إن الجدلية الهرمية في الرياضة الوطنية غير سليمة تماماً: هناك اهتمام بالقمة إدارياً ومالياً وتشريعاً. ومن ثمة فهي هرمية مقلوبة. ذهب المنظرون في الشأن الرياضي في الحقبة الأخيرة مذاهب شتى في العصرنة والتحديث و »التشعبط« ب »الاحتراف« والاستعداد للطيران إلى آفاق الاستثمارات في المجال الرياضي بهاجس التوظيف المالي والأرباح إلخ... لكن كنت أتمنى أن ينزل المسؤولون الكبار والوافدون الجدد على الحقل الرياضي إلى عمق الحركة الرياضية في القرى والبوادي وفي المدن والأحياء الشعبية، حيث تتناسل الفرق الرياضية والمنتديات الخصوصية (بحق أو بغير حق) ليروا رأي العين حقيقة الرياضة الشعبية، والتي بدونها لا يمكن للفرق الكبرى أن تجد الخلف. إن تاريخ الفرق المنضوية تحت مأموريات العصب الجهوية يشهد لها بوفرة العطاء في إمداد الأندية الكبرى بلاعبين ممتازين... لكن القوانين الجديدة لم توظف ولو حرفاً واحداً من أجل هاته المشاتل الوفيرة والمتروكة لأحوالها ولفقرها ولتلاعبات المجالس المنتخبة، والتي »تكذب« عليها بمنح هزيلة هي إلى الصدقة أقرب منها إلى دعم الحركة الرياضية القاعدية دعماً حقيقياً. إن الرياضة في العصب، وخاصة في عصب كرة القدم، حقل واسع للتضحية والتضامن وأيضاً للتكسب و »للصينية« ولم لا للاسترزاق. إن الهرم لا يستقيم إلا باستقامة قاعدته. ولست في حاجة إلى التذكير بحجم التضحيات التي يبذلها المشرفون على هذه القواعد الراسخة والمنسية، والتي لا يتم الالتفات إليها إلا بمناسبة الانتخابات أو عندما تريد السلطة أن تؤثت أعراس استقبال شخصيات سلطوية تزور هذا الحي الفقير أو ذاك... وبعد ذلك، يتشتت المنتمون إليها ليجتروا الفقر والمعاناة: الألبسة الرياضية مهترئة والأرجل حافية ووسائل النقل منعدمة والمؤطرون متطوعون في سبيل الله ويعانون من العوز في توفير الوثائق الادارية من رخص وتأمين إلخ... أما المنشآت الرياضية فهناك المزابل والمقابر والحقول المحروثة أما علاج الأعطاب والهاجس الصحي فذلك ما يعتبر في أحلام الباحثين عن الصحة في المجال القروي والسكن الشعبي. إنه عالم رهيب منفلت يحتاج إلى قراءة مستعجلة خاصة وأن الفرق تتناسل يوماً عن يوم تحت وطأة المد العمراني والنمو الديمغرافي وزحف البراريك القصديرية في المدن العشوائية على هوامش المدن. ولسنا في حاجة والحالة هاته إلى التذكير بأن الهرم الرياضي لا يمكنه أن يقف شامخاً بدون قواعد. وها هنا وفي هذا »العالم الخصوصي« يوجد من الكفاءات والعضلات والعبقريات ما لا يوجد في الأندية الكبرى. فاتقوا الله في قواعد الأهرام الرياضية.