توجد المرأة الجزائرية، حسب معطيات و أرقام شبكات جمعوية في وضعية جد صعبة، جراء افتقار الجزائر لخطة وطنيةمن أجل إدماج المرأة الجزائرية بشكل فعلي و فعال في الحياة اليومية... غياب إرادة حقيقية النصف الآخر من المجتمع ساهم في تنامي العنف ضد هذا النصف الذي بات يعاني أشكال عدة من مظاهر العنف و "الحكرة " بالتعبير الجزائري. نقل الجزء الثاني لكتاب العنف ضد المرأة شتنبر 2010 لشبكة ''بلسم'' أرقام مقلقة حول تنامي مختلف أشكال العنف سيما ما يعرف ب ''العنف الإداري، الاقتصادي الاجتماعي'' التي تعرضت لها النساء الجزائريات منذ بداية السنة الجارية مسجلة 546 حالة عنف، 86 بالمائة منها تخص العنف النفسي، يليها العنف الجسدي ب 68 بالمائة، يتبعهما كل من العنف الاقتصادي والاجتماعي وكذا العنف الجنسي ب 56 بالمائة و35 بالمائة على التوالي لتبقى بهذا الأرقام غير دقيقة ومرتفعة بالضعف مقارنة بتلك المسجلة في الفترة نفسها من سنة 2009 التي لم تتجاوز ال 147 حالة• في هذا الإطار أكد التقرير أن المئات من النساء يتعرضن يوميا لسوء المعاملة سيما اللفظية منها التي تلحق بها ضررا نفسيا جسيما وتدفع العديد منهن إلى حافة الجنون أو الانتحار• ويعتبر المختصون العنف النفسي الأكثر انتشارا بالنظر إلى طبيعة الأفعال والضغوطات التي تتعرّض لها المرأة سيما داخل بيت الزوجية، إذ تصنف شبكة وسيلة لمراكز الاستماع المنتشرة عبر التراب الجزائري العديد من الممارسات في خانة العنف النفسي الذي قدرت عدد حالاته منذ بداية السنة الجارية ب 469 حالة تتصدرها قضايا السب والشتم ب 72 بالمائة أي ما يعادل 393 حالة، تليها على التوالي قضايا التهديد والتهديد بالقتل ب 286 و158 حالة، إضافة إلى العديد من حالات التحرشات والتهديدات بتفجير بيت الزوجية، بالمقابل تعترف مختلف الجهات الناشطة في هذا الميدان في الجزائر بأن العدد الحقيقي لضحايا هذا النوع من العنف يفوق العشرة أضعاف هذا العدد باعتبار أن أغلب من نصف النساء الجزائريات هن ضحايا سوء المعاملة سواء من المقربين منهم أو من غرباء كون أن المجتمع الجزائري مجتمع ذكوري بالدرجة الأولى لا يملك ثقافة احترام الطرف الآخر الضعيف بطبعه• ولعل شهادات بعض النساء خير دليل على ذلك، تقول السيدة فاطمة، وهي أم لأربعة أطفال، بأنها تعرّضت على يد زوجها لمختلف أنواع العنف النفسي من تهديد وتجويع، الأمر الذي تسبب في إصابتها بانهيارات عصبية استلزمت دخولها مصلحة الأمراض العقلية والعصبية، مضيفة بأن زوجها أخذ مرضها ذريعة ليطلب الطلاق منها كي يتزوج• هذا وتفيد التقارير الصادرة عن مكتب التوثيق في الجزائر ضمن الجزء الثاني لكتاب ''العنف ضد المرأة'' ارتفاع ضحايا العنف الجسدي إلى 371 حالة مقارنة بالسنة الماضية، كما بينت تلك الإحصائيات أن 89 في المائة من أعمال العنف ضد النساء ترتكب من قبل الأزواج، الأمر الذي يعكس مدى هشاشة الأسرة وفشل المجتمع في بناء نشء سليم• وتمثل