تتوفر أسواق بعض مدن الجهة الشرقية على «صيدليات» متنقلة لبيع الأدوية المهربة من الجزائر والخاصة بأمراض الحيوانات، بل تجاوزت حدودها إلى بعض أسواق المدن المغربية الداخلية، رغم أن المصلحة البيطرية الإقليمية التابعة للمكتب الوطني للسلامة الغذائية تقوم بمصادرة هذه الأدوية من حين إلى آخر وإتلافها. وأصبح الفلاح طبيب ماشيته وبهائمه ولا يحتاج إلى خدمات بيطري مختص في أمراض الحيوانات. فهو الذي يفحص حيواناته ويكشف عن أمراضها ويختار الأدوية التي يظنها صالحة لعلاجها، ثم يحدد المقادير والكميات والجرعات وحتى الحقنات المناسبة لعلاج الداء المفروض التعرف عليه حسب حدة المرض، ويزيد وينقص معتمدا على تقديراته الشخصية والمعرفية والتجريبية. «تُستعمل نفس هذه الأدوية عند الإنسان، وتستعمل لعلاج الحيوانات بمقادير كبيرة وغير مراقبة من طرف الفلاحين ومربي الماشية إلى أن تساق إلى المجازر للذبح مثخنة بالأدوية من كلّ الأصناف والأنواع...» يشرح ل»المساء» الدكتور نصر الدين بريشي بيطري بالقطاع الخاص، ثم يستطرد موضحا «وتحتوي هذه اللحوم على بقايا هذه الأدوية... كالبينيسيلين والأموكسيسيلين ومضادات حيوية أخرى تمنح مقاومة ذاتية لمستهلك هذه اللحوم ضد هذه المضادات الحيوية، وبالتالي يمكن أن يشكل هذا خطرا مميتا على المريض الذي وصف له طبيبه بعض الأدوية من المضادات الحيوية التي تصبح في هذه الحالة عديمة الفعالية والجدوى، إذ تتضاعف الميكروبات التي نمّت وطورت مقاومة ضد هذه المضادات الحيوية وتستمر في التكاثر في الجسد البشري وإنتاج السموم القاتلة».نجد في هذه الأسواق أنواعا كثيرة من الأدوية لمعالجة أمراض الحيوانات، وهي نفس الأدوية الموجهة للإنسان، لكن تختلف في المقادير ويكون عليها إقبال كبير من طرف الفلاحين ومربي الماشية، وذلك راجع إلى انخفاض ثمنها الذي يتراوح، في بعض الأحيان، ما بين مرتين و8 أضعاف أقل من الثمن الرسمي كالمضادات الحيوية «ألبندازول»، الذي يباع ب200 درهم سعر الدواء الرسمي العمومي المغربي، مقابل 40 درهما لنفس الدواء المهرب، وحقنة «إفيرميكتين» ب340 درهم مقابل 60 درهما لنفس الدواء المهرب، و»تيابيندلزول» ب100 درهم مقابل 30 درهما، و»رافوكسانيد» ب200 درهم مقابل 40 درهما، و«بينيسيلين وستريبتوميسين» ب130 درهما ل100 ميليلتر مقابل 50 درهما لنفس الدواء المهرب و»أوكسيتيتراسيكلين» ب180 درهما مقابل 80 درهما، وسعر دواء «كوليستين» أغلى بمرتين أو ثلاث من سعر نفس الدواء المهرب، و»أنروفلوكساسين» ب500 درهم مقابل 100 درهم، و»فلورتينيكول» أغلى بمرتين أو ثلاث من سعر نفس الدواء المهرب، و«أموكسيلين» ب200 درهم سعر مقابل 80 درهم، و«الكورتيكوييد» وهي مضادات الالتهابات ب200 درهم ل50 ميليلترا مقابل 60 درهما لنفس الدواء المهرب، والفيتامينات ب280 درهما للكيلوغرام سعر الدواء الرسمي مقابل 100 درهم لنفس الدواء المهرب، وكذلك هرمونات النُّمُو ك»الأستروجين» لتسمين العجول، إضافة إلى توفر حُقن ومواد وأجهزة تربية المواشي. ثم هناك اللقاحات ضد المرارة عند الأغنام وكل اللقاحات ضد أمراض الدواجن، وهناك كذلك الأدوية ضد الطفيليات المعوية والرئوية للأغنام والأبقار كلألبازول والبوطاليكس. كما أن «الكورتيكوييد» المضادة للالتهابات المحقونة للأبقار بجرعات قوية تسبب الإجهاض. ومن جهة ثانية، لا يعرف كيف وصلت هذه الأدوية المهربة إلى الأسواق ولا تاريخ نهاية صلاحيتها بحيث غالبا ما تغير التواريخ قبل تهريبها إلى المغرب، بالإضافة إلى أن الطبيب البيطري لا يعرف الطريقة التي تم استعمالها من طرف الفلاح الذي يكتفي بتقديم علب الدواء الفارغة ( بحيث لا يعرف محتوى العلبة) للبيطري عند استفحال المرض لدى الحيوان وعجزه عن علاجه. كما لا تحترم المقادير ولا فترة الانتظار التي يجب بعدها تسويق الحيوانات أو ذبحها بعد استعمال المضادات الحيوية، والموجهة لحومها للاستهلاك البشري. «نَقْلُ هذه الأدوية إلى الأسواق الأسبوعية فوق البهائم وترويجها تحت أشعة الشمس يُحوّلها إلى أدوية منتهية الصلاحية وبالتالي إلى سموم قاتلة للحيوانات المستهلكة لها أو للإنسان المستهلك للحوم هذه الحيوانات» يوضح الدكتور البيطري المختص في صحة الحيوانات. المساء