يعد الطيب منشد من المناضلين الذين رافقوا العديد من قادة الاتحاد، واولهم الشهيد عمر بن جلون، الذي يكشف لنا الطيب عنه جوانب خفية، انسانية وسياسية ونقابية. كما أنه يعود بنا الى تفاصيل أخرى تمس الحياة النقابية في بلادنا وكل مخاضاتها، باعتباره شاهدا من الرعيل الأول، ومناضلا ومعاصرا للمخاضات التي عرفتها الساحة الاجتماعية. هناك اشياء كثيرة أخرى، ومواقف عديدة تكشفها ذاكرة الطيب لأول مرة.. { خلال مسارك السياسي، التقيت ورافقت وناضلت إلى جانب الفقيد السي عبد الرحيم بوعبيد، ماهي بعض خصائص عبد الرحيم كما رأيتها فيه؟ وهل يمكن أن تحدثنا عن علاقتك الشخصية به، متى ابتدأت وكيف تطورت؟ علاقة الاتحاديات والاتحاديين بقادة الحزب خصوصا منهن أولئك المنتمين إلى جيل الحركة الوطنية: هي علاقة تقدير واحترام وثقة، فهي علاقة وفاء متبادل، تعكس وفاء الشعب المغربي عموما وإخلاصه لكل الذين دافعوا عن مصالحه، وناضلوا من أجل كرامته، وأطروا مسيرته في مواجهة خصومه، كانوا خارجيين (الاستعمار) أو داخليين من خصوم الديمقراطية ومن فئات المستغلين. فهذه هي العلاقة التي جمعت بين مناضلات ومناضلي الاتحاد الاشتراكي وقادة الحزب المؤسسين الشهيد المهدي بنبركة رحمه الله والفقيد عبد الرحيم بوعبيد رحمه الله والمجاهد عبد الرحمان اليوسفي أطال الله عمره والمجاهد محمد الفقيه البصري رحمه الله، والمقاوم محمد منصور شافاه الله وأطال عمره وجيل الرموز المخضرمين، الشهيد عمر بنجلون، الأخ محمد اليازغي والاخ محمد الحبابي، فبالاضافة إلى علاقة الانتماء المشتركة وحمل نفس الهموم والآمال، فإن إخلاص القيادة وصدقها في أداء مهامها النبيلة ، سواء كانت هذه القيادة تمارس مهامها داخل الوطن أو أجبرتها الظروف والملابسات الداخلية على الهجرة الاضطرارية، كل ذلك ولد علاقة بينها وبين القواعد والاطر الاتحادية. وإذا كانت هذه العلاقة هي التي جمعت قادة الاتحاد بقواعد الحزب وفئات واسعة من المغاربة، فإن علاقة الاتحاديين والاتحاديات وفئات عريضة من الشعب المغربي بالفقيد السي عبد الرحيم لها بعض الخصائص من أهمها، أن الاتحاديات والاتحاديين وفئات واسعة الشعب المغربي اعتادوا من عبد الرحيم يعيش آمالهم، وآلامهم ، إخفاقاتهم وانتظاراتهم وهو يعيش بين ظهرانيهم ويطرقون بابه لسماع رأيه بعد سماع الرأي الآخر أو لإيجاد أجوبة عن تساؤلات مقلقة تهم مصير الوطن. إن الحديث عن الفقيد السي عبد الرحيم من طرف أي شخص، أو التطرق لمناقبه من طرف أي كان، مهما كانت حيثياته، سيظل عملا غير مكتمل، فالأمر يتطلب مبادرة جماعية من أكاديمية لتسليط الأضواء كاملة على حياة هذا الرجل المتميز، سواء خلال الفترة الأخيرة من مغرب الاستعمار أو خلال مرحلة مغرب الاستقلال. وبالنسبة إلي فسأحاول الوقوف عند بعض الجوانب التي أرى أنها مميزة لحياة هذا الرجل، فقد كانت للفقيد السي عبد الرحيم علاقات مباشرة بالعديد من الاطر والمثقفين والفعاليات الحزبية. وحسب معرفتي بعبد الرحيم فقد كان يعرف معرفة دقيقة العناصر التي كانت لها علاقات مباشرة به من حيث كفاءاتها