شكاوى التعرض للجروح والكدمات وحتى الكسور التي تلقتها مراكز الاستماع، القضايا الأولى التي تمس النساء بنسب تفوق ال 64 بالمائة ما يعادل 412 حالة• وفي سياق متصل، لا تقتصر السلوكات المؤذية التي يقوم بها الزوج ضد زوجته على الخطف بل أصبحت تقترن أيضا بالحجز داخل بيت الزوجية لإذلال الزوجة وإرغامها على عدم التبليغ• ففي السياق ذاته، تلقت شبكة ''بلسم'' 70 اتصال من نساء محتجزات نصفهن رفضن الإفصاح عن مكانهن بسبب الخوف، بينما تعرّضت 51 أخريات لمحاولة القتل نتيجة تمادي الزوج في إلحاق الأذى والضرر بها• ويرى القائمون على شبكة ''بلسم'' بأن التصرفات التي يقوم بها الرجل تهدف إلى إخضاع المرأة لإرادته من خلال ظلمها وإذلالها وإكراهها على القيام بأعمال لا ترغب القيام بها، مستعينة بتصريحات عدد من النساء ضحايا العنف . استفحال العنف بكل أنواعه في المجتمع الجزائري أدى إلى ظهور أنواع جديدة، حيث يشمل هذا الصنف من العنف، وفق تقرير العنف الاقتصادي والاجتماعي الذي يمثل 56 بالمائة من مختلف أنواع العنف لارتفاع عدد الحالات المسجلة فيه إلى 308 حالة الذي يقوم من خلاله الزوج بمنع الزوجة وحرمانها من التصرف بالمال حتى لو كان مالها الخاص ومنعها من معرفة كمية الدخل العائلي ومحاسبتها على كل ما تصرفه، إضافة إلى عزل الزوجة اجتماعياً، ويشمل منعها من الاتصال بالآخرين أو الاحتكاك بهم• ودق القائمون على شبكة ''بلسم'' ناقوس الخطر من التفشي الكبير لهذا النوع من العنف داخل المجتمع الذي يمس بكثرة المتزوجات بالفاتحة بنسبة 89 في المائة والمطلقات ب 73 بالمائة، حيث تحتل قضايا تملص الزوج من تسديد نفقات الاحتياجات اليومية لزوجته وأبنائه المراتب الأولى بإحصاء 161 قضية، زيادة على تسجيل 130 حالة رفض تسديد مصروف توفير المواد الغذائية بالمنزل• وفي موضوع ذي صلة بينت حوصلة الدراسة التشخيصية لاستفحال العنف ضد المرأة في الجزائر المطروحة ضمن الجزء الثاني من الكتاب، بأن 77 بالمائة من النساء اللواتي تعرضن للإساءة اللفظية والجسدية لا يعملن، كما أن أعمارهن تتراوح بين 30 و34 سنة، فيما خلصت الدراسة نفسها إلى الفئة الأكثر عرضة للعنف تشمل النساء المتزوجات، مستدلة في ذلك بالحالات التي تلقتها مراكز الاستماع التي وصلت إلى 317 حالة اشتكت من الضرب والتخويف اليومي على يد زوجها، وهو ما يمثل 65 بالمائة من مجموع الحالات، بينما تأتي في المرحلة الثانية النساء العازبات بنسبة 23 بالمائة، أكثر من نصفهن يعانين من سوء معاملة الخطيب، لتحل في المرتبة الثالثة المطلقات المتضررات، وبكثرة، من العنف الاقتصادي والاجتماعي بسبب رفض أزواجهن السابقين الالتزام بتسديد النفقة وما ينتج عنها من مشاكل بين الطرفين تصل في الغالب إلى حد الانهيال على الزوجة المطلقة بين الضرب• كما رفع التقرير مشكل آخر يتعلق برفض نحو 62 بالمائة من الضحايا المتصلين الإفصاح عن عناوينهم بسبب الخوف، الأمر الذي يعيق -حسب القائمين