدارة في الساحة الفنية بفرنسا، وتلبية أذواق جميع الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية والتطرق لجميع المواضيع التي تستأثر باهتمام المجتمع الفرنسي بخفة ظل وإتقان. فسواء تعلق الأمر بجمال الدبوز أو ثريا غاري أوجاد المالح أورشيدة خليل أو أريه المالح أو بودر «محمد بنيامنة» أو مصطفى الأطرسي، فإن القدرة على انتزاع ضحك المتلقي لاتخونهم .فإذا كان بعضهم استثمر موهبته في مجال السينما، فإن بعضهم الآخر فضل بالمقابل حميمية قاعة العروض أو التلفزيون الذي منحهم فرصة التالق وابراز مواهبهم على نطاق واسع. واذا كانت نقط التلاقي بين أغلب هؤلاء الفكاهيين تكمن في كونهم أبناء وبنات مهاجرين، إلا أن اثنين منهم من نال شهرة أكثر بفضل شعبيتهما وأسلوبهما في الاشتغال ،ويتعلق الامر بجمال الدبوز صاحب اعلى أجر وجاد المالح الأكثر شعبية من بين الفكاهيين بفرنسا. فقد أصبح جمال الدبوز، الذي اكتشفه الجمهور من خلال الشاشة الصغيرة، في ظرف وجيز الفنان الفكاهي الأكثر شعبية بفرنسا. وعلى الرغم من أن موهبته التي تعتمد على التلقائية، تتفادى جميع أنواع الطائفية، فإن نجم فيلم «أستريكس وأوبليكس: مهمة كليوباترا» يمرر انطلاقا من الشخصيات التي يؤديها أفكارا تمزج بإتقان بين عرض الصور النمطية المحيطة بالمهاجرين ومحاولة نسفها. وبدأ جمال صاحب الشخصية الطريفة والذي لايتجاوز طوله 1.60 مترا، مشواره كفكاهي منذ نعومة أظافره واستطاع في ظرف وجيز أن يرتقي الى مصاف النجوم. وإذا كانت العديد من العروض الفكاهية قد استلهمت انطلاقا من البلد الأصلي، فإن العديد من الفكاهيين لم يتمكنوا من التطرق اليها من دون تعزيز بعض الكليشيهات كما هو الحال بالنسبة لبعض الاعمال التي تؤديها رشيدة خليل. فإذا كانت هذه الفكاهية المغربية التي حطت الرحال بفرنسا في سن السادسة عشر، تقدم صورا نمطية عن ظروف عيش المرأة المسلمة بالغرب، فإن بودر «محمد بنيامنة» يجعل من التمييز بجميع أشكاله تيمة وموضوعا مفضلا. فقد اكتشف الجمهور من خلال مغامرات هذا الفكاهي مسار شاب ليس كالآخرين يتطرق في أعماله الى الصعوبات والإقصاء الذي يواجه المرء عندما يفتقد ل«العنوان الصحيح والقد الممشوق والشعر الجميل». واستطاع بودر من خلال سكيتشاته الكشف بأسلوب فني راق عن الصعوبات التي يلاقيها المهاجر من اجل الحصول على منصب شغل أو إثارة انتباه فتاة والتنديد بجميع أشكال التمييز. وسيرا على خطى سابقيه، نهج ممثل كوميدي شاب آخر سبيل الكوميديين الكبار، الذين تألقوا في الفن الساخر، إنه مصطفى الأطرسي، المعروف بالمغرب كأحد الوجوه الرئيسية في السلسلة الهزلية «الربيب» والذي تم اكتشاف موهبته في برنامج « 15 سنة، 15 موهبة» على القناة التلفزيونية الثانية «دوزيم». وفي تأكيد لحضوره الرائد بين أبناء جيله، يواصل جاد المالح من جهته، سرقة الأضواء والظهور كممثل إلى جانب نجوم الفن السابع. وقد انطلق الفنان، الذي يلقب ببطل كافة فئات مقدمي جوائز سيزار، نحو القمة خاصة بفضل «شوشو»، الفيلم الذي حقق أربعة ملايين مشاهد وعرضه الفني (لوطر سي موا) »الآخر هو أنا»، الذي يستغرق ساعتين والذي يؤكد اللياقة البدنية لصاحبه وقدرته على سحر المتلقي . وقرر شقيقه أرييه، الذي اكتشف المسرح حين كان بمدرسة جورج بيزي ثم بالمركز الثقافي الفرنسي بالدارالبيضاء، التوجه نحو عالم الكوميديا في سن يناهز 16 سنة من خلال تقديم عرض لمسرحية (أنتيغون) ليؤكد بعد ذلك حضوره كفنان مقتدر سواء في المسرح أو السينما أو التلفزيون. وفي حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء كشف بطل (ليكول بور توس) «المدرسة للجميع» عن طموحه الى تقديم عرض بالمغرب بمسرحية يقوم بتأليفها. وقال إن هذه المسرحية سيتم تأليفها خصيصا للمغرب «الذي هو مهد ثقافتي». وأضاف أنه يطمح الى تقديم عرض مسرحي حول سكان الدارالبيضاء معتبرا ان «هناك الكثير من الصور النمطية الخاصة بالبيضاويين التي يمكن الحديث عنها». وتلتحق بهذا الركب في ساحة الكبار الفنانة ثريا غاري، التي تقوم حاليا بجولة في فرنسا لعرض « 100 بالمائة طاطا خديجة»، وهو عرض ساخر ومفعم بالأحاسيس تتطرق فيه الى وضعية الفرنسيين المنحدرين من أسر مهاجرة وثقافتهم واختلافهم ورؤيتهم لبلدهم الاصلي. وقد سبق لهذه الفنانة التي تعد نموذجا لمزيج ثقافي بين المغرب وفرنسا، أن أدت أدوارا إلى جانب فنانين كبار والتقت بمخرجين موهوبين قبل أن تقدم عرضها الأول في سنة 2007.