ونضاليتها، وهذه المعرفة جعلته لا يكلف الواحد منهم إلا بما يستطيع القيام به، فقد يكلف شخصا بدراسة ملف أو متابعة قضية مثلما قد يكلف آخر بمهام نضالية. ومثلما كانت له هذه العلاقة بالاتحاديين والاتحاديات، كانت له علاقات بأطر وكفاءات غير حزبية، ذلك أن السي عبد الرحيم بقدر ما كان يؤمن بالتنظيمات الحزبية وقدرتها على رفع مستوى الوعي لدى المواطنين، كان يؤمن أن جانبا من قوة الحزب يكمن في تعاطف الآلاف من المواطنين معه، ولذلك ظل يحرص على تغذية وتقوية العلاقة مع هؤلاء الاطراف من خارج الحزب بالاتصال المباشر معهم أو بتكليف أطر حزبية بالقيام بذلك، ومن ذلك أن عبد الرحيم الذي كان المهندس لإصلاحات حكومة المرحوم عبد الله ابراهيم. هذه الاصلاحات التي عاش المغرب عليها لمدة طويلة، بل إنه لا يزال يعيش على بعض تلك المنجزات إلى اليوم وهو ما جعل تلك الحكومة ورغم قصر مدتها تعتبر في نظر المتتبعين للشأن المغربي من أنجح الحكومات المغربية (قبلها وبعدها) بل ومن أنجح الحكومات في تلك المرحلة على المستوى العربي والافريقي والعالم الثالث بصفة عامة. فلو تمكن عبد الرحيم وأصدقاؤه من انجاز التصميم الخماسي الذي شرعوا في تطبيقه ، لكان للمغرب وجه آخر غير ذلك الوجه الذي عبر عنه المرحوم الحسن الثاني قبل حكومة التناوب 1998، بمغرب (السكتة القلبية). عبد الرحيم قاد هذه الحركة، معركة الاصلاح تلك، وسط مقاومات متعددة داخلية (تحالف الاقطاع، الرجعية، عملاء الاستعمار وأبناؤهم) والاستعمار الجديد. وأقف على مثل واحد له دلالته، ويتعلق بالمكتب الشريف للفوسفاط، هذه المؤسسة التي كانت كل أطرها وتقنييها من الاجانب (الفرنسيون) حيث حاول هؤلاء محاربة السياسة التحررية التي قادها المرحوم السي عبد الرحيم بوعبيد، خصوصا ما يتعلق منها بإخراج المغرب من دائرة نفوذ الفرنك الفرنسي. وللوقوف على ما كان يجري بهذه المؤسسة الاقتصادية (كما حكى لي الأخ محمد الحبابي) أرسل وزير الاقتصاد أحد أعضاء ديوانه ويتعلق الامر بالسيد كريم العمراني (الشاب الحامل لشهادة الباكالوريا آنذاك والذي كان يتقاضي راتبا لا يتجاوز 150,000 فرنك أي ما يعادل 1500 درهم، والذي كان يتوفر كما قال لي السي محمد الحبابي، على كل مؤهلات رجل الأعمال)، الذي بعد أن قضى فترة بمؤسسة الفوسفاط، رجع بتقرير شامل حول ما يجري هناك. درس وزير الاقتصاد ومساعدوه التقرير فتأكدوا أن هناك عملية «سابوطاج» حقيقية يقوم بها هؤلاء الاجانب، فكان القرار الحاسم، والذي يتضمن: 1 - الاستغناء عن خدمات هؤلاء المهندسين والتقنيين والاطر الفرنسية. 2 - تعليق عمل الانتاج بهذه المؤسسة لمدة شهرين 3 - اللجوء إلى أوربا الشرقية للاستعانة بأطرها وتقنييها في انتظار تأهيل أطر مغربية. هذا الموقف الحازم جعل أعضاء السفارة الفرنسية، وعلى رأسهم السفير يقودون حملة من الاعتذارات عما صدر عن التقنيين الفرنسيين بالمكتب الشريف للفوسفاط ويلتزمون بعدم تكرار ذلك. إن قرار اقالة حكومة عبد الله ابراهيم رغم منجزاتها الاقتصادية والمالية والاجتماعية الكبيرة، جعل السي عبد الرحيم