تثير قضية الأدوية المزورة المهربة إلى المغرب قلق سكان الجهة الشرقية والسلطات الصحية المختصة، في ظل غياب دراسات دقيقة تعطي صورة واضحة عن هذه الظاهرة التي تهدد صحة المواطنين في المغرب كله. وأكد ادريس بوشتنوف، نقيب هيئة الصيادلة بالجهة الشرقية، ل«المساء» أن الظاهرة تعرف انتشارا يوما بعد يوم بسبب الإقبال المكثف للمواطنين عليها، لرخص ثمنها مقابل ثمن نظيرتها التي تباع داخل الصيدليات وفق وصفة طبية محددة، في حين تفتح السوق السوداء أبوابها للمواطنين دون وصفات تذكر. وبحسب مهنيين في المنطقة الشرقية فإن الحدود الجزائرية تعد مدخلا رئيسا للأدوية المهربة، إلى جانب مليلية وسبتة المحتلتين. وأكد بوشنتوف أن المهنيين يلاحظون تنامي الإقبال بشكل خاص على الأدوية مرتفعة الثمن، ومنها التي تعالج الضعف الجنسي كالفياغرا، أو السرطان. ويضيف المتحدث أن المواد الخاصة بالتجميل هي الأخرى تشهد طلبا متزايدا خاصة وأنها لا تصنف ضمن خانة الأدوية، وهو ما يهدد صحة المواطنين وسلامتهم. كما يكثر الإقبال على الأدوية المهلوسة وحليب الأطفال والأقراص المعالجة لآلام المعدة والصداع، والتي لا تتوفر في الغالب على المادة الرئيسية المعالجة. ويؤكد المهنيون أن المناطق الحدودية بالشرق وإن كانت البوابة الرئيسة لتدفق تلك الأدوية، فالمشكل لم يكن أبدا جهويا بل اتخذ بعدا وطنيا مقلقا. وتنتشر الأدوية المزورة المهربة في عدد من أسواق وجدة وهي الأسواق الشعبية التي لا تخضع للمراقبة المنتظمة. وسبق للدكتور عبد القادر سماطو، مندوب الصحة بالجهة الشرقية، أن أوضح في تصريح ل«المساء» أن حجم الظاهرة ملفت، معترفا في الوقت نفسه بغياب إحصائيات لدى المندوبية بشأن ذلك. وقال سماطو: «وحدها الأجهزة الأمنية هي التي تتوفر على أرقام دقيقة بشأن مشكلة تهريب الأدوية والحالات التي تم ضبطها». وتشير الأنباء إلى أن الجزائر بدورها تعرف تناميا لظاهرة الأدوية المزورة المهربة، مما يجعل المغرب بحكم التهريب الواقع على حدود البلدين عرضة لدخول هذه الأدوية الخطرة إلى البلاد. ويوضح مهنيون أن طرق تهريب الأدوية وإدخالها تعتمد «شبكات منظمة من أعداء المغرب تحرص على إرسال هذه المادة التي تنتشر عبر الوطن وتخلف مشاكل صحية واجتماعية وأمنية لا حصر لها». وذكر نقيب الصيادلة بالجهة الشرقية أن تقريرا أوربيا صدر مؤخرا كشف أن ما مقداره 44 مليار أورو سنويا هو الحجم التقديري للأدوية المزورة المهربة عالميا، وأكد أن دول شمال إفريقيا تعد من بين الوجهات المفضلة لمافيا تهريب الأدوية بسبب الإقبال المكثف عليها لرخص ثمنها وضعف الرقابة الأمنية.