مما لا شك فيه أن المناطق الشيعية التي يسيطر عليها حزب الله تعاني من ارتفاع في عدد الأرامل الشابات، خاصةً بعد حرب تموز. ويواجه المجتمع الشيعي أزمة حقيقية في التعامل مع هذا الواقع، لما ترتب عليه من اختلال في التوازن العددي بين الجنسين وما خلفه من آثار سلبية على شخصية المرأة ومكانتها. أما الخطر الحقيقي الذي نشأ جراء هذا الواقع فهو استغلال حزب الله لجيش الأرامل هذا، ليتسنى له إحكام قبضته على المجتمع الشيعي. حيث شرَّع القيام بعلاقات جنسية سرية تحت مسمى ديني معروف هو "زواج المتعة"، محولا الشابات اللواتي فقدن أزواجهن وهنّ بعد في مقتبل العمر إلى "أفخاخ جنسية" متحركة تساعده في نشر سلطته وتعزيزها، وتمكّنه من أسر أكبر عدد ممكن من الشبان. ويستند حزب الله في ترويجه لزواج المتعة إلى آراء فقهية مدعّمة بآيات قرآنية وأحاديث شريفة أجمع عليها كل مراجع الشيعة دون استثناء. وغير مُجدٍ هنا الحديث عن حلّية هذا الزواج أو حرمته، ولا الخوض في مبرراته وحيثياته التاريخية والدينية. فزواج المتعة أو المؤقت موجود في المذهب الشيعي. لكن الأعراف والمفاهيم الإجتماعية تعتبره تصرفا غير لائق ومظهرا من مظاهر الإباحية الجنسية المتستّرة بلباس ديني. ولا يمكن بالتالي السيطرة عليه في حال التساهل في تعاطيه أو التراخي في لجمه، شأنه شأن كل أشكال المحرمات الدينية كالقمار والمخدرات والخمور. ما قبل.. وما بعد ثورة إيران كنا وما نزال شيعة لبنانيين قبل وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران! وكان مجتمعنا، الذي يُعَد محافظا، يتحاشى الحديث العلني عن موضوعات تتعلق بالجنس أو التداول فيها والدخول في نقاشات حولها. لكن، مع بدء انتشار الثورة الإسلامية، تسرّبت إلى بيئتنا مفاهيم صادمة. فصرنا نسمع كلاما عن عقد زواج مؤقت يباركه الشرع بل يشجع عليه، ويعتبر من يتعاطاه متديّناً يَنشدُ الثواب. ومع بدء العمليات العسكرية ضد إسرائيل في مطلع الثمانينات، ودخول حزب الله، ومن ورائه إيران، على خط المقاومة تمهيدا لمصادرتها لاحقا، بدأ جيش الأرامل الشابات يكبر ويتنامى عدده، حتى وصل ذروته بعد أن وضعت حرب تموز أوزارها وكشفت عن أعداد من الأرامل تفوق قدرة المجتمع الشيعي وطاقته على حملها وتحملها: بما أن المقاومة صودرت من كل الأيادي الوطنية التي ساهمت بانطلاقتها واستمرارها لذلك تركزت النسبة الأعلى للأرامل في المجتمع الشيعي و لدى جماعات حزب الله بالتحديد! فبرزت الحاجة الملحّة إلى المال الكثير، وتدخلت العناية الإيرانية لسد هذا الفراغ، فأغدقت الأموال على عناصر حزب الله من خزائن الشعب الإيراني بنسب تفوق الخيال! أينما ذَهَبَ "العنف"، يقول له الجنس "خذني معك"! ويتقاضى عناصر حزب الله رواتب شهرية مريحة جدا، وهم يخضعون لتدريبات عسكرية ودروس أيديولوجية دورية، ولا ينقص العدّة هنا سوى "لجنس" لضمان الاستمرار والبقاء! فأينما ذَهَبَ "العنف"، يقول له الجنس "خذني معك"!ورغم أن الدراسات الإجتماعية تشير إلى أن حاجة الإنسان إلى الجنس تتراجع أثناء الحروب، لكن في المجتمعات الدائمة الحرب كمجتمع حزب الله يصبح الجنس رديفا للعنف. وكون عناصر حزب الله هم من الأشخاص ذوي الأبعاد العُصابية، لأن حياتهم قائمة على الجهوزية التامة للحرب والمواجهة، فإنهم يجدون في الجنس في غياب المواجهات الدموية تعبيرا عن "فائض القوة" التي يختزنونها! كما أن الجنس يرتبط إرتباطا وثيقا بالرفاه الإقتصادي. وهذا ما يوفره "المال النظيف" الذي يُوزَّع على العناصر، كل حسب مسؤولياته وموقعه. فمثلا تقوم مؤسسة "الشهيد" في لبنان - وهي واحدة من مؤسسات حزب الله الرعائية