يتوفر المغرب ونيجيريا، البلدان الإفريقيان الصاعدان، على إمكانيات هائلة تمكنهما من المضي قدما في تعزيز التعاون الثنائي في المجالين الاقتصادي والصناعي، بما يحفز نموهما ونمو القارة الإفريقية برمتها. وشكلت الزيارة الأخيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى نيجيريا (من فاتح إلى 3 دجنبر 2016)، مناسبة لوضع أسس تعاون اقتصادي وصناعي متنوع، متين ومستدام، يقوم على أوجه التكامل التي يتوفر عليها البلدان، وذلك على أساس شراكة رابح- رابح في جميع المجالات، بما من شأنه إحداث ثروات مشتركة. وهكذا، تم الإعلان الرسمي عن إحداث أنبوب لنقل الغاز بين نيجيريا والمغرب، وهو مشروع ضخم سيتيح نقل هذه المادة الطاقية صوب أوروبا عبر عدد من دول منطقة غرب إفريقيا، بما سيعود بالنفع على كامل المنطقة برمتها. وسيمكن هذا المشروع، لا محالة، من هيكلة سوق الكهرباء في المنطقة، والنهوض بالقطاع الصناعي، وتحسين القدرة التنافسية الاقتصادية وتسريع وتيرة التنمية الاجتماعية. وستتيح هذه المنشأة نشوء سلسلة من المشاريع الموازية التي ستمكن في المقابل من إحداث الكثير من فرص الشغل، وتعزيز العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف بين الدول وإيجاد فضاء من السلم والتعاون المشترك. من جهة أخرى، تم إطلاق شراكة إستراتيجية لتطوير صناعة الأسمدة بنيجيريا بمناسبة الزيارة الملكية الميمونة، والتي تهم مجموع سلسلة القيمة الفلاحية، من خلال تقديم أنماط للتسميد تتلاءم مع طبيعة التربة والمحاصيل المعتمدة بنيجيريا، والتي تواكبها تدابير لمصاحبة الفلاحين المحليين. وتشمل هذه الشراكة جنوب- جنوب تطوير منصة لإنتاج الأسمدة في نيجيريا، ومن ثم، تأمين إمداد السوق النيجيرية بالأسمدة بأسعار تنافسية، وتبادل الخبرات، وتشجيع الابتكار والبحث والتطوير، وتعزيز قنوات التوزيع المحلية وتعميق مسارات تمديد النظم الزراعية القائمة. وتتمثل الغاية من ذلك، في النهوض بالزراعة المستدامة في نيجيريا، بالموازاة مع تحسين معيش الفلاحين. وإلى جانب هذين المشروعين الرائدين، شكلت الزيارة الأولى لصاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى نيجيريا، فرصة لتعزيز الإطار القانوني الذي يؤطر العلاقات القائمة بين البلدين في مختلف المجالات، لاسيما في ما يتعلق بالخدمات الجوية، والطاقة المتجددة، والحماية المتبادلة للاستثمارات، والتعاون العلمي والتقني، والزراعة، والصيد البحري، والخدمات اللوجستيكية والمالية والتأمين. ومن أجل التنفيذ الأمثل للإطار القانوني ومجموع الاتفاقيات المبرمة، دعا الطرفان إلى إعادة تنشيط اللجنة المشتركة النيجيرية -المغربية، فضلا عن تشجيع أوساط الأعمال بكلا البلدين على استكشاف الفرص الاستثمارية المتاحة في الاتجاهين. وعلى هذا الأساس تم عقد المنتدى الاقتصادي المغربي- النيجيري في لاغوس بتاريخ 30 نونبر 2016. والأكيد أن المغرب أضحى مثالا يحتذى بالنسبة لدول المنطقة، التي تؤمن بنجاعة النموذج المغربي وقدرته على مساعدتها في المضي قدما على درب تحقيق الإقلاع التنموي المنشود. الحدود