عرفت مدينة وجدة ، خلال تاريخها الطويل الممتد على مدى ألف عام ونيف ، بسبب موقعها الجغرافي المكشوف ، والحدودي بين المغرب الأوسط والأقصى للحروب والغزو ، نتج عنها تدمير كامل للمدينة لأكثر من ست مرات . وهو ما جعلها تفقد جل تراثها المعماري، الثقافي والحضاري حيث أن أغلب المآثر المتبقية لحد اليوم تعود إلى بداية القرن العشرين، فقط. لذا يمكن الزعم أن وجدة ضحت بعمرانها وتراثها - وهي المدينة التي شكلت على الدوام سدا منيعا وقاعدة أمامية للدفاع عن حوزة الوطن وعزته واستقلاله ووحدته- من أجل أن تنعم المدن المغربية الداخلية بالأمن والاستقرار وتحافظ، بالتالي، على معمارها ومنتوجها الحضاري . ومن أبرز المعالم التاريخية التي صمدت في وجه أعاصير التاريخ والطبيعة والبشر المدينة العتيقة لوجدة، المشيدة على مساحة 25 هكتارا ويقطنها حوالي ألفي ساكن ، التي تعتبر في حد ذاتها تراثا بالإضافة إلى ألف تحفة تاريخية ذات قيمة خاصة ، وقد شهدت المدينة العتيقة لوجدة، عدة تغييرات منذ إعادة بنائها في سنة 1895، ومن أهم المآثر التاريخية التي لا زالت قائمة فيها: باب سيدي عبد الوهاب : وهو من أكثر أبواب المدينة قدما وعتاقة، وهو يحمل اسم الشريف " سيدي عبد الوهاب"، الذي عاش في وجدة ردحا من الزمن، وتوفي فيها ، ولازال قبره قائما داخل أسوار مدينة وجدة العتيقة ،غير بعيد عن الباب الذي يحمل اسمه. ومن المرتقب أن تنطلق الأشغال قريبا في الساحة، قبالة هذه الباب، في إطار مشروع تهيئة ساحة باب سيدي عبد الوهاب، الذي يروم رد الاعتبار لهذه الساحة، لما تمثله من حمولة ثقافية وحضارية لمدينة وجدة، باب الغربي : وهو الباب الذي لازال صامدا وشهد مؤخرا عدة ترميمات تندرج ضمن رد الاعتبار للتراث الحضاري والثقافي لمدينة وجدة العتيقة. باب أهل الجامل : وهو من الأبواب التاريخية الواقعة شرق وجدة، ينفتح حاليا على شارع محمد الخامس وقد عرف هذا الباب ، أخيرا ، عدة إصلاحات استهدفت إنقاذه من التآكل والانهيار، بعد طال إهماله ولا زالت جوانبه الداخلية في حاجة إلى إصلاحات . الجامع الكبيرأو المسجد الأعظم : أنشئ هذا المسجد الذي قاوم جميع المؤثرات واستطاع الصمود في وجد عوامل الطبيعة ، عام 1298 ميلادية ، على يد السلطان "أبو يعقوب بن يوسف " المريني ، ولحقته عدة تحسينات مثل المدرسة القرآنية التي شيدت في سنة 1335 ميلادية ، التي اعتبرت من بين أهم المآثر التي خلفتها الدولة المرينية في المغرب الأقصى ، وتجمع هذه المعلمة التاريخية بين الطابع المعماري المغربي الأصيل واللون الأندلسي . . ثلث سقاقي : وهي ثلاث نافورات تقع على ظهر الجامع الأكبر،وجمعت في تصميمها المعماري و زخرفتها بين الشكل المعماري المغربي والأندلسي في فسيفساء ذات طابع رائق وجميل، تؤكد مهارة و أصالة إبداع الصانع المعماري المغربي . وتوجد داخل المدينة العتيقة لوجدة، كذلك ، بعض المآثر التاريخية الشاهدة على عراقة وجدة وإسهامها في خلق الحضارة المغربية بأبعادها العربية ،الإسلامية، البربرية ، المغاربية ، الإفريقية والمتوسطية ، نذكر منها "القصبة"، "دار المخزن" وهي أول منزل من طابقين وقد اتخذته البعثة العسكرية الفرنسية، التي دخلت وجدة عقب هزيمة الجيوش المغربية أمام قوات الاستعمار الفرنسي في معركة وادي إسلي، التي قادت المغرب نحو توقيع اتفاقية الحماية سنة 1912 مع فرنسا الاستعمارية في ذلك الحين، وتشهد هذه الدار، التي ستحول إلى متحف للموقاومة، حركة إصلاح وترميم، تندرج ضمن الشطر الرابع من برنامج التاهيل الحضري لوجدة، ، وغير بعيد عنها تقع مدرسة سيدي زيان الابتدائية، التي أنشئت عام 1907 ميلادية، ولا زالت تقوم بوظيفتها التربوية لحد الساعة ، كما تعتبر " دار السبتي" ، التي أسست سنة 1938 على يد أحد تجار وجدة الكبار، باعتبار أن وجدة لعبت على الدوام ، كما لا تزال ، دورا تجاريا بامتياز، لتكون قصرا للضيافة يأوي كبار التجار والموظفين .