والمدعومة ماليا من إيران- بصرف مبلغ 2500 دولار أمريكي شهريا لكل عائلة من عوائل "شهداء المقاومة الإسلامية". وقد جعل هذا المبلغ، من "أرامل الشهداء" فئة إجتماعية تنعم بكافة وسائل البذخ والترف الإقتصادي. وهنا أصبحت الحاجة الملحة إلى الجنس متبادلة لدى الطرفين. فالحالة الإقتصادية والدينية، كما السياسية والأمنية، التي أوجدتها إيران، وتفاعلَ معها المجتمع الشيعي، استنهضت الفتاوى المتعلقة ب"زواج المتعة" من كتب التاريخ، واستباحت المحظورات المتعارف عليها اجتماعياً، وتجاوزت القناعات التي تربى عليها أفراد مجتمعنا. يؤكد علماء الدين الشيعة "أن زواج المتعة وُضِعَ كحل مؤقت في حال عدم توفر ظروف مؤاتية لإقامة زواج دائم". لكنه أصبح اليوم كما يشير علماء آخرون "وسيلة لإشباع النزوات فقد أسيء استخدامه وممارسته واستسهل العمل به فصار نوعا من البغاء أو الزنا". وإذا كانت السرية التامة هي المبدأ الأساسي لإقامة هذا العقد وفق شروط خاصة جدا، فقد أصبح حاليا أمراً بغاية السهولة، ومتاحا لمن يرغب دون أدنى شرط! محمد خاتمي اقترح "بيوت العفّة"! ومؤخرا انتشر في مجتمعنا مختصون يشرفون على عملية إختيار المرأة المناسبة للرجل المناسب عبر شبكات شبه رسمية، على طريقة "بيوت العفة" السرية التي نادت بها أوساط محافظة في إيران في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي! والخطير أن هذا التدبير أصبح مهنة لدى البعض يتقاضون عليها سمسرة معينة، وهم يملكون قوائم باسماء الأرامل الراغبات في إجرائه، وما أكثرهن! يعرضونها على الشبان الباحثين عن الثواب بالتقرب إلى زوجات الشهداء الذين قضوا في سبيل الله، عبر إقامه علاقات جنسية مع نسائهم! وعقد المتعة هو من أسهل العقود على الإطلاق، قد يكون لدقيقتين وقد يستمر سنوات. وشروطه أبسط بكثير من أي عقد تجاري. فليس على الراغبين سوى النطق ببعض الكلمات لإظهار النية وتحديد الفترة الزمنية، وهو ليس بحاجة إلى طلاقٍ رسمي لأنه ينتهي تلقائيا بانتهاء المدة المصرّح عنها من قبل الطرفين. وهولا يسجل في المحاكم أو دوائر النفوس. إلا أن أهم شروطه هي السرية التامة، وهذا ما لا يُراعى حاليا. وإمعانا في الإستهتار الأخلاقي، لا تتورع بعض الأرامل من استقبال "الزوج المؤقت" في بيوتهن وفي حضور أطفالهن، الذين يعرفون هوية الزائر ومبتغاه. وأحيانا كثيرة، يتم العقد بمعرفة الأصدقاء والصديقات ومباركة أفراد الأسرة. تقول إحداهن: "استشهد زوجي وكنت ما أزال في بداية العشرين، ومذ ترملت لم أجد نفسي وحيدة. فقد دخلت في أكثر من علاقة جنسية، أمّنت لي الكثير من الإستقرار العاطفي الذي فقدته بفعل استشهاد زوجي! وحين أصبح ابني الوحيد رجلاً، لم أجد صعوبة في شرح ظروفي له. فلقد تكفّل "الحزب" بذلك، هو الآن يتفهم جيدا حاجاتي ويعرف مع من أقيم علاقة. وحين يأتي "زوجي" لزيارتي، يخرج ابني من المنزل ليتيح لنا بعض الخصوصية. شهادات تقول أرملة أخرى تعمل في "التعليم القرآني": "بعد حرب تموز وجدت نفسي أرملة وأنا ما زلت عروساً في السابعة عشرة من العمر. هذا الوضع ولّد في نفسي عقدة نفسية. أنا لا أحب الدخول في علاقة جنسية حقيقية، لكن في داخلي نهم إلى عاطفة ما، لا أعرف الوصول إلى إشباعها، لذلك أقيم أكثر من علاقة لا تتعدى المداعبة، وهذا جائز شرعاً لأن أيا من هذه العلاقات لا يتوفر فيها "الدخول" الذي هو شرط الزواج! وتقول ثالثة: كنتُ على خلاف دائم مع زوجي. وحين فقدته شعرت براحة نفسية عظيمة. وقد طردتني والدته من المنزل بعد استشهاده، وحاولت أن تحرمني من أطفالي. لكن العلاقة التي باشرتها مع أحد المسؤولين في الحزب، ساعدتني