يعطي الاسبقية للاصلاحات السياسية والدستورية. وهكذا ففي كل المناسبات التي طرحت فيها مشاركة الاتحاد في الحكومة،كان السي عبد الرحيم رحمه الله لا يبدي حماسا للمشاركة التقنية، أي المبنية على خطة وبرنامج عمل تقني، ويعطي الاسبقية للجوانب الاخرى: الاصلاحات السياسية والدستورية. فعلى سبيل المثال في سنة 1965 وعندما كانت المخابرات المغربية برئاسة أوفقير والدليمي وغيرهما تخطط لتصفية القائد الاتحادي الشهيد المهدي بنبركة، بتعاون مع المخابرات الفرنسية والأمريكية والاسرائيلية، بموازاة مع هذه الخطة الاجرامية التي تدبر في الخفاء، كان هناك مشروع ظاهر وعلني يقضي بمشاركة الاتحاد في الحكومة. وحسب معلوماتي، كل قيادة الحزب في الداخل والخارج أبدت استعدادها لمساهمة الاتحاد في الحكومة إلا السي عبد الرحيم رحمه الله الذي كانت له تحفظات على ذلك، وبدأ يطرح فكرة الاصلاحات السياسية والدستورية وهو الشيء نفسه الذي فعله في مراحل أخرى، كان آخرها سنة 1984، ذلك أن السي عبد الرحيم رحمه الله كان يقول لا بأكثر من طريقة إلا عند المواقف التي لا تقبل التأويل فإنه يقول لا بالواضح كما هو الشأن في موقفه من الاستفتاء، إذ كان يعرف أنه برفضه للاستفتاء، سوف يتخطى كل الخطوط الحمراء ليس انطلاقا من القانون أو الشرع أو الحقوق أو حتى الأخلاق، ولكن انطلاقا من الخطوط الحمراء كما هي في الساحة المغربية، خصوصا في تلك الأزمنة التي تسمى بأزمنة الرصاص. إذن كان يعرف أنه بقوله «لا» صراحة سيتجاوز الخطوط الحمراء، وحيث أن الأمر كان يتعلق بالوحدة الترابية، فكل شيء مسترخص. السي عبد الرحيم كان يتقزز كثيرا من الازدواجية في التنظيم، ويعتبر أن لذلك مخاطر كثيرة دون أي نتيجة ايجابية محققة، لكن عظمة الرجل تتجلى في احتضانه لكل المنتسبين للحزب الذين اتهموا بالقيام بأعمال خارج الضوابط الحزبية، وكلنا يتذكر ما قام به الفقيد في قيادة هيئة الدفاع في محاكمة مراكش حيث تحولت المحاكمة في جوانب كثيرة منها إلى فضائح للمخابرات المغربية. ولمنعه من القيام بنفس الدور في محاكمة القنيطرة سنة 73، فإنهم جعلوه ضمن قائمة الشهود وهم بذلك كانوا يستهدفون تحقيق هدفين في نفس الآن: الهدف الأول: عدم إعطاء الفرصة لسي عبد الرحيم لقيادة الدفاع وتحويل المحاكمة كما حصل في مراكش من محاكمة لمتهمين إلى محاكمة بعض أجهزة النظام، الهدف الثاني إحراج القائد الاتحادي الذي كان الجميع يعرف عنه رفضه للتنظيم في قلب التنظيم،وذلك يتضح من خلال سؤال النيابة العامة له كشاهد عن رأيه في استعمال العنف في مواجهة السلطة وأعوانها . وقد اعتبرت النيابة العامة أنها بهذا السؤال رمت السي عبد الرحيم بطرد ملغوم. وجاء جواب عبد الرحيم بإرجاع الطرد لينفجر في مصدره، حيث قال مامعناه، استعمال العنف من طرف المناضلين في مواجهة السلطة وأعوانها تبرره أعمال القمع المفرط والشطط في استعمال السلطة، والتضييق على المواطنين. إن أي حزب لا يستطيع التحكم في ردود أفعال مناضليه الذين يتعرضون للقمع والاضطهاد والظلم بكل أنواعه. السي عبد الرحيم كان معروفا عنه