أحدث قانون المالية التكميلي الجزائري الصادر قبل حوالي شهر انقساما في صفوف الشركات الدولية والمحلية. ففي الوقت الذي يبدي فيه بعض المستثمرين قلقا لاعتقادهم بأن القانون الجديد يرفع شبح الحمائية، تدافع الحكومة الجزائرية عما تصفه بجهود "تنظيف" الاقتصاد. ومن جهتهم يقول المنتقدون إنه بحظر الانتقال الحر للواردات وفرض امتلاك شركاء جزائريين لحصة الأغلبية في أي استثمار أجنبي ومنح الدولة نفسها الحق في إعادة شراء حصص الشركات الخاصة، فإن الدولة تصبح شريكا اقتصاديا لا مفر منه. صلاح موهوب، المتخصص في الاقتصاد، دافع عن هذه السياسة مصرحا أن الإجراءات "هي بمثابة تحذير للشركاء الأجانب وإظهار أنه يمكنهم القيام بالأعمال في الجزائر، لكن لا مجال للمضاربة على حساب الاقتصاد الجزائري". وأضاف "الجزائر بلد نام لا يمكنه أن يكون مجرد متفرج في الوقت الذي تتسرب فيه الرساميل الخاصة بمعاملات داخل حدوده خارج البلاد. فمن الطبيعي أن تتدخل الدولة". في حين يرى عبد الحق لعميري المتخصص في علم الاقتصاد أن "الأدوات والأساليب المستخدمة لحماية الاقتصاد غير مناسبة". ويشير على سبيل المثال إلى منح 51 في المائة للفاعلين الجزائريين وهو ما يعتبره غير مبرر. وأوضح لعميري "مميزات الاقتصاد الجزائري تتطلب منا تحفيز العرض وليس الطلب". بعض البلدان الأجنبية أعربت هي الأخرى عن تحفظها إزاء القانون. كزافيي درينكور، السفير الفرنسي إلى الجزائر، قال في تصريح صحفي يوم 16 سبتمبر "علي الاعتراف بأن هذا القانون معقد". وأضاف أنه بسبب مشاكل مع قانون المالية التكميلي، فإن الشركات التي كانت مهتمة بالاستثمار والدخول في شراكات مع شركات جزائرية هي الآن مترددة في ذلك. نائبة وزير الشؤون الاقتصادية البافارية كاتجا هيسل أكدت وجهة نظر السفير الفرنسي بأن القانون الجديد قد يثني المستثمرين المحتملين عن إبرام شراكات جزائرية. وقالت "قانون المالية 2010 له بعض الآثار السلبية على استثمارات الشركات الألمانية النشطة أصلا في الجزائر". قادة الأعمال الجزائريون أنفسهم أعربوا عن مخاوفهم. عبد الرحمن مهني رئيس اتحاد الصناع والمنتجين الجزائريين قال لمغاربية "لو تمت استشارتنا لكان محتوى هذا القانون الجديد أقرب لما نريده". كما وضعت كوفاس وهي شركة للاستشارة في مجال الاستثمارات التجارية الجزائر في تصنيف سلبي بسبب ما اعتبرته تدهورا في مناخ الأعمال. لكن هذا ليس رأي كل المستثمرين. فيبدو أن القانون الجديد لا يزعج الأمريكيين والكنديين والروسيين. ولا أدل على ذلك من زيارة حوالي 50 قائد أعمال أمريكي إلى الجزائر العاصمة هذا الأسبوع لاستكشاف الفرص الاستثمارية بالبلاد وحضور اجتماع لمجلس الأعمال الأمريكي الجزائري. إسماعيل شيخون رئيس المجلس صرح يوم 23 سبتمبر "قاعدة 51/49 ليست عائقا بالنسبة للفاعلين الاقتصاديين الأمريكيين. بالنسبة لهم هذا القانون ليس جديدا. فقد تعودوا على مثل هذه الإجراءات السارية أصلا في الشرق الأوسط. ففي هذه البلدان، يتحتم على أي شركة أجنبية الدخول مع شريك محلي". فيما نفى وزير المالية الجزائري كريم جودي الذي خاطب ممثلي الأعمال الأمريكيين يوم 29 سبتمبر أنه يسعى إلى إغلاق الاقتصاد الجزائري. وأكد خلال مقابلة مع الإذاعة الوطنية حول السياسة الجديدة "هذا لا يعتبر إغلاقا. الجزائر تقوم بتقنين وترتيب اقتصادها وتفعيل القوانين شأنها شأن عدد من البلدان". مغاربية