رأيت في ما يرى النائم أن بوبكر الجامعي ترأس المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وتوجه إلى مناضليه، نعم مناضليه بالكثير من الأحلام. وبكل صدق لم «أقرص» نفسي لكي أستيقظ، فقد قررت أن أتماهى معه وأن أتلذذ بما فيه طويلا. لقد جاء بوبكر وهو شديد الغيرة - أو الحيرة - علينا وحلم طويلا أمامنا، وحلم أنه يرانا حزبا كبيرا لليسار، بعد أن كان في حالة اليقظة، يرانا حزبا حكوميا انتهى، وشكرا له على ما قدم لنا من نصائح جعلتنا ننتقل من حزب مات إلى حزب يمكن أن يحلم به بوبكر مشكورا. وبكل صدق أرى في اهتمامه بنا شرفا كبيرا- على ألا يتعدى الأحلام طبعا - ولكن لا أعرف كيف يحلم بنا، وهو الذي يدري بأننا لم نعد سوى جوقة بني ويوي، في قضية الصحراء بالضبط. والحقيقة وللتاريخ، لن أعلق على ما قاله في افتتاحيته الحالمة عن حزب الاتحاد.. فقد قال بكل صدق أن «الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، أربع كلمات مازالت تحافظ باحتياطي سياسي. ولنحرص على أن نستعمله لفائدة سعادة مواطنين». والحقيقة وللتاريخ نحن نعمل جهدنا لكي يتحقق الذي حلم به بوبكر في الواقع وعلى أرض الميدان. والحقيقة أنني لن أعلق عليه، وهو يحلم فينا، بأن«بلادنا في حاجة إلى يسار عصري وقوي، وبالرغم من كل نقط ضعفنا، فمازال حزبنا أفضل مرشح لكي يشكل القطب الرئيسي فيه هذا اليسار». وأتمنى صادقا أن يقنع الآخرين بهذه الأحلام، ولماذا لا يقوم بجولة في المجالس الوطنية لكل اليساريين - الذين يرى في ما يرى النائم بأنهم مؤهلون لكي ينضموا إلى هذا القطب - وينتقل من المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد إلى المجلس الوطني العمالي، مرورا بالتقدم والاشتراكية والحزب الاشتراكي، ويسلم في طريقه على الأموي وعلى كل أعضاء المجلس الوطني للمؤتمر وهلم جرا، ولا بأس إذا كانت الأحلام ستوحد اليسار حتى لو لم تكن أحلام تبدأ في إسبانيا وتتحقق في البيضاء. إوا وكان! وللحقيقة سيكون من التجديف في الذات الصحافية أن يقول الإتحاديون للسيد بوبكر الجامعي بأنهم على عكس ما يردد «لم يتنكروا لمبادئهم، ولم يفقدوا مصداقيتهم، التي يبكي عليها اليوم. ولا يمكنني، والحق أقول، أن أرضيه في هذا الجانب مهما كنت متسامحا. والسؤال الذي يؤرقني لماذا يريد بوبكر أن يكون وصيا علينا، ولماذا يبدي كل هذا الحرص الزائد اليوم علينا، حتى وهو يحلم قليلا.. فيا فجر البلاد عجل قليلا، لكي أرى إن كنت حيا أم قتيلا! السيد بوبكر الجامعي يقول لنا، وهذا ما أريد أن أعلق عليه فعلا «أن تبعيتنا، بني ويويزم بالفرنسية في ملف الصحراء أضعفنا..». والحقيقة أننا دوما نبني على القضية الوطنية هويتنا، وكانوا، في الواقع وليس في المنام، يؤاخذوننا على شوفينيتنا. يا سلام على تلك الروح الطاهرة النائمة في أبد الخالدين، روح عبد الرحيم. ومازلت أذكر كيف أن بوبكر علق، عندما طرح محمد اليازغي، قضية جزيرة ليلى في المجلس الوزاري، أن الكاتب الأول للاتحاد آنذاك « يتصرف قدر المستطاع» في إشارة استهزائية لا تخفى على أحد، وقلنا ما كاين باس. وإذا كان علينا أن نضعف لشيء فلابد أن نضعف لبلدنا ولقضيتنا، ولم يسجل أبدا تنكرنا لهذا الانتماء الشرس لهذا البلد الجميل أهله والقاسية نخبته. على كل، يشعر الكثيرون بأن من مهمتهم أن يفكروا مكان الاتحاد فقد قرأت لأحد الزملاء أننا انتهينا. تماما ويبدو، والله اعلم، أنه بعد المنام تأتي سكرات الموت، فإما أننا كائنات شبحية في أحلام صديقنا المحترم والطيب بوبكر الجامعي، وإما أننا انتهينا ولن نشعر بعد أن بوزنيقة كانت مقبرة. والزميل هو نفسه الذي كتب يوبخنا على الحنين النضالي وعلى الذاكرة الاتحادية عندما نظمنا الذكرى الخمسين. وأما زملاء آخرون فقد شرحوا مواقف الاتحاد ولم يجدوا فيها سوى ...التناقض. ومن حقهم أن يروا ما تعودوا أن يروه، لكن قليلا من التواضع لا يقتل أحدا: فكيف يجتمع عشرات المئات من المناضلين، من نخبة هذا البلد، من الفلاح، إلى الطالب، إلى العامل، إلى العاطل، إلى المعلم، إلى المحامي.. وعندما يقفون على موقف ما، يحمل أحدهم قلما أحمر ويضع نقطة سالبة..! قليلا من التواضع، في الحلم أو في اليقظة..