في استرداد أولادي وكثير من حقوقي. إضافة إلى أن هذا الشخص قد أمّن لي عبر "مؤسسة الشهيد" مسكنا لائقا، وحياة كريمة، بفضل الراتب الشهري الذي حاول أهل زوجي اقتناصه مني. وتقول سيدة: "عاد زوجي إلى البيت مهموما، فسألته عن السبب، قال: "لحقت بي أرملة شابة تطلب مني عقد زواج مؤقت فرفضت، لكني الآن نادم أشعر بالأثم، فلربما التجأت إلى آخر واستغلها جنسيا، فماذا أفعل؟" وتضيف هذه السيدة: "رجوت زوجي أن يخرج في اليوم التالي للبحث عنها وموافقتها على ما تريد ،وهكذا كان"! وقد أصبح أمرا عاديا في بيئة حزب الله وجودُ رجال ونساء يجاهرون بإقامة عقود الزواج المؤقت، ويفاخرون بمغامراتهم في هذا المجال. وعادةً ما يقوم الرجال بنصح بعضهم باعتماد هذه الأرملة أو تلك بناء على تجارب شخصية أظهرت مدى الكفاءة الجنسية، والقدرة الجسدية، والسلوكيات والتقنيات الغرامية اللافتة لديها! تدليك و"وشم" وتغصّ لأجل ذلك مراكز التجميل والتدليك والوشم والعناية بالوجه والشعر والأظافر بالأرامل اللواتي يرتدنها يوميا. تقول صاحبة إحدى هذه المراكز: "تشكل زوجات الشهداء عصب عملنا. أجندة مواعيدي مقتصرة عليهن أكثر الأيام. يترددن إلى مركزنا يوميا للعناية بأنفسهن، وهن يحرصن على تدليك أجسادهن بأنواع الزيوت والعطور، كما أن الوشم هو من أكثر الأمور التي يرغبن فيها! وقد تطلب إحداهن وشمَ أحرف اسم زوجها الشهيد على فقرات ظهرها أوغيرها من الرسومات المتعارف عليها في أماكن حساسة"! واللافت أن المال النظيف جعل من "أرامل الشهداء" طبقة برجوازية غايةً في البذخ والرخاء. فأصبحن، إضافة إلى ما تقدم، لا يخترن ثيابهن وأحذيتهن إلا من أرقى المحلات وأغلى الماركات العالمية، وهن زبونات وفيات لمحلات "اللانجري" والعطور والماكياج، يرتدن أفخر المطاعم، ويملكن أحدث السيارات. نصرالله تواصل مع النساء عبر الشاشة.. طالباً الإنضباط والتخفيف من الحرية الجنسية في الآونة الأخيرة ارتفعت أصوات غيورة في المناطق الشيعية تطالب بتقنين هذه الظاهرة التي تحولت إلى آفة وساهمت في فساد وإفساد جيل كامل من الفتيات والشبان. وتوجهت أصابع الإتهام في نشرها وتعميمها إلى قيادات حزب الله. ولوحظ أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمر رجاله بجمع النساء في حسينيات البلدات الخاضعة لسيطرته وتواصل معهن عبر الشاشة كالعادة، طالبا منهن الإنضباط في هذه المسألة والتخفيف من حريتهن الجنسية وطرائق عيشهن الباذخة! فماذا كان الجواب؟ الغريب أنه رغم حرص عناصر الحزب على الإلتزام بالأوامر، أو ما يعرف ب:لتكليف"، فقد ثارت ثائرة النساء المستهدفات، ولسان حال أكثرهن يقول "أخذوا منا أزواجنا وحرمونا أحلى أيام عمرنا ويطلبون منا التعقل وأين العقل في ما ورطونا به؟" لفتني وصف ابن مسكويه للجنس في كتابه "تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق" بالسبع الضاري: "فمن حرّضه أكله، ومن رمى له بقطعة عند جوعه أمنه"! ربما يدعو ابن مسكويه في هذه العبارة إلى الإعتدال في تغذية الحاجات الجنسية لدى الإنسان وخلق ما يشبه "توازن رعب" بين المريد والمراد حتى لا يقضي أحدهما على الآخر! كما لفتتني إحدى المسائل المتعلقة بالعلاقات الجنسية في كتاب "تحرير الوسيلة" للإمام الخميني والتي تقول "وأما سائر الإستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة"! ربما لم يتنبه بعد أبناء الطائفة الشيعية بأن التحريض على الجنس له أهداف خطيرة لا تتوقف عند حدود عقد الزواج المؤقت والتطاول على حرمة المرأة والمتاجرة بعواطفها واستباحة جسدها وهي رضيعة، بل تتعداها إلى ما هو أخطر من ذلك بكثير!