شكل موضوع "البعد الحقوقي في حماية تراث الصحراء والنهوض به" محور ندوة علمية نظمتها، اليوم الثلاثاء بمدينة المرسى، اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالعيون-السمارة، بشراكة مع مجلس جهة العيون-الساقية الحمراء وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية-أكدال بالرباط . وتندرج هذه الندوة، المنظمة بدعم من وكالة الجنوب، ومؤسسة فوسبوكراع، في إطار جامعة العيون الموسمية حول حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، التي جاءت تفعيلا لاتفاقية الشراكة والتعاون بين اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالعيون-السمارة، وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية-أكدال، ومجلس جهة العيون-الساقية الحمراء، والتي تهدف، بالأساس، إلى تسهيل التعاون في مجالات التكوين والبحث والتدريب والنشر والتوثيق، وكذا تبادل الخبرات والمعارف العلمية والثقافية والحقوقية بين المؤسسات الثلاث. وفي كلمة باسم وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان، أكد السيد محمد حشي على أهمية موضوع هذه الندوة لكونه يندرج ضمن مشاريع هيكلية تتعلق بالالتزامات الدولية للمملكة المغربية في مجال الحقوق الثقافية، وضمن السياسات والبرامج العمومية في المجال الثقافي. وأبرز السيد حدشي أن المغرب يعد طرفا في النواة الصلبة للقانون الدولي لحقوق الإنسان من خلال مصادقته وانضمامه لتسع اتفاقيات أساسية في مجال حقوق الإنسان، وكذا مجموعة من البروتوكولات المتعلقة بها، بالإضافة إلى مصادقته سنة 2013 على اتفاقية اليونيسكو لحماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي. وأضاف أن المغرب، وإدراكا منه بكون المواثيق الدولية لحقوق الإنسان تشكل إطارا مرجعيا لمعايير حقوق الإنسان، قام بتكريس مجموعة من المبادئ والقواعد المتعلقة بممارسة كل أصناف الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وخاصة في الباب الثاني من الدستور والمتعلق بالحريات والحقوق الأساسية، وجعل الولوج إليها خاضعا لمبادئ المساواة وعدم التمييز. وذكر السيد حدشي أن إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، الذي يوجد مشروع القانون التنظيمي المتعلق به قيد المسطرة التشريعية، سيساهم في تعزيز حماية وتنمية اللغات الوطنية والتعبيرات الثقافية المغربية باعتبارها تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا، مشيرا إلى أنه سيتم، وفي إطار التخطيط الاستراتيجي في مجال حقوق الإنسان الذي تنهجه المملكة، وتنفيذا للبرنامج الحكومي 2016 / 2021، الإعلان، يوم 13 دجنبر 2017 بالرباط، عن خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان. وأشار إلى أن هذه الخطة، التي سيتم اعتمادها في مجلس حكومي قصد الشروع في تنفيذها في الترة الممتدة ما بين 2018 / 2021، تتضمن محورين فرعيين أساسيين يرومان حماية الثقافة المغربية في تنوع روافدها وموروثها القيمي ومقوماتها الحضارية، يتعلق الأول بالحقوق الثقافية، فيما يخص الثاني حماية التراث الثقافي، واللذين تضمنا العديد من التدابير والإجراءات الرامية الى النهوض بالحقوق الثقافية والحفاظ على التراث الوطني. من جانبه، أبرز رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان العيون-السمارة، السيد محمد الشرقاوي، أن هذه الندوة، التي تتزامن وتخليد الذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تأتي في سياق جهود المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه الجهوية في الإسهام في النهوض بالحقوق الثقافية، وحفظ التراث الحساني الذي نصت عليه مقتضيات الدستور كرافد من روافد الهوية الثقافية الوطنية. وذكر السيد الشرقاوي أنه سيتم، على هامش هذه الندوة، التي يشارك فيها ثلة من الخبراء والمثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي إلى جانب فاعلين مؤسساتيين وجمعويين معنيين بحماية والنهوض بالثقافة بالمنطقة، تنظيم دورة تكوينية حول آليات الترافع حول حماية وتثمين التراث الثقافي الصحراوي، لفائدة عدد من الفاعلين الجمعويين والمهتمين بالشأن الثقافي بالأقاليم الجنوبية للمملكة، سيؤطرها خبيران في مجال الحقوق الثقافية بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان. وفي كلمة باسم مجلس الجهة، قالت نائبة الرئيس السيدة عالية حماني إن تنظيم هذه الندوة، في إطار الجامعة الموسمية بالعيون، يبرز الجدية والإرادة القويتين التي تجمع الشركاء عموما في إطار تفعيل اتفاقية الشراكة الموقعة في هذا الجانب. ونوهت السيدة عالية حماني بجهود اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان العيون-السمارة، وحرصها المتواصل على تفعيل مضامين التوصيات الملتزم بها، والتي كانت ثمرتها عقد لقاءات وورشات حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لاكتساب المهارات الضرورية، والتقنيات للترافع بخصوص القضية الوطنية. من جانبه، ذكر المدير الجهوي لوزارة الثقافة والاتصال السيد محمد لغظف خيا بالمشاريع التي أنجزتها الوزارة في إطار حماية وصيانة الموروث الثقافي بهذه الجهة، والتي تشمل إنشاء محافظات لحماية النقوش الصخرية، وتنظيم دورة حول المفاهيم والمناهج والأدوات المعتمدة من قبل منظمة اليونسكو في عملية جرد التراث الشفهي، وذلك في إطار برنامج جرد التراث الحساني غير المادي، الذي تشرف عليه وزارة الثقافة والاتصال (قطاع الثقافة)، بالإضافة إلى تنظيم مجموعة من الأنشطة في إطار شراكات مع عدد من المتدخلين وفعاليات المجتمع المدني المعنيين بالميدان الثقافي. وخلص المشاركون في هذه الندوة إلى التأكيد على ضرورة دعم السياحة الثقافية و الاركيولوجية، وتثمين وحماية المواقع الأثرية، واستغلال المؤهلات الثقافية وجعلها رافعة للتنمية المستدامة، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في المؤهلات الثقافية لخلق مناصب شغل لحاملي الشهادات العليا، وإحداث مرافق ثقافية وفنية للقرب، وتكريس البعد الحقوقي في مختلف الأنشطة الثقافية والفنية. ودعوا، بالمناسبة، إلى إشراك الأندية التربوية بالمؤسسات التعليمية في النهوض بالثقافة الحسانية الصحراوية، والعمل على إدراج الثقافة الحسانية في المناهج التعليمية، وإنشاء قاعدة بيانات للتعريف بالأدباء والشعراء بالصحراء وبإنتاجاتهم، وتنظيم جائزة وطنية للبحوث والدراسات حول الثقافة الحسانية، إلى جانب إنشاء بوابة إلكترونية وصفحات بمواقع التواصل الاجتماعي لتوثيق الموروث الصحراوي، وخلق جوائز جهوية لتشجيع الإبداع في الشأن الثقافي الحساني، وترتيب وتصنيف المواقع الأثرية والنقوش الصخرية بالصحراء وتوفير الحماية القانونية لها، وخلق آلية جهوية من منتخبين ومؤسسات معنية، لمتابعة تفعيل التوصيات الصادرة عن هذه الندوة. وتضمن برنامج هذه الندوة مناقشة جملة من المحاور همت، على الخصوص، المجالس الجهوية، أي مشروع لحماية وتثمين التراث الصحراوي"، تنزيل الفصل 5 من الدستور، المواقع الآثرية لزمور الساقية الحمراء .. الإضرار والإكراهات … الحماية وسبل التثمين".