رست السفينة الحربية الفرنسية للمواكبة والاستكشاف وحاملة المروحيات «جان دارك» الجمعة الماضية، بأحد أرصفة ميناء العاصمة السينغالية داكار، حيث سيقيم طاقمها العسكري إلى غاية الأربعاء. تصل السفينة «جان دارك» إلى داكار بعد رحلة بحرية دامت حوالي أسبوع قادمة من ميناء العاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء، بعد أن قضت ستة أيام في ضيافة المغرب. إنها المرة الثانية التي تتوقف فيها «جان دارك» بمدينة «المال والأعمال ...» الشيء الذي اعتبره القبطان باتريك أوجيي قائد المجموعة المدرسية التطبيقية لضباط البحرية وحاملة المروحيات «جان دارك»، مصدر استمتاع ووجها من أوجه التعاون مابين البحرية الفرنسية ونظيرتها المغربية. فكما ارتبط اسم «جان دارك» بتكوين أفواج من ضباط البحرية الفرنسية الذين نذروا أنفسهم للدفاع عن شرف وحرمة الدولة الفرنسية، وهبت «عذراء الأورليانز»، جان دارك نفسها وهي في عمر الزهور للمهمة العسكرية ومقاومة الاحتلال الانجليزي للمملكة الفرنسية لتنصيب وارث الحكم، الملك تشارلز. لبت «عذراء الأورليانز»، لأجل الدفاع عن مملكة فرنسا، نداء الرب، فكان الشيء نفسه بالنسبة للسفينة «جان دارك»، التي هي الآخرى لبت نداء الوطن لأجل الحفاظ على «شرف الأمة». بحلول الثلاثين من شهر ماي المقبل، ستجف «الدماء» في «شرايين محرك» السفينة الحربية الفرنسية للمواكبة والاستكشاف وحاملة المروحيات «جان دارك»، وستتوقف نبضات قلب هذه المدرسة العائمة حالما تصل إلى رصيف ميناء «بريست»، لتعلن بذلك عن نهاية عمرها الافتراضي الذي قارب الخمسين سنة. وتعلن كذلك عن طي صفحة أخرى من تاريخ البحرية الوطنية الفرنسية، تماما كما حدث مع «جان دارك» «عذراء الأورليانز»، التي كانت قد أصدرت الكنيسة في حقها حكما بالإعدام حرقا ذات اليوم من ذات الشهر من سنة 1431 بعدما تم اتهمتها بالإلحاد والهرطقة والسحر. إن مآل السفينة «جان دارك»، التي زارت أكثر من 84 دولة وقامت بحوالي 786 عملية عبور، كلما استحضره القبطان باتريك أوجيي، قائد السفينة، إلا وانزعج: «إنه وضع يحدث أن أفكر فيه غيرما مرة، والأكيد أنه سيكون أمرا بالغ الصعوبة بالنسبة لي» يقول أوجيي قبل أن يستطرد متابعا وهو يتصور لحظة الوصول إلى ميناء «بريست»: «الحقيقة أنه لدى عودتي للمرة الأخيرة على متن «جان دارك» إلى «بريست» سأكون أنا، باعتباري القائد، من سينطق تلك الكلمة السحرية :«أوقفوا المحركات»! بعدها «لن ينبعث بخار من محركات «جان دارك» وستجف الدماء في كل شرايينها»، وبذلك لن تجري قط قطرة دم في عروق «جان دارك» التي ستكون قد أنهت جولتها الخامسة والأربعين والأخيرة. فكما ارتبط اسم السفينة الحربية الفرنسية للمواكبة والاستكشاف وحاملة المروحيات «جان دارك» بتكوين أفواج كبيرة من ضباط البحرية الفرنسية نذروا أنفسهم للدفاع عن شرف وحرمة الدولة الفرنسية والتضحية في سبيل الانسانية ورفاهها على امتداد قرن من الزمن، وهبت «عذراء الأورليانز»، جان دارك نفسها وهي في عمر الزهور للمهمة العسكرية ومقاومة الاحتلال الانجليزي للمملكة الفرنسية لتنصيب وارث الحكم، الملك تشارلز بعدما قادت حربا ضروسا على الانجليز بجيش قوامه 12000 جندي. حلت «جان دارك»، الجمعة الماضية، بميناء العاصمة السينغالية داكار، حيث سيقيم طاقمها العسكري إلى غاية الأربعاء القادم. تصل السفينة «جان دارك» إلى داكار بعد رحلة بحرية دامت حوالي أسبوع قادمة من ميناء العاصمة الاقتصادية، الدارالبيضاء حيث قضى طاقمها ستة أيام في ضيافة المغرب، اكتشف خلالها تنوعه الثقافي وثراء تراثه المعماري،.. إنها المرة الثانية التي تتوقف فيها «جان دارك» بمدينة الدارالبيضاء، حيث أطلق لاعبو «جان دارك» والفرطاقة «كوربي» الدورة الأخيرة لدوري الطلبة الضباط للريكبي. توقف اعتبره القبطان باتريك أوجيي قائد المجموعة المدرسية التطبيقية لضباط البحرية وحاملة المروحيات «جان دارك» «مصدر استمتاع». وقال في لقاء جمعه بيومية «الاتحاد الاشتراكي» على متن السفينة خلال توقفها بالدارالبيضاء، «إن الانطلاقة الحقيقية للسفينة «جان دارك» هي مدينة الدارالبيضاء» موضحا أن «هذه