نظمت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، اليوم الاثنين، بمقر الولاية بالداخلة، مهرجانا خطابيا، تخليدا للذكرى 38 لاسترجاع وادي الذهب إلى حظيرة الوطن الأم. ويعتبر يوم 14 غشت 1979 محطة تاريخية مفصلية في مسيرة الملاحم والمكارم في سبيل تحقيق الوحدة الترابية واستكمال الاستقلال الوطني والسيادة الوطنية بعد عقود من احتلال الأقاليم الجنوبية من طرف الاستعمار الاسباني. وشهد هذا المهرجان الخطابي، الذي نظم بتنسيق وتعاون مع مصالح ولاية جهة الداخلة وادي الذهب، وحضره على الخصوص، المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، ووالي الجهة عامل إقليم وادي الذهب، ورئيس المجلس الجهوي، توشيح صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بأوسمة ملكية شريفة، وتكريم ثلة أخرى من المقاومين الذين بذلوا الغالي والنفيس في سبيل وطنهم وملكهم. وشهدت قاعة الاجتماعات بمقر الولاية خلال هذا المهرجان الخطابي مداخلات تستحضر فصول ملحمة الكفاح البطولي والجهاد المقدس الذي خاضه العرش والشعب بالتحام وثيق وترابط متين في سبيل حرية الوطن واستقلاله وتثبيت وحدته الترابية، ودفاعا عن مقدساته الدينية وثوابته الوطنية، بالإضافة إلى توزيع إعانات مالية على عدد من المقاومين وأراملهم وأبنائهم. وبهذه المناسبة، قال مصطفى الكثيري، المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، إن المسار الذي قطعه المغرب في بنائه الديمقراطي والمؤسساتي يشكل مصدر فخر واعتزاز لجميع المغاربة، "لذا وجب الحفاظ على هذه المكتسبات الديمقراطية في ظل ظروف اللا أمن واللا استقرار التي يعرفها العالم وخصوصا المنطقة العربية". واغتنم المندوب السامي هذه المناسبة الخالدة لاستحضار القضية الوطنية الأولى قضية الوحدة الترابية المقدسة، مؤكدا على التعبئة المستمرة واليقظة الموصولة لأسرة المقاومة وجيش التحرير كسائر فئات وأطياف المجتمع المغربي والإجماع الوطني وراء قائد البلاد صاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل صيانة الوحدة الترابية وتثبيت المكاسب الوطنية. وشدد السيد مصطفى الكثيري على أن ملف القضية الوطنية حقق انتصارا جديدا في منظمة الأممالمتحدة بعد القرار الصادر عن مجلس الأمن والذي أشاد بالمقترح المغربي للحكم الذاتي وأكد على انسحاب فلول الانفصاليين من نقطة الكركرات وألح لسادس مرة على إجراء إحصاء للمحتجزين بالمخيمات بتيندوف. وأشاد بالانتصار الباهر والمستحق الذي حققه المغرب في القمة 28 للاتحاد الافريقي التي التأمت بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا بالعودة المظفرة للمملكة الى مكانها الطبيعي في أسرتها الافريقية وهي ثمرة الجهود الجبارة والمساعي الحثيثة لجلالة الملك الذي جاء خطابه التاريخي بمؤتمر القمة بليغا وصريحا وقويا وشكل خارطة طريق للرؤية التنموية للمغرب بإفريقيا. وأبرز المندوب السامي أن الزيارات الملكية العديدة والمتتالية والمستمرة للقارة الإفريقية تبرهن على أن المغرب حاضر بقوة وشموخ في محيطه القاري ومتمدد في عمقه الافريقي الذي تجمعه به أواصر دينية وروحية وتاريخية وإرادة راسخة لتقوية التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبشري والبيئي. ومن الثابت تاريخيا، يقول السيد الكثيري، أن المغرب من الرواد الأوائل لبناء المشروع الإفريقي منذ مبادرته إلى عقد اجتماع المجموعة الإفريقية "مجموعة الدارالبيضاء" الذي دعا له جلالة المغفور له الملك محمد الخامس سنة 1961 وإلى تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية قبل الاتحاد