أنه صاحب خيال ودهاء سياسي خصب، صاحب التخريجات السياسية.. أذكر مثالين، أحدهما روي إلي والثاني كنت من شهوده: الأول عندما قدم الفريق البرلماني الاتحادي (1963) ملتمس الرقابة، حكومة المرحوم باحنيني قالت إنها مستعدة لتقديم استقالتها. لكن على الاتحاديين في البرلمان أن يحددوا موقفهم من تصريحات الشهيد المهدي بنبركة المرتبطة بحرب الرمال بين المغرب والجزائر، واعتبرت الحكومة أنها وضعت الفريق الاتحادي في قفص الاتهام، إذ سيكون خلال مناقشة ملتمس الرقابة في وضع المدافع. الفريق جاء للاستشارة مع القائد السي عبد الرحيم، وكان الموقف، كما عبر عنه عبد الرحيم أولا، إذا كان الهدف من ملتمس الرقابة هو إسقاط الحكومات، فإن الامر ليس كذلك بالنسبة للمغرب، حيث سقوط الحكومة وتشكلها أمر سواء، لذلك فهدف ملتمس الرقابة هنا، هو محاكمة السياسة اللاشعبية التي تمارس من طرف الحكومات المغربية، ثانيا هذه الحكومة لايتوفر أعضاؤها على الشرعية السياسية والنضالية التي تخولهم محاسبة الاتحاد، فالملك وحده يملك صلاحية محاسبة الاتحاد، ولذلك على ملتمس الرقابة، وهو يفضح وجه القبح في السياسة المغربية، عليه أن يقدم كذلك نبذة عن حياة المنفذين أو المشرفين على هذه السياسة. والحكومة التي اعتبرت أنها أصبحت في موقع قوة إزاء الفريق الاتحادي، قررت نقل مناقشة ملتمس الرقابة عبر شاشة التلفزيون، لتجد نفسها مضطرة لتوقيف البث، نظرا لقوة الخطاب الاتحادي، وليعاد البث في اليوم الموالي بأمر من الملك. الثاني: خلال محاكمة جريدة الرأي الناطقة باسم حزب الاستقلال ومديرها الأستاذ برادة بتهمة المس بمعنويات الجيش، كان ضمن هيئة الدفاع خلال هذه المحاكمة العديد من الاتحاديين، وفي مقدمتهم الاستاذ عبد الرحيم بوعبيد، حضرت الجلسة التي رافع خلالها السي عبد الرحيم، كان مسبوقا بالأستاذ السملالي عبد المجيد (حزب الاستقلال) الذي افتتح مداخلته بالآية القرآنية: «هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات» (الآية). السي عبد الرحيم ركز في مداخلته على أن الأحكام في هذه المحاكمة ذات الطابع السياسي، أصبحت تكاد تكون معروفة. عندما انتهى من مداخلته، طلب الكلمة ممثل النيابة العامة (ذ. الشدادي) الذي قال إن هذه المحاكمة خرجت اليوم عن أطوارها، فمن الاستشهاد بآيات قرآنية بطريقة (مسرحية أؤ هزلية) إلى الأستاذ عبد الرحيم بوعبيد الذي أكن له كل التقدير، لأن له مواقف مشرفة في الدفاع عن استقلالية ونزاهة القضاء، لكنه اليوم يتهم القضاء بإصدار الاحكام الجاهزة، لذلك أطلب توقيف الجلسة وعدم عودة المحكمة للانعقاد إلا بعد أن يعتذر الأستاذ عبد الرحيم للمحكمة. القاعة كان بها حضور متنوع، وأصبح السؤال الذي ينتقل من فم إلى آخر، كيف سيعتذر السي عبد الرحيم وبأي أسلوب؟ خرجت هيئة المحكمة وانسحب الدفاع بكل مكوناته ليتدبر الأمر، وبقي من بينهم واحد لم يغادر مكانه، إنه السي عبد الرحيم، كنا مجموعة من الاتحاديين، بقينا نتساءل بيننا كيف ستنتهي هذه المسألة، توجهنا نحو القاعة التي تجتمع بها هيئة الدفاع، أخبرنا من طرف بعض الاتحاديين أن الهيئة قررت أن يعتذر أحد أعضائها، وأظنه (المرحوم عبد الكريم بنجلون) نيابة عن السي عبد الرحيم، عدنا إلى القاعة لنجد عبد الرحيم لايزال في مقعده شامخا كعادته شموخ جبال الأطلس، وبعد اتصال هيئة الدفاع بالقاضي الرئيس، عادت الجلسة للانعقاد، ليفاجأ الجميع بالسي عبد الرحيم يطلب الكلمة، ليؤكد في كلمته أن عدم التجاوب مع مطلب المتهم في إحضار قائمة الشهود التي من خلالها سيتم هدم أركان التهمة، فذلك يعني إثبات التهمة عليه، وهذا هو مضمون مرافعتي السابقة، التي أسيء فهمها من طرف ممثل الحق العام. وانتهى الموضوع. عبد الرحيم، والذي سطع نجمه قبل الاستقلال كأحد زعماء حزب الاستقلال الشباب، والذي ارتبط اسمه بالإصلاحات الاقتصادية والمالية والاجتماعية مطلع الستينيات، والذي أصبح رمزا لصمود الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية واستمراره رغم حملات القمع التي تعرض لها هذا الحزب خلال فترات كثيرة، ورغم المؤامرات الداخلية والخارجية التي استهدفت القضاء عليه، عبد الرحيم الذي تحول الاتحاد بفضل قيادته الحكيمة إلى ظاهرة العالم العربي وإفريقيا، عبد الرحيم هذا كان كثير التواضع، روى لي مرة السي محمد البريني مدير جريدة «الاتحاد الاشتراكي» سابقا أنهم في الجريدة (المحرر أو الاتحاد الاشتراكي) عندما كانوا ينشرون صورة عبد الرحيم أكثر من مرتين في الشهر، كان السي عبد الرحيم رحمه الله، يتصل به هاتفيا، متسائلا عن لما هذا الافراط في نشر صورته. وهناك نموذجان على تواضع عبد الرحيم وحكمته وبعد نظره، عشتهما شخصيا: الأول سنة 74، والثانية بسجن لعلو 81، بعد رفع الحظر عن الاتحاد إثر أحداث 73، كنت مداوما بالمقر المركزي للحزب بالرباط بشارع الحسن الثاني، ورغم رفع الحظر فقد بقيت مقرات الحزب تحت الحراسة المشددة، العديد من مناضلي ومناضلات الحزب تحت المراقبة، فبالنسبة للمقر المركزي بالرباط، فإن الداخل إليه والخارج منه يتعرض لاستفزازات الأمن السري المرابط باستمرار أمام المقر، بل إن العديد من الشباب اقتيدوا بعد خروجهم من المقر الى أماكن مجهولة، حيث يحتجزون لساعات ثم يفرج عنهم بعد استنطاقهم، نفس الإجراء تعرض له بعض المناضلين من خارج قطاع الشبيبة وبعض المسؤولين الحزبيين من خارج الرباط الذين كانوا يزورون المقر المركزي لسبب أو لآخر. نتيجة هذا الحصار كان رواد المقر قليلون جدا، حيث كنت أقضي اليوم في المقر صحبة الحارس (عمر الباز)، وبالمقابل فإن بعض المسؤولين الحزبيين كانوا يترددون على المقر صباح مساء، أذكر من بينهم سي محمد اليازغي، السي الحبيب الشرقاوي، سي محمد الحيحي رحمه الله، الأستاذ عبد الرحمان بنعمر، والمرحوم الأستاذ العربي الشتوكي، كنت أدخل المقر وأخرج منه، دون التعرض لأي استفزاز من طرف الشرطة الذين كانوا يعرفون أنني مداوم. وذات يوم جئت المقر، بعد الخروج من قاعة الرياضة حاملا (ساك الرياضة)، أوقفوني بباب العمارة وطلبوا مني فتح الحقيبة، رفضت وقلت لهم انظروا كم من الناس يحمل حقائب وأكياس في أيديهم، فلماذا لاتقومون بتفتيشهم؟ (يتبع)