تعيش المصالح الأمنية الجزائرية حالة طوارئ قصوى بعد التحركات الاحتجاجية التي يقوم بها تلاميذ المؤسسات التعليمية الثانوية في العديد من الولاياتالجزائرية. وتأتي احتجاجات تلاميذ الثانويات الجزائرية مباشرة بعد الإحتجاجات الشعبية ضد غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية في الجزائرية التي وصفتها إحدى افتتاحيات جريدة الشروق ب "ثورة الشغب" في احتقار مهين وإضافي للكرامة الشعب الجزائري. وحسب مصادر إعلامية، فإن وزارة الداخلية الجزائرية وجهت تعليمات للولاة بفتح أبواب الحوار مع المواطنين وعدم الاستهانة والاستخفاف بمطالبهم، وشددت على ضرورة حل كل "ما يتعلق بالسكن والشغل". وحسب ما ذكره موقع الجزير، فإن السلطات الجزائرية تسعى جاهدة إلى تهدئة الأوضاع واحتواء الأزمات الاجتماعية، بعد ارتفاع محاولات الانتحار حرقا -على طريقة التونسي محمد البوعزيزي- منذ بداية الأسبوع إلى ثمان حالات احتجاجا على الأوضاع المعيشية المزرية. وتفيد مصادر إعلامية جزائرية عن فتح تحقيقات أمنية حول ما وصفته جريدة الشروق الجزائرية المقربة من المخابرات العسكرية ب"تورط أطراف تبث سعيها إلى الاستثمار في شريحة تلاميذ الأقسام النهائية بالثانويات والمترشحين لشهادة البكالوريا لإثارة الاحتجاجات مجددا من خلال دفع هذه الفئة للخروج الى الشارع". وأوردت جريدة الخبر عن مصادر وصفتها ب"المطلعة" قولها إن "التعليمات جاءت بلهجة التحذير من تكرار سيناريو أحداث الشغب والانتحار حرقا بالنار الذي تكررت مشاهده خلال أقل من أسبوع بشكل مقلق". ولوحظ خلال المدة الاخيرة تواجد مكثف لعناصر الشرطة أمام المقرات الرسمية وعلى جوانب الشوارع بالعاصمة وضواحيها. وتأتي هذه التعزيزات الامنية للحيلولة دون وقوع حوادث عرضية بعد أيام من احتجاجات اشتبك خلالها الشباب مع قوات الأمن، وكذا مخافة وقوع تفجيرات عبر سيارات مفخخة بعد عمليات السرقة والسلب التي شملت مواطنين وشركات بيع سيارات خلال الاحتجاجات الأخيرة" حسب ما ذكره مصدر لموقع الجزير. وكان الشارع الجزائري قد شهد خلال الآونة الأخيرة احتجاجات عنيفة ووجهت بقمع شرس قبل أن تخمد عبر إجراءات حكومية في دعم أسعار السكر والزيت والتي وصفت ب"الحلول الترقيعية". وأفادت الشروق عن ذات المصادر الأمنية ب "وجود معلومات مؤكدة تفيد بوجود أطراف تسعى إلى لعب ورقة طلبة الأقسام النهائية، والسعي لاستغلال حلمهم في الحصول على شهادة البكالوريا، للدفع بهم للخروج إلى الشارع"، متهمة رجال التعليم ب"المتورطين والمحرضين عبر السعي في اتجاه تحريك التلاميذ". وتأتي هاته المستجدات في سياق حراك سياسي بدا ملحوظا على الساحة الجزائرية، بعد ان دعا حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الجزائري، في محاولة لتكسير قانون الطوارئ، إلى تنظيم مسيرة في العاصمة الجزائرية التي رفضت وزارة الداخلية الترخيص لها ذلك بموجب قانون منع المسيرات. وشاءت جريدة الشروق أن تكون ناطقا رسميا باسم القوات العمومية حين علقت على دعوة سعيد سعدي إنما القصد منها "استفزاز الأمن، والدفع به لاستخدام القوة والهروات، أملا في التقاط عدسات وكاميرات الإعلام الوطني والأجنبي على الخصوص صورا وتسجيلات"، تجعل حزب دكتور الأمراض العقلية، يستغلها كورقة ضد الجزائر في الخارج وخدش الديمقراطية وإلحاق تهم جديدة بالنظام كالاعتداء على حقوق الإنسان، وهو الذي اعتاد طرق أبواب السفارات الأجنبية ليشتكي من نظام بلاده غداة "أخطائه في فهم المجتمع"، تضيف الجريدة. من جهة أخرى، قال رئيس الحكومة الجزائري السابق أحمد بن بيتور لجريدة الخبر بأن "النظام القائم حاليا أمام خيارين لا ثالث لهما: إما ترك الأمور تتدحرج نحو انفجار وشيك، أو اختيار طريق الانفتاح في أسرع الآجال الممكنة. وقال بن بيتور إن السلطة الحالية ''كسرت حتى المؤسسات التي يفترض أن تكون في صالحها، فما بالك بالمؤسسات المعنية بالمواطن''، وهو ما اعتبره من أسباب انهايارها الوشيك للسلطة، لذلك يجدد الدعوة ل''تحالفات إستراتيجية تلتف حول مبدأ التغيير والآليات لتحقيقه''. وأوضح بن بيتور معلقا بأن الوضع القائم ''يحتاج لضغط من المجتمع المدني بصفة قوية ومتواصلة''، ثم ''إجماع قوى التغيير على إنشاء تحالفات استراتيجية''، وثالثا: ''وجود عامل محرك''. وعاد بذلك إلى الأحداث الأخيرة التي عرفتها الجزائر وقال: ''كان فيها محرك وهو الوضع الاجتماعي، ثم حدث ضغط لمدة بضعة أيام''، لكن الذي لم يكن موجودا هو: ''أنه لم تكن هناك تحالفات إستراتيجية بين قوى التغيير''