المدينة شكلت نقطة الالتقاء الحقيقية مابين «جان دارك» التي انطلقت من ميناء «بريست» والفرقاطة «كوربي» التي ستصاحبها في رحلتها والتي انطلقت من ميناء «تولون»». وتابع القبطان أوجيي، الذي قدم إلى المغرب للمرة الأولى على متن السفينة «جان دارك» غير أنه زاره غير ما مرة بصفة شخصية، «لقد ارتأينا أن تكون الدارالبيضاء واحدة من بين كبريات المدن التي ستتوقف فيها السفينة في رحلتها الأخيرة كما هو الشأن بمدن مثل ريو دي جانيرو، بوينوس إيريس ونيويورك». هكذا، فرسو السفينة الحربية الفرنسية «جان دارك»، التي زارت أكثر من 84 دولة، بميناء الدارالبيضاء، كان مناسبة لتعزيز التعاون وتوطيد العلاقات ما بين البحرية الفرنسية والبحرية الملكية المغربية، التي وصفها القبطان بأنها «علاقات عادية وجد متطورة»، مؤكدا أن البحرية الملكية المغربية تعتبر من بين «البحريات الأكثر تطورا وتجهيزا» في المنطقة التي حظيت بتبادل خبرات عسكرية بشكل مكثف مع نظيرتها الفرنسية. كونت السفينة الحربية «جان دارك» حوالي 6000 ضابط بحرية. وهي تنطلق في جولتها الأخيرة، تواصل ذات المهمة التعليمية بالأساس، باعتبارها المجموعة المدرسية التطبيقية لضباط البحرية الفرنسية. إن «المهمة الرئيسية ل«جان دارك» هي مواصلة التكوين التطبيقي للطلبة الضباط المتخرجين من المدرسة البحرية»، يشيرالقبطان أوجيي. إن المجموعة المدرسية التطبيقية لضباط البحرية «جان دارك» تضم في دفعتها الحالية 103 من الطلبة الضباط من بينهم 13 طالبة ضابطة من جميع التخصصات، وأيضا حوالي 12 طالبا ضابطا من دول مثل بلجيكا، البرازيل، الكاميرون، اسبانيا، اندونيسيا، ماليزيا، الاراضي المنخفضة، الكويت و الطوغو. قطعت السفينة الحربية الفرنسية حوالي مليون و760 ألف ميل بحري منذ دخولها الخدمة سنة 1964، أي ما يعادل 3.3 ملايين كيلومتر، وهو ما يوازي قيامها بحوالي تسعة وسبعين لفة حول العالم وقطعها تسع مرات المسافة الفاصلة بين كوكب الأرض والقمر. ففي كل مرة تمخر «جان دارك» عباب البحر في رحلة من رحلاتها التكوينية تجد هذه السفينة نفسها أمام أوضاع تجعلها تشارك في مهمات إنسانية، وهو ما يؤكده القبطان أوجيي قائلا «بالموازاة مع مهمتها التكوينية، شاركت «جان دارك» في مهام إنسانية مثل انقاذ ضحايا إعصار «متش»، والفيضانات التي عرفتها الموزمبيق و«تسونامي». كما شاركت في استتباب الأمن في «هايتي» وتحرير رهائن «بونان» بخليج عدن..» ومهمات إنسانية أخرى. بزيارتها لأكثر من 84 بلدا عبر العالم، توقفت «جان دارك» في حوالي 800 ميناء في كل جولة تقوم بها على امتداد 45 سنة خلت : «إنها كما يشير إلى ذلك إسمها تمثل «جان دارك» البحرية الوطنية الفرنسية في عدد من دول العالم التي ترسو بموانئها»، يقول القبطان أوجيي، مضيفا «إنها بمثابة سفارة عائمة للدولة الفرنسية عبر العالم تمكننا من أن نقيم علاقات ولقاءات مع عدد من الشخصيات في البلد المضيف الذي نرسو بأحد موانئه». إذا كانت «عذراء الأورليانز»، جان دارك، لأجل الدفاع عن مملكة فرنسا، لبت نداء الرب ، كما أكدت ذلك في رسالة لها وجهتها إلى ملك بريطانيا الدوق بدفورد حين قالت «أرسلني المتعالي ملك السماوات والأرض لطردك من أراضي فرنسا»، وهو الشيء نفسه بالنسبة للسفينة الحربية الفرنسية للمواكبة والاستكشاف وحاملة المروحيات «جان دارك»، التي هي الآخرى لبت نداء الوطن لأجل الحفاظ على «شرف الأمة» وحرمتها كما هو مثبت على واجهتها المطلة على أرضية إقلاع وهبوط المروحيات العسكرية، فللقبطان باتريك أوجيي، قائد المجموعة المدرسية التطبيقية لضباط البحرية، قصة أخرى مع «جان دارك». ويعتبر القبطان أوجيي أن قصة السفينة «جان دارك» جزء من حياته.. «لقد التحقت بها في البدء طالبا فعدت إليها مدرسا، ثم قائدا الآن» يوضح أوجيي، الذي أضاف وهو يسترجع بحنين بدايات العلاقة التي ربطته و«جان دارك»: «بالنسبة إلي درجة الارتباط ب«جان دارك» جد قوية.. لقد التحقت أساسا بالبحرية الوطنية الفرنسية لكي أبحر على متن السفينة «جان دارك». فقد كنت أحتفظ بصورة لهذه السفينة بغرفتي حينما كنت طالبا لا يتجاوز عمري الثانية والعشرين»!