على الشبكة- من توفير لهم الدعم اللازم قصد التخفيف من معاناتهم • هذا ويشكل العنف الإداري في الجزائر آفة خطيرة لنتائجه الخطيرة التي تنعكس بالدرجة الأولى على الأبناء بالنظر إلى أن 79 بالمائة من النساء المتضررات من هذا النوع تزوجن بالفاتحة ليجدن أنفسهن في آخر المطاف أمام أزواج إما يهربون إلى ولايات أخرى كوسيلة لرفضهم ترسيم ذلك الزواج أو آخرين يرفضون الاعتراف بنسب الأبناء، وبالتالي رفض التكفل بنفقاتهم، كما جاء في الجزء الثاني من الكتاب التقييمي لظاهرة العنف، أن منع الزوجة من العمل عن طريق الضرب يأتي في المرتبة الثانية في مصنفات العنف الإداري، زيادة على تزوير وسرقة هوية الزوجة بغرض حبسها مع استعمال هوياتها في أغراض مخالفة للقوانين• و من جهة أخرى، وحسب معطيات بالمكتب الوطني لحماية الطفولة وجنوح الأحداث والنساء ضحايا العنف بمديرية الشرطة القضائية في الجزائر، أن أزيد من 7500 امرأة تعرضت لمختلف أشكال العنف خلال العشرة أشهر الأولى من سنة 2010 على الصعيد الوطني حسب معطيات من مصالح الشرطة القضائية. و في هذا المقام، أكّدت مسعودان المكلفة بالمكتب الوطني لحماية الطفولة وجنوح الأحداث والنساء ضحايا العنف بمديرية الشرطة القضائية في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية أنه من بين النساء ضحايا العنفهناك 9 تعرضن للقتل العمدي و1753 أخريات تعرضن للمعاملة السيئة. وأوضحت أن أغلبية عمليات القتل العمدي ارتكبت على مستوى العائلة وأن 5 من بين 9 قتلن من طرف أزواجهن بعد ''خلافات زوجية أو عائلية''. وارتكبت الحالات الأربع المتبقية لأسباب مختلفة من طرف الأب والبنت وزوجة الأب والصهر أو من طرف أجنبي. وأوضحت مسعودان عشية إحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، أن أعمار النساء اللواتي تعرضن للعنف تتراوح بين 18 و75 سنة، وهناك 4183 منهن متزوجات و2033 عازبات و726 مطلقات و494 أرامل، في حين لم تحدد الوضعية العائلية ل110 منهن. وبالنسبة للوضعية الاجتماعية والمهنية لهؤلاء النساء ضحايا العنف، أوضحت مسعودان أن 5060 من المجموع الإجمالي ماكثات بالبيت (دون عمل) و1257 موظفات و373 طالبات و54 إطارات سامية و69 متقاعدات. وأضافت أن مرتكبي أعمال العنف البالغ عددهم 7743 وهم أزواج وعشاق أو خطاب وإخوان وأقارب وآباء خضعوا لإجراءات قضائية. ويحتل الأزواج المرتبة الأولى في مجموع هؤلاء المعتدين ب1805 حالات متبوعين بالإخوة الذين مارسوا أعمال عنف ضد إخواتهم ب426 حالة وبنات اعتدين على أمهاتهن ب607 حالة، مشيرة إلى أن العنف ضد الأقارب ''ازداد حدة''. وأشارت مسعودان إلى أن المدن الكبرى تسجل أكبر عدد من حالات العنف ضد النساء، مضيفة أن الجزائر تأتي في المرتبة الأولى ب1502 حالة متبوعة بوهران ب622 حالة والمسيلة التي سجلت 243 حالة. وأضافت أن جميع الولايات تعرف ظاهرة العنف ضد النساء بما فيها مدن الجنوب على غرار ورفلة ب128 حالة.