طالبت خمس منظمات حقوقية ونقابية في الجزائر بإطلاق سراح المعتقلين في الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت ضد غلاء المعيشة في البلاد منذ الاسبوع الماضي، في وقت يسود فيه الهدوء الحذر المناطق التي شهدت اشتباكات بين الشرطة والمحتجين وذكرت مصادر إعلامية أن موجة الاعتقالات والإحالات السريعة إلى محكمة الجنايات بتهمة الإخلال بالأمن العام قد تصاعدت. وقال عضو الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان رحمون عيسى مساء الاثنين، إن الرابطة تلقت إفادات من المحامين عن المعتقلين بوقوع انتهاكات بحق موكليهم، وإنهم تعرضوا للتعذيب، مضيفا أن الرابطة ستعمل على تشكيل فريق للدفاع عن المعتقلين. وفي وقت سابق اتهم نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة علي بلحاج الأنظمة التي وصفها ب"الفاسدة المفسدة والفاقدة للشرعية بالتحالف مع قوى أوروبية وأميركية وإسرائيلية للبقاء في الحكم". وأكد أنها المسؤولة عن الأحداث التي شهدتها الجزائر وتونس منذ أيام. ودعا بلحاج الحكومتين الجزائرية والتونسية إلى إطلاق المعتقلين على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية، وإطلاق "حوار سياسي جاد لا يستثني أحدا". وكشف بلحاج أنه سيمثل أمام قاضي التحقيق في 19 من يناير/كانون الثاني الجاري، بعدما وجهت له أجهزة الأمن الجزائرية تهمتين وصفهما بأنهما "سياسيتان"، نافيا أن تكون الحركة الإسلامية وراء الأحداث التي تشهدها الجزائر وتونس منذ أيام. وكان الأمن الجزائري قد اعتقل بلحاج الأربعاء الماضي بعد إلقائه كلمة أمام جمع من المتظاهرين في حي باب الواد بالجزائر العاصمة، بالتزامن مع بدء الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في أكثر من مدينة في الخامس من يناير/كانون الثاني الجاري. وقالت مصادر رسمية إن عدد الموقوفين بلغ 1100 شخص خلال الاحتجاجات التي استمرت خمسة أيام وخلفت خمسة قتلى و800 جريح وأضرارا مادية جسيمة. وذكر نائب رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان نور الدين بني يسعد إنه "سيتم إطلاق سراح المراهقين بسرعة بعد استدعاء آبائهم، لكن الراشدين سيحالون على القضاء، والذين يدانون بارتكاب أعمال عنف وتخريب قد يسجنون لمدة سنتين". وعادت المحلات التجارية أمس الاثنين إلى العمل بصورة عادية في كل أرجاء البلاد، كما عاد التلاميذ إلى مقاعد الدراسة، رغم أن بعض المدارس تعرضت لأضرار جسيمة، حسبما نقلته شهادات عدة. وكان وزير التجارة الجزائري مصطفى بن بادة ترأس اجتماعا مستعجلا الأحد مع أهم أصحاب القرار في المجال الاقتصادي لمناقشة تحديد سعر أهم المواد الغذائية الأساسية. ووعدت الحكومة السبت الماضي -بعد انعقاد مجلس وزاري- بتخفيض الأسعار ومواصلة دعم السلع والخدمات الأساسية، كما أعلنت إعفاء منتجي ومستوردي وموزعي السكر والزيت من دفع الرسوم والضرائب، وذلك لمدة ثمانية أشهر. وقد تراجعت الاحتجاجات في كل أرجاء البلاد، ودارت مواجهات محدودة في مناطق مثل باش جراح شرقي الجزائر العاصمة، لكنها سرعان ما توقفت. وتلقت قوات الأمن المنتشرة بكثرة تعليمات "لتفادي أي تجاوزات" حسب وزير الداخلية دحو ولد قابلية، الذي أوضح أن "أغلبية الجرحى هم من قوات الأمن". ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن وزير الداخلية الأحد قوله إن "الصفحة طويت"، رغم حدوث بعض المناوشات المعزولة في محافظات بومرداس (وسط) وبجاية (شرق) وتلمسان (غرب). وأكد أن "الأوضاع تعود تدريجيا إلى طبيعتها". وقال ولد قابلية أيضا إن السلطات "بدأت إصلاح ما يمكن إصلاحه والأولوية للمدارس وكل المباني العامة". مضيفا أن الأضرار التي سببها المتظاهرون "هائلة". وقالت صحف جزائرية الاثنين إن حوالي سبعين مؤسسة تعليمية تضررت، إلا أن مصدرا في وزارة التعليم قال لصحيفة "الوطن" إن الدوام المدرسي بدأ ينتظم منذ الأحد الماضي. ودمرت مبان رسمية عدة خلال الاحتجاجات وأحرق بعضها، لكن الخسائر النهائية لم تعرف بعد، بينما تعرضت محال تجارية للنهب.