المخرج نبيل لحلو سينمائي مغربي مشاكس ظل وفيا لسرياليته الساخرة "لم أخرج أبداً عن العالم السريالي الساخر الذي تعاطيته في المسرح، وعندما تحولت إلى السينما احتفظت بذلك الأسلوب الذي يرمي إلى تحطيم الصورة التقليدية التي نشأ وكبر فيها المسرح المغربي.. في أفلامي حاولت المحافظة على أسلوبي المسرحي، أي الوصول إلى الجمهور عن طريق جو ساخر وسريالي حتى لا أسقط في "المباشرة" التي أعتقد أن المتفرج ملها منذ سنوات، وهو أسلوب مناورة، مثل كرة القدم، مع الرقابة التي تفهم المواقف في الأفلام المباشرة التقليدية، وهذا لا يعني أنني أتهرب من الواقع". سينمائي تجريبي قريب من اللامعقول جاء نبيل لحلو إلى السينما من عالم المسرح، فهو مؤلف وممثل ومخرج، قدم بأسلوب تجريبي ، يقترب من " اللامعقول "، العديد من التجارب المسرحية، منها "أو فيليا لم تمت "، وهي المسرحية التي سيوظف السينمائي المغربي المشاكس بعض مشاهدها في فيلمه التحفة " إبراهيم ياش" الذي أنتج المنتج سنة 1983. فيلمه "إبراهيم ياش" صنف فور خروجه إلى القاعات السينمائية المغربية بأنه ينتمي إلى ما يطلق عليه بعض النقاد السينمائيين بسينما الفانتستيك أو "الفانطازيا"، وتعني كلمة "ياش" وهي كلمة تنتمي إلى الدارجة المغربية القحة إذا ما تمت ترجمتها إلى العربية الفصحى فهي تعني ماذا؟ اعتمد المخرج نبيل لحلو في فيلمه "إبراهيم ياش" من حيث لغة الحوار العربية الفصحى التي يتحدث بها جميع أبطال الفيلم، وهكذا اختار نبيل لحلو عنوانا "محليا" لفيلم ينجح في أن يجعل أبطاله يتحدثون بلغة عربية صحيحة ومفهومة، ينسجها نبيل لحلو على نحو درامي سلس . "القنفودي"... كان أول الغيث وتبعته أفلام أخرى ولد نبيل لحلو سنة 1945 بمدينة فاس ودرس الفن الدرامي بمدرسة "شارل دولان" وفي جامعة مسرح الشعوب بفرنسا، في بداية سنوات السبعينات سيدرس نبيل لحلو مادة المسرح لطلبته في الجزائر كما تعاون مع المسرح الوطني الجزائري. بعد عودته إلى المغرب سيواصل نبيل لحلو كتابة وإخراج مسرحياته باللغة الفرنسية والعربية كما سيتجه أيضا إلى السينما، وتتميز سينما نبيل لحلو بكونها سينما خاصة، بحيث اعتمد في إنتاج معظم أفلامه على إمكاناته وقدراته الذاتية. أنتج نبيل لحلو وأخرج نصوص سينماه بنفسه ولعب الدور الرئيسي في معظمها. اخرج نبيل لحلو خلال مسيرته السينمائية المشاكسة سبعة أفلام ، كان آخرها فيلم "ثابت أو غير ثابت" عن قضية رأي عام عن الكوميسير ثابت. أخرج نبيل لحلو هذا المخرج المشاكس كما يحلو للعديدين نعته، وهم في معظمهم من المنتسبين للحقل السينمائي المغربي، أربعة أفلام في الثمانينات، هي "الحاكم العام" سنة 1980، و"إبراهيم ياش" سنة 1984، و"نهيق الروح" سنة 1984، و"كوماني" سنة 1989، وكان أول أفلامه التي وقع عليها هو فيلم "القنفوذي" سنة 1978، وفي سنة 1992 أخرج فيلم "ليلة القتل"، وفي سنة 2002 سيخرج فيلم "سنوات المنفى".
في "ثابت أو غير ثابت".... تبرز شهوة اختلاس الفرجة واستراق السمع إلى رجال النفوذ في فيلمه الصادم "ثابت أو غير ثابت"، آخر إبداعاته السينمائية على ما اعتقد، تناول المخرج المسرحي نبيل لحلو قضية رأي عام، وبأسلوب فانطازي يمتح مرجعيته وكما عودنا دائما على أسلوبه السينمائي المتفرد الذي ظل وفيا له الأسلوب التجريبي القائم على التغريب. يستعيد فيلم "ثابت أو غير ثابت" فضيحة ضابط المخابرات العميد مصطفى ثابت التي تعود إلى مطلع التسعينيات، وهي قضية المسؤول الأمني المتورط في جرائم اعتداءات جنسية، وظفها المشاكس نبيل لحلو كذريعة موفقة لمحاكمة المجتمع، ومسرحة السرد السينمائي. تزداد الإثارة كلما كان بطل الفضيحة نجماً من نجوم الفن أو السياسة، حوكم "ثابت" ثم أعدم بعد أن أدانته المحكمة بتهمة هتك عرض عدة نساء عن طريق العنف والاغتصاب في حق نساء مع تصويرهن على أشرطة مخلة بالآداب والأخلاق، مستخدماً التهديد بالسلاح مرة وسطوة المنصب السلطوي مرة أخرى. المخرج نبيل لحلو أعاد الشخصية المثيرة للجدل إلى الحياة في "ثابت أور نوت ثابت" الذي أول ما عرض، عُرض على شاشة مسرح محمد الخامس في مدينة الرباط، وسط احتجاجات أرملة العميد التي كانت قد هددت في وقت سابق بمقاضاة المخرج أمام المحاكم المغربية إذا تعرض بالسوء أو بالخير لقصة زوجها. نبيل لحلو مشخصا للسينما المغربية نبيل لحلو ذاك المخرج المغربي العصي عن التطويع، المشاكس الذي يرفض الانسياق أو الارتماء في أحضان جوقة مخرجي الموجة السينمائية الحالية التي تستفيد اليوم من المال العام عبر صندوق دعم الإنتاج السينمائي في المغرب لتصنع أفلاما على المقاس "على قد الحال"، هو نفسه نبيل لحلو الذي كثيرا ما أزعج وأغضب زملائه في حرفة السينما، من مخرجين ومنتجين وممثلين سينمائيين، بخرجاته الإعلامية المزلزلة وتصريحاته الصحفية النارية، فكثيرا ما يردد هذا المخرج المشاكس عبارته الشهيرة " اليوم كلشي ولا كيدير السينما". غير أن هذا الرجل يحسب له، انه كان من السينمائيين المغاربة القلائل الذين أعطوا توصيفا دقيقا وأكثر واقعية لأفلام المخرجين المغاربة، عندما صنف المنجز السينمائي إلى ما يسمى بأفلام "السينما" وفي هذا التصنيف، حسب رأيه "كلشي كيدير السينما"، وصنف أفلام "الفن السابع". ولعل في هذه المفارقة السينمائية التي يقصدها نبيل لحلو، تتمظهر أزمة السينما المغربية، وهو ما يؤكده نبيل لحلو في قوله: مأساة السينما المغربية هي أن معظم المخرجين المغاربة يتساقطون بمظلات على "الفن السابع" بلا ذاكرة بصرية أو وعي سينمائي أو حمولة ثقافية!! سعيد فردي ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر عند الاستفادة