بلغ عدد القضايا التي تخص جرائم الصحافة، وسجلت بمحاكم المملكة 640 قضية خلال العشر سنوات مما مجموعه 15 مليون قضية زجرية. وأوضح هشام الملاطي، القاضي الملحق بمديرية الشؤون الجنائية والعفو، في عرض حول توجهات العدل القضائي في قضايا جرائم الصحافة، وأكد أن 516 رفعت من طرف الأشخاص المتضررين بينما حركت النيابة العامة 44 قضية فقط. وقد بلغت قضايا الصحافة ذروتها خلال سنوات 2008 و2009 و2010 و2011، مع الأخذ بعين الاعتبار القضايا الصحفية التي تقرر فيها الحفظ من طرف النيابة العامة لأسباب تتعلق إما بالدعوى العمومية ( التقادم، التنازل عن الشكاية أو وقوع الصلح، انعدام الإثبات...) أو في إطار تفعيل سلطة ملاءمة المتابعة المخولة لها قانونا، أو بسبب ممارسة آلية الاستدراك والحق في الجواب المنصوص عليها في إطار أحكام قانون الصحافة. وأكد مصطفى فارس الرئيس الأول لمحكمة النقض أن التعاون بين السلطة القضائية وسلطة الإعلام هو السبيل الوحيد للنهوض بالمغرب، فهما الشريكان في الدفاع عن قيم الديمقراطية والعدالة وتحقيق الإصلاح المنشود في جميع الميادين، فالقضاء القوي المستقل هو حامي الحقوق والحريات وضامن الاستقرار، والإعلام الجاد النزيه هو من يوجه إلى الإصلاح ويرصد التجاوزات والمخالفات، وأضاف فارس الذي كان يتحدث أمام مجموعة من الصحافيين في القاء التواصلي «القضاء والإعلام شريكان في خدمة المواطن، أنه سبق له في ندوة انعقدت بالرباط حول علاقة الإعلام بالقضاء، أن قال أنه لا بد للوصول إلى إزالة سوء الفهم بين هاتين السلطتين، وإشاعة ثقافة حقوقية في إطار إعلام حقوقي وقانون متخصص ومؤهل بعيدا عن الإثارة الإعلامية (بهدف الوصول إلى توازن وتكامل بين الإعلام والقضاء) واعتبر الرئيس الأول أن اللقاء يشكل تعزيز الثقافة القانونية لدى الإعلاميين بهدف الرفع من مستوى الأداء الإعلامي في المجال القضائي، كما يهدف إلى تعزيز التعاون القائم بين محكمة النقض وبين جميع المنابر الإعلامية بمختلف اتجاهاتها وقد كانت محكمة النقض سباقة إلى تعيين قاض مكلف بالإعلام. ونقل مصطفى اليرتاوي، وكيل الملك بابتدائية آسفي تجربة الغرف المتخصصة في جرائم الصحافة، وركز على التجربة الفرنسية في هذا الخصوص التي تتوفر على غرف خاصة عكس ما هو معمول به في المغرب. وأثار اليرتاوي نقطة مهمة تخص مقتضيات القانون رقم 94. 21 المتعلق بالنظام الأساسي للصحفيين المهنيين، الذي أعطى تعريفا للصحفي المهني في المادة الأولى « يراد بالصحفي المهني الشخص الذي يزاول مهنته بصورة رئيسية ومنتظمة ومؤدى عنها في واحدة أو أكثر من النشرات أو الجرائد اليومية والدورية الصادرة بالمغرب أو في واحدة أو أكثر من وكالات الأنباء أو في واحدة أو أكثر من هيآت الإذاعة والتلفزة الموجود مقرها الرئيسي بالمغرب، ويطلق على هذه الهيآت اسم «منشآت الصحافة». لكنه بالرجوع إلى المادة 5 من قانون الصحافة والتي تحدد الوثائق الضرورية قبل نشر كل جريدة أو مطبوع دوري إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالمكان الذي يوجد فيه المقر الرئيسي للجريدة تصريح في ثلاثة نظائر ما يلي : مجموعة من الوثائق الإدارية. فالملاحظ حسب وكيل الملك أن المشرع لم يشترط أن يكون مدير النشر أو الصحافيون العاملون معه، صحافيين مهنيين بمفهوم المادة الأولى في النظام الأساسي للصحافيين المهنيين وبالتالي فيمكن لأي شخص تمكن من جميع الوثائق المشار إليها في المادة 5 حتى ولو لم يكن يمت لمهنة الصحافة بصلة ان يصدر نشرة أو مطبوع، وهناك حالات عرضت على القضاء تمت فيها متابعة أشخاص يدعون أنهم صحافيون بعدما تمكنوا من إصدار نشرات أو مطبوعات مستندين على مقتضيات المادة 5 من أجل النصب بعدما حولوا نشراتهم إلى عنصر للابتزاز والاحتيال، ومن تم يرى اليرتاوي أنه أضحى تعديل مقتضيات المادة 5 ضروريا لنشر جريدة أو مطبوع التوفر على صفة صحفي مهني، كما ينص على ذلك القانون. وعرف اليوم الأول من اللقاء التواصلي عرض موجز للخطوط العريضة للمشروع، قدمها محمد الخضراوي مستشار بمحكمة النقض، أكد فيها الغاية من هذا اللقاء بإعطاء الصحفيين فرصة للتكوين العملي التطبيقي من طرف قضاة ممارسين ذوي تجربة وحنكة في المجال جعل القضاء أكثر انفتاحا على محيطه باعتباره شأنا مجتمعيا عاما يحق للجميع التعرف عليه، وتخويل القضاء ممارسة دوره الوقائي عن طريق تأطير المجتمع عبر الإعلام وتحسيسه بحقوقه وواجباته المتوافق عليها عالميا ودستوريا.