الإفريقي. وأوضح أن جلالة الملك محمد السادس أكد على هذا التوجه الافريقي في الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في الدورة الرابعة لمنتدى "كرانس مونتانا" الذي احتضنته مدينة الداخلة من 16 الى 21 مارس الماضي، والمنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. من جهته، أكد رئيس المجلس الجهوي للداخلة وادي الذهب، الخطاط ينجا، أنه نظرا لأهمية هذا اليوم التاريخي و دوره في استكمال الوحدة الترابية و جمع الشمل و تحقيق الأمن و الاستقرار بهذه المنطقة ، فقد كان بداية إعلان عن مسيرة تنموية جديدة،عرف فيها هذا الإقليم و من خلاله جهة الداخلة وادي الذهب، و في ظرف وجيز، قفزة نوعية لا يمكن إنكارها، حيث تم إيلاء العنصر البشري أهمية قصوى بتشييد المدارس التعليمية و المستشفيات والمراكز الصحية، و العمل على تأهيله و إدماجه في مختلف القطاعات الاقتصادية و الاجتماعية. وأوضح السيد الخطاط ينجا أنه تم إيلاء عناية خاصة بالبنيات التحية و التجهيزات الأساسية كبناء المطارات والموانئ والطرق، ومد قنوات الصرف الصحي وإيصال الكهرباء والماء الشروب للساكنة، الشيء الذي تم من خلاله فك العزلة عن هذه المناطق النائية في ظل إكراهات و اختلالات مجالية كبيرة كانت تعرفها المنطقة. وشدد رئيس المجلس الجهوي على أن بيعة وولاء سكان وقبائل الصحراء للعرش العلوي المجيد لم تكن وليدة الأمس القريب، "بل إنها تشكل عقدا تاريخيا ورثناه عن آبائنا و أجدادنا ،عبروا من خلاله عن مدى تعلقهم وارتباطهم بالملوك العلويين سليلي الدوحة النبوية الشريفة". وأكد أن سكان قبائل الصحراء "استرخصوا كل غال و نفيس وفاء لهذا الترابط، فكانوا بالمرصاد لكل الأطماع الأجنبية التي كانت تحوم بالمنطقة، وأبانوا عن شجاعة وبسالة كبيرتين في صفوف المقاومة و جيش التحرير" عبر معارك عديدة منها "أم التونسي" ، "وادي الشياف"، "تكل" ، "لكلات" ، "اطويرف" و "العرك وب". وأوضح أن "هذا الجمع المبارك الذي نلتئم من خلاله اليوم يشكل بالنسبة لنا تكريما و مفخرة و اعتزازا لأسرة المقاومة و جيش التحرير"، حيث أن حفظ الذاكرة الوطنية و الحفاظ على التراث الوطني، لقمين بالتعريف بتاريخ الشعوب و نضالاتها و نقله للأجيال القادمة، لاستلهام العبر والدلالات والحرص على التماسك الوطني بين العرش والشعب . وبهذه المناسبة، التي حضرها أيضا، رئيس المجلس الوطني المؤقت لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وأعضاء الهيئة القضائية ورجال السلطات الادارية والأمنية والعسكرية والإقليمية ورؤساء المصالح الجهوية، ورؤساء المجالس المنتخبة بالجهة و أعضاء المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، تم تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بجهة الداخلة وادي الذهب، وعددهم ثمانية. وإلى جانب التكريم المعنوي كان هناك أيضا التكريم المادي حيث تم توزيع 33 اعانة مالية للمقاومين وذوي الحقوق بالجهة بغلاف مالي اجمالي يناهز 240 ألف درهم، بالإضافة إلى توشيح صدور مقاومين اثنين بوسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط. ورفعت في ختام هذا المهرجان الخطابي أكف الضراعة الى العلي القدير ترحما على أرواح شهداء الحرية والاستقلال والوحدة وفي طليعتهم فقيد الأمة وبطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس ورفيقه في الكفاح جلالة المغفور له الحسن الثاني قدس الله روحيهما. كما رفعت أكف الضراعة الى الباري جل وعلا بالدعاء الصالح لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة والشعب المغربي قاطبة.