انتعشت فجأة أسواق المال بدبي، وسرت حمى من الفرح والنشاط الهائل في بورصة دبي، التي زارتها « الإتحاد الإشتراكي»، بسبب إعلان خبر منح حكومة أبوظبي لعشرة مليارات دولار لحكومة دبي، كمساعدة لتجاوز التأخيرات في سداد الديون التي سجلت ضجة إعلامية غير مسبوقة في الصحافة العالمية، خاصة الصحافة الأنغلو-ساكسونية. بل إن كل القنوات التلفزية المحلية، هنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، قد غيرت من برامجها صباح الإثنين، من أجل تخصيص بلاطوهات البث المباشر فيها للحدث، الذي اعتبر علامة على قوة ومتانة الإقتصاد الإماراتي، في مواجهة الأزمة المالية العالمية. ذلك، أن حجم الإحتياطي المالي الذي تتوفر عليه الحكومة المركزية في أبوظبي نقدا، هو كبير وهام جدا، بشكل جعل الدولة الأماراتية لم تتردد في الإنسحاب من مشروع الوحدة المالية النقدية الخليجية، بعد رفض السعودية التنازل عن طلب الإمارات احتضانها في دبي للمقر المركزي للبنك الخليجي الموحد. وهذا واحد من المواضيع الشائكة التي ستشهد نقاشا قويا في القمة الخليجية التي انطلقت بالكويت مساء الأحد. وخلفية القرار الإماراتي، آتية من أنها الدولة الأكثر تأهيلا في كل الخليج العربي لاحتضان مؤسسة مالية مماثلة، كونها تتوفر على بينة تحتية تواصلية جد تنافسية على المستوى المالي عالميا. وهو الأمر الذي لا تتحمس له كثيرا الرياض. بالعودة إلى الحدث المالي الأكبر صبيحة الإثنين في دبي، بعد منح 10 مليارات دولار نقدا لحكومة دبي من قبل حكومة أبوظبي، فإن أسهم شركات العقار قد سجلت ارتفاعا واضحا، خاصة بعد إعلان شركة « النخيل» الشهيرة للعقارات عن البداية فعليا في تسديد ديونها البالغة 3.5 مليار دولار، حتى قبل نهاية سقف تاريخ السداد يوم 28 دجنبر الجاري، وهو الأمر الذي كان السبب في الضجة الأعلامية المفتعلة ضد اقتصاد دبي واقتصاد الإمارات عالميا. مثلما أن القرار أكد وحدة الدولة السياسية، لأنها الضامنة لعافية الإقتصاد العام للبلد. وفي أول التصريحات الصحفية هنا في بورصة دبي، أكد لنا مصدر تقني مغربي متخصص عامل بالبورصة، أن القرار المتخد فيه رسالة واضحة أن الإقتصاد المحلي للدولة قوي، وأن له إسقاطات داخلية وخارجية واضحة. داخليا، فإن الرسالة الأكبر، هي أن الجميع - بما فيها دبي القوية باستقلالها المالي والمشاريعي خلال العشر سنوات الأخيرة- يجب أن يعمل تحت ظل الحكومة المركزية، لأنها هي الملجأ الأكبر في حال أية أزمة. وخارجيا، أن التنوع الإماراتي ماليا وتدبيريا، هو متناغم ومتضامن وأنه لا مجال للعب فيه على التناقضات، لأن تمة المصلحة العليا للدولة جهويا وإقليميا ودوليا. بهذا المعنى، فإن أثر قرار منح تلك المليارات الكبيرة لدبي من قبل أبوظبي، إنما عزز الوحدة الوطنية للبلد، وأكد أن مقولة الجزر المالية المستقلة غير واردة في دولة الإمارات العربية العربية المتحدة. بدليل أن كل الشركات الكبرى العاملة في دبي، والتي لها أسهم رهيبة في بورصة الإمارة، قد ضخت أموالا هامة في سلة التعاملات، بالشكل الذي رفع من حجم المعاملات ومن قيمة الأسهم المعروضة. ويكاد الأمر هنا يكون أشبه بتلك المقولة الشهيرة المعروفة في وول ستريت الأمريكية، التي تفيد أنه « إذا عطست نيويورك، أصيب العالم بالزكام «، والذي يفيد محليا هنا، أنه « إذا عطست دبي أصيب كل الخليج العربي بالزكام».. والظاهر أن اقتصاد البلد هنا في عافية، مما أحدث كل تلك الدرجة الإيجابية من ردود الفعل المتواصلة